اكتشف العلماء مؤخرًا نهرًا ضخمًا يجري تحت جليد أنتاركتيكا.

حينما يصل الأمر للتنبؤ بمقدار ذوبان جليد القطب الجنوبي، وبينما ترتفع درجة الحرارة العالمية، يجب على العلماء أن يبحثوا في كل المتغيرات.

يحتاج الباحثون إلى الأخذ بعين الاعتبار وجود نهر ضخم يمتد حوالي 460 كيلومترًا تحت الجليد. وبذلك يكون أطول من نهر التايمز الذي يعبر مدينة لندن في المملكة المتحدة. يقول الخبراء إن المجرى المائي وفروعه المكتشفة حديثًا لها القدرة على التأثير بشكل كبير على طريقة تحرّك الجليد فوقهم وذوبانه.

استخدم الباحثون مزيجًا من مسوحات الرادار الجوي التي ترصد ما تحت الجليد، إضافةً إلى نمذجة تدفق المياه. تحتوي المنطقة الكبيرة الخاضعة للاختبارات على جليد من جهتي الشرق والغرب للقطب الجنوبي، بالإضافة إلى المياه التي تجري باتجاه بحر ويديل.

يقول عالم الجليد مارتن سيجرت من جامعة إمبريال لندن في المملكة المتحدة: «هذه المنطقة المدروسة تحتوي على ما يكفي من الجليد لرفع مستوى سطح البحر عالميًا بمقدار 4.3 متر».

ويضيف: «ذوبان الجليد ومعدل سرعة ذوبانه مرتبطان بمدى انزلاق قاعدة الكتلة الجليدية. يمكن أن يؤثر النهر المكتشف حديثًا بقوة على هذه العملية».

لطالما عرف العلماء أن المياه تتدفق تحت الغطاء الجليدي. ويحدث هذا بطريقتين: الحرارة الأرضية والاحتكاك، قد يذوّبا الغطاء الجليدي من أسفل الجليدية، في حين أن الشقوق العميقة التي تسمى المولينات يمكن أن توجه المياه الذائبة السطحية إلى قاعدتها. يميل هذا إلى الحدوث أكثر في القطب الشمالي وجرينلاند، حيث يوجد تباين موسمي أوضح في سُمك الجليد.

أظهرت دراسة جديدة على القارة القطبية الجنوبية أن لمعدل الذوبان في قاعدة الغطاء الجليدي القدرة على تشكيل الأنهار. يمكن هذه القنوات ذات الضغط العالي والمياه العذبة تسريع عملية ذوبان الجليد فتصبح قاعدة الجليد أقل استقرارًا عند نقطة التقائها بالبحر.

بينما نتقدم في عملية قياس كمية الجليد التي تذوب في القطبين الشمالي والجنوبي، فإن العمليات المسببة لذلك ما تزال معقدة. تمنحنا الاكتشافات المشابهة لهذه فهمًا أفضل للعمليات الأساسية منها، مما يعني إمكانية إنشاء تصوّرات أكثر دقة لذوبان الجليد في المستقبل.

يقول عالم الجليد نيل روس من جامعة نيوكاسل في المملكة المتحدة: «أُجريت دراسات قديمة حول احتكاك حواف الصفائح الجليدية مع مياه المحيطات لتعريف مفهوم الذوبان. لكن اكتشاف نهر طوله مئات الكيلومترات أسفل الجليد يبين أننا لا نستطيع فهم هذه العملية تمامًا دون النظر إلى النظام بأكمله: الغطاء الجليدي والمحيطات والمياه العذبة».

يقول الباحثون إنه إذا استمرت معدلات الذوبان في القطب الجنوبي بالارتفاع، وكان الصيف دافئًا بما يكفي للتسبب بذوبان سطحي ومولينات، فقد يكون لذلك تأثير كبير على الأنهار المخفية الموجودة بالفعل، ما قد يجعل الغطاء الجليدي أكثر موسمية، كما هو الحال مع جرينلاند.

قد تؤدي كل هذه العوامل إلى حلقات تأثير متكررة حيث يؤدي الذوبان نفسه إلى معدلات أعلى لفقدان الجليد. إحدى الطرق التي يمكن أن تسبب ذلك تدفق المياه العميقة التي تحرك الجليد أسرع فوق الأراضي الجافة، ما يخلق المزيد من الاحتكاك والذوبان.

يريد الفريق القائم على الدراسة استخدام التقنيات المنتشرة هنا في أجزاء أخرى من القارة لمعرفة ما قد يجهله العلماء أيضًا، مع احتمال حدوث تأثيرات غير مباشرة على بعد نحو 100 كيلومتر على جانبي الأنهار الرئيسية التي تتدفق تحت الجليد.

يقول سيجرت: «عندما اكتشفنا البحيرات الواقعة تحت جليد القطب الجنوبي قبل عقدين من الزمن، ظننا أنها معزولة عن بعضها بعضًا. والآن بدأنا نفهم وجود أنظمة متكاملة في الأسفل، مرتبطة فيما بينها عبر شبكات نهرية هائلة، كأن آلاف الأمتار من الجليد لا تقبع فوقها».

اقرأ أيضًا:

دراسة جديدة تظهر تسارعًا في ذوبان أحد أكبر الأنهر الجليدية في العالم

العثور على كميات ضخمة من المياه تحت جليد القطب الجنوبي

ترجمة: ساره الحمصي

تدقيق: أنس ديب

المصدر