يعد الفحص الجيني للأسلاف، أو ما يعرف بعلم الأنساب الجيني، طريقةً فعالة للأشخاص الراغبين بمعرفة أكثر من مجرد معلومات من الأقارب والسجلات التاريخية عن تاريخهم الوراثي وصولًا إلى تحديد أسلافهم.

يقدم فحص متغيرات الحمض النووي – DNA معلومات حول مكان نشأة أسلاف الشخص، والعلاقات بين العائلات، إذ يتشارك عادة الأشخاص من مجموعات معينة أنماطًا محددة من المتغيرات الوراثية، وتزيد نسبة هذا التشارك بين شخصين أو عائلتين أو مجموعتين سكانيتين بزيادة درجة القرابة.

توجد ثلاثة أنواع شائعة من الفحوص الجينية المستخدمة لتحديد الأسلاف:

1. فحص الكروموسوم أو الصبغي Y: تُستخدم المتغيرات في الصبغي Y لتحديد الأسلاف بسلسلة الآباء، ولا يمكن إجراء هذا الاختبار إلا للأفراد الذين لديهم الصبغي Y (الذكور)، لكن الأشخاص المهتمين بهذا النوع من الاختبارات الجينية يطلبون من أحد أقاربهم الذكور إجراء الاختبار، لأن توارث الصبغي Y عبر الأجيال يتم بنفس نمط توريث اسم العائلة في العديد من الثقافات. يجرى هذا الاختبار عادة لمعرفة المعلومات الوراثية مثل تحديد صلة القرابة بين عائلتين تحملان نفس الاسم الأخير.

2. فحص الحمض النووي المتقدري- (Mitochondrial DNA) الجيني: يحدد هذا الاختبار المتغيرات الجينية في الحمض النووي في الميتوكوندريا. يوجد معظم الحمض النووي في الصبغيات داخل نواة الخلية، لكن تملك البنى الخلوية المسماة بالميتوكوندريا كمية قليلة من الحمض النووي الذي يوجد عند الذكور والإناث ما يجعل الاختبار مناسبًا لكلا الجنسين، لكنه يقدم معلومات حول السلالة الأنثوية، إذ يتوارث الحمض النووي المتقدري بصورة حصرية من خلايا البويضة.

يفيد هذا الاختبار في علم تحديد الأسلاف لأنه يحافظ على المعلومات حول السلالة الأنثوية الضائعة في السجل التاريخي نتيجة للطريقة المعتادة لتمرير اسم العائلة إلى الأجيال المتعاقبة.

3. فحص (تعدد أشكال النيكليوتيدات المفردة- Single nucleotide polymorphism) الجيني: تقيّم هذه الاختبارات الجينية عددًا كبيرًا من التغيرات المفردة SNPs عبر كامل المادة الوراثية (الجينوم) للشخص، وتقارن النتائج مع SNPs مشابهة في قاعدة بيانات للاختبار لتحديد الخلفية العرقية للشخص بصورة تقديرية. على سبيل المثال، يمكن أن يشير نمط SNPs إلى أن أسلاف شخص ما أفارقة بنسبة 50% وأوروبيون بنسبة 25% وآسيويون بنسبة 20% وسلف غير معروف بنسبة 5% تقريبًا، ويمكن تحديد المنشأ الجغرافي بصورة أدق أحيانًا. يفضل علماء الوراثة هذا الفحص لأن نتائج الاختبارين الآخرين التي يحدد كل منها سلالة وحيدة للأسلاف لا تعطي كامل المعلومات حول أصل الفرد.

توجد العديد من الصعوبات التي تواجه الفحص الجيني لتحديد الأسلاف، إذ تقارن المؤسسات التي توفر الاختبار نتائج اختبارات الأفراد مع قواعد بيانات مختلفة لأنماط تعدد أشكال النيكليوتايد المفرد، وبالتالي قد تختلف التقديرات العرقية من مؤسسة لأخرى، إضافة إلى أن قواعد البيانات هذه لا تتضمن SNPs بصورة متساوية لجميع المجموعات العرقية، لذلك يمكن أن تكون النتائج للأقليات العرقية غير محددة بصورة دقيقة.

ويمكن أن تختلف التقديرات العرقية عن توقعات الفرد بسبب هجرة معظم الشعوب البشرية عدة مرات عبر التاريخ وتزاوجهم مع مجموعات قريبة منهم.

يتشارك أفراد المجموعات العرقية التي تملك كمية أقل من التغيرات الجينية نتيجة صغر حجم المجموعة وتاريخها عددًا كبيرًا من SNPs، ما يزيد صعوبة تمييز الأشخاص الذين لديهم صلة قرابة حديثة نسبيًا مثل أبناء العمومة من الدرجة الرابعة (يتشاركون الجد الرابع) عن المجموعة ككل.

تقدم عدة شركات ومؤسسات خدمة الفحص الجيني لتحديد الأسلاف، ويوفر معظمها منتديات إلكترونية وخدمات أخرى تسمح للأشخاص الذين أجروا الاختبار بمشاركة نتائجه ومناقشتها مع الآخرين، ما يمنحهم فرصة اكتشاف روابط قديمة غير معروفة، بينما على نطاق أوسع، يمكن للعلماء أن يستخدموا مجموعة نتائج الفحوص الجينية لتحديد الأسلاف من الكثير من الأشخاص في دراسة تاريخ المجموعات السكانية بما في ذلك نشأتها وهجرتها وتزاوجها مع مجموعات أخرى.

اقرأ أيضًا:

هل يجب أن نسلسل جينوم كل طفل يولد؟

الحمض النووي، ماهيته، هيكله، واكتشافه

ترجمة: بشار ياسر محفوض

تدقيق: مهدي أعور

المصدر