يبدو أن كوكب أورانوس المسكين مكتوب عليه الشقاء، فشيء ما غير مداره فأصبح متعامدًا مع الكواكب الأخرى، وهو على الأغلب ذو رائحة مقرفة، والآن اكتشف مجموعة من العلماء أن الغلاف الجوي لأورانوس يتسرب نحو الفضاء الخارجي.

في خبايا البيانات المرسلة من المسبار الفضائي فويجر 2 عند لقائه التاريخي مع الكوكب الجليدي وغير المكتشف حتى يومنا هذا، رُصِدَ البلازمويد، وهو عبارة عن بعض المواد الخاصة بالغلاف الجوي تتسرب نحو الفضاء بعيدًا عن الكوكب الجليدي بواسطة المجال المغناطيسي الخاص به.

كشف وجود البلازمويد الكثير، بالإضافة لملاحظة تسرب الغلاف الجوي، فأنه يكشف لنا بعضًا من ديناميكيات المجال المغناطيسي الغريب والملتوي لهذا الكوكب.

في واقع الأمر، تسرب الغازات من الغلاف الجوي لأورانوس ليس بالأمر الغريب، فالعملية تسمى بهروب الغلاف الجوي، و هذا ما أدى حسب اعتقاد العلماء إلى تحول كوكب المريخ من الكوكب الرطب المملوء بالمياه إلى الصحراء القاحلة التي نشاهدها الآن؛ أيضًا كوكب الزهرة يسرب الهيدروجين، قمر المشتري (آيو) وقمر زحل (تيتان) يسربان الغازات كذلك. حتى أن الغلاف الجوي الخاص بكوكبنا يسرب الغازات بكمية تعادل 90 طنًا من الغاز يوميًا – لا تقلقوا، نمتلك حوالي 5140 تريليون طن، ستستغرق وقتًا طويلًا حتى تنفد.

واحدة من الطرق التي قد تتسرب بواسطتها الغازات تسمى بالبلازمويد، وهي عبارة عن فقاعات اسطوانية كبيرة من بلازما الغازات المتأينة، مرتبطة بواسطة خطوط المجال المغناطيسي المتجهة بعيدًا عن الشمس، في منطقة تعرف بالذيل المغناطيسي.

الغلاف الجوي لأورانوس يسرب الغاز إلى الفضاء الخارجي، حرفيًا - اكتشف مجموعة من العلماء أن غلاف أورانوس الجوي يتسرب نحو الفضاء الخارجي

تتجه الأيونات من الغلاف الجوي وعلى طول المجال المغناطيسي إلى هذه المنطقة.

عندما تهب الرياح الشمسية، تؤدي إلى اضطراب المجال المغناطيسي في الجهة التي تقابل الشمس. تدور الأيونات وتعاود الاتصال مع الذيل المغناطيسي وتضغط البلازمويدات الدوارة. بعض من هذه الأيونات ترتد نحو الكوكب (هذا ما يسبب ظاهرة الشفق القطبي في الأرض)، وتتجه بعض من البلازمويدات إلى الفضاء حاملةً الأيونات الأخرى معها.

هذه الظاهرة واضحة جدًا على كوكب الارض، كما يمكن ملاحظتها يوميًا على سطح المريخ لكن باختلاف طفيف وذلك لعدم امتلاك الكوكب الأحمر لمجال مغناطيسي كامل.

لكن العملاق الجليدي أورانوس ذو مجال مغناطيسي أقل ما يقال عنه أنه فوضوي.

فيما أن المجال المغناطيسي لكوكبنا غالبًا ما يتماشى مع اتجاه الكوكب، خطوط المجال المغناطيسي لكوكب أورانوس تقع جانبيًا و بزاوية 59 درجة بعيدًا عن أقطابه الجغرافية، حتى رسمت خطًا بين هذين القطبين سترى أنه بعيد عن مركز الكوكب بمسافة كبيرة.

هناك بعض الأدلة التي تقترح أن المجال المغناطيسي لأورانوس يُفتح خلال النهار ويُغلق أثناء الليل! هذا المجال المغناطيسي الغامض هو ما جذب رواد الفضاء جينا دي براسيو ودان غريشمان من مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا لهذا البحث.

كلاهما كان يدرس المعلومات التي أرسلتها رحلة مسبار فويجر 2 عندما لاحظوا أن هنالك تذبذبًا في البيانات ونبضةً غريبةً في المجال المغناطيسي.

استمروا بدراسة و تحليل البيانات حتى وجدوا أن هذه الإشارة الغريبة ما هي إلا بلازمويد (204 ألف كيلومتر طولًا، و400 ألف كيلومتر عرضًا)، على الأرجح يحمل الكثير من أيونات الهيدروجين ويتجه بعيدًا عن الكوكب.

من هذه الدراسة، كُشف أن المجال المغناطيسي لكوكب أورانوس يتصل عند الذيل، مثله مثل الأرض. كما أن القوى الداخلية قد تلعب دورًا مهمًا في الديناميكية المغناطيسية للكوكب. إضافةً إلى كون الكوكب يخسر الكثير من كتلته.

عمر البيانات التي سجلتها فويجر 2 يساوي عقدين من الزمن تقريبًا، لذا أفضل طريقة لتسجيل حالة الكوكب الجليدي الحالية هي إرسال رحلة جديدة.

كتب كل من جينا دي براسيو ودان غريشمان في ورقة البحث الخاصة بهما «إن طبيعة الدوران المغناطيسي وعملية فقدان الكتلة تعد من أهم المواضيع التي تحوم حول كلٍ من أورانوس ونبتون. للتأكد من التأثيرات التي يتسبب بها دوران الكوكب والرياح الشمسية، يجب القيام بالعديد من البحوث والقياسات الأخرى، حتى ذلك الوقت سينتظر مجال أورانوس المغناطيسي مزيدًا من الاستكشاف».

اقرأ أيضًا:

تعزف الرياح الشمسية موسيقا آسرة في الحقل المغناطيسي للأرض

ما هو المجال المغناطيسي أو الحقل المغناطيسي للكرة الأرضية وكيف يحمي الأرض ؟

ترجمة: زينب سعد

تدقيق: رزوق النجار

مراجعة: صهيب الأغبري

https://www.sciencealert.com/uranus-atmosphere-is-leaking-gas-into-space/amp