أشارت دراسة جديدة اعتمدت على مواقع المثيلة للحمض النووي DNA إلى أن العمر البيولوجي للفئران وكذلك للخلايا البشرية يمكن أن يتغير استجابةً للإجهاد.

الإجهاد باختلاف أوجهه -مثل أحداث الطفولة السيئة أو الإجهاد النفسي- مرتبط بالشيخوخة البيولوجية الخلوية المتسارعة. وأضافت دراسة نشرت في يوم 21 أبريل 2023 في الاستقلاب الخلوي، دليلًا على أن التعرض للمنبهات المجهدة يُقدّم الساعة البيولوجية، وأشارت أيضًا أنه بمجرد تعافي المرء من الإجهاد فإن التأثير قابل للعكس.

توصل الباحثون إلى هذا الاستنتاج بناءً على تجارب أجريت على الفئران وبيانات أخذت من البشر الذين خضعوا لعمليات جراحية أو من نساء حوامل وكذلك المرضى الذين أصيبوا مسبقًا بفيروس COVID-19.

حُسب عمر الأفراد بحسب مواقع مثيلة الحمض النووي، إذ تُقيّم مستويات المثيلة في كامل الجينوم، ويقيم الجيل الجديد بعض جوانب الحالة الصحية من المواقع الأكثر تعقيدًا.

قال دانيال بيلسكي عالم الأوبئة في كلية مايلمان بجامعة كولومبيا: «يوجد عدد قليل جدًا من الدراسات التي نظرت في هذه المواقع قبل التدخل وبعده، وتجميع البيانات قبل قياس مجموعة كبيرة من التدخلات وبعدها، يمثل خطوةً قويةً جدًا في هذا المجال».

من الجدير بالذكر أن بيلسكي لم يشارك في هذه الدراسة إنما راجعها وذلك لتعاونه المستمر دون أي صلة مع بعض مؤلفي هذه الدراسة.

قاد هذه الدراسة كلٌ من فاديم غلاديشيف الباحث المختص بالشيخوخة في كلية الطب بجامعة هارفرد، وجيمس وايت عالم الأحياء في كلية الطب بجامعة ديوك.

استخدم الباحثان تقنية جراحيةً لأول مرة تدعى بالتعايش الالتصاقي، وهو عمل جراحي ينتهي بتخليق توأم ملتصق لاثنين من الكائنات الحية بطريقة صناعية فيشتركان بالدورة الدموية.

وجدا أن إقران الفئران الصغيرة بعمر ثلاثة أشهر مع الفئران الكبيرة بعمر 20 شهرًا زاد العمر البيولوجي للفئران الصغيرة بناءً على مواقعها غير الجينية ونسخها وعضويتها. ومع ذلك، انعكس تأثير الجراحة بعد فصل الفئران.

صرح وايت قائلًا: «إن النتيجة الرئيسية هي عكس الشيخوخة غير الجينية بعد الفصل، وهذا الأمر الذي لا يصدق كثير من الناس إمكانية حدوثه، وأزعم أنه بمجرد صعودنا أول درجة في سلم هذه العملية لا يمكننا التراجع».

قرر وايت وغلاديشيف وزملاؤهم، بعد أن دفعتهم نتائج تجارب الفئران، اكتشاف أثر هذه العملية على البشر، فحللوا عمر مثيلة الحمض النووي لعينات الدم من أشخاص أصيبوا مؤقتًا بإجهاد أو إرهاق، سواء كانت هذه البيانات من نتائج الفريق أو أخذوها من نتائج سابقة متاحة. إذ أظهر المرضى الذين خضعوا لجراحة طارئة أو حمل أو إصابة شديدة سابقة بفيروس covid-19، زيادةً في عمرهم البيولوجي بناءً على قياس مواقع مثيلة الحمض النووي للجيل الجديد خلال الإصابة أو فترة الإجهاد، تلتها عودة إلى القيم الأساسية بعد انتهاء التحفيز.

ورغم ذلك، لم تؤدّ جميع حوادث الإجهاد لنفس النتيجة، إذ تفاوتت بين الأفراد، فلم يظهر المرضى الذين خضعوا لجراحة في الورك أو القولون والمستقيم وكذلك مرضى covid-19 نتائج الإجهاد، إذ يبدو أن لجنس المريض تأثيرًا مهمًا على النتيجة.

بالفهم السريري لنتائج هذه الدراسة، قال بيلسكي الذي صاغ أحد مواقع المثيلة المستخدمة في الدراسة: «نحن نجد أننا ما زلنا بعيدين جدًا، وتشير التوقعات إلى مستقبل يمكن فيه صياغة اختبارات أدق للمواقع غير الجينية، أو استنادًا لما جاءت به بيانات ضخمة تشبه النوع المستخدم لبناء تلك المواقع، وكذلك علينا أن نعتمد على نتائج المرضى الخاضعين لعمليات جراحية أو إجهاد لسبب طبي لقياس نجاح التعافي أو جعل التشخيص أكثر شموليةً على المدى البعيد».

كذلك توصل بيلسكي إلى خلاصة أنه قادر على استخدام هذه الاختبارات والبيانات لقراءة ومعرفة أشياء عن المرضى لا يمكننا قراءتها وفهمها اليوم.

اقرأ أيضًا:

وجد العلماء الدليل الأول على إمكانية عكس العمر البيولوجي!

دراسة أولية تقول: يمكن عكس العمر البيولوجي

ترجمة: المايا محمد علي

تدقيق: لين الشيخ عبيد

المصدر