كيف تؤثر منطقة القطب الشمالي على دورة النتروجين في الطبيعة؟


لقد وُجد أن مناطق في القطب الشمالي تلعب دورًا مهمًّا في حلقة النتروجين العالمية وذلك أكثر مما كان يُعتقد سابقًا (العملية المسؤولة عن الحفاظ على تدفق العنصر المهم للحياة بين الغلاف الجوي واليابسة والمحيطات) ونُشرت النتائج في دراسة جديدة للجُرف القارّي في المحيط المتجمد الشمالي في دوريّة Nature Communications.

اكتشف المختصُّون بالكيمياء البحرية وعلماءُ الأحياء من جامعة تكساس في أوستن في هذه الدراسة الجديدة أن الميكروبات القاعية تقوم بإزالة كمياتٍ كبيرةٍ من النتروجين من المحيط المتجمد الشمالي.

وعلى الرغم من أن المنطقة القطبية لا تمثل إلا ما يزيدُ قليلًا عن الواحد بالمئة من الجروف القاريّة في العالم (حيث تتم إزالة معظم النتروجين)، تُسجِّل الجروف القاريّة نسبة 5% من المناطق التي تساهم في إزالة النتروجين، وفقًا للبيانات التي جمعها الباحثون.

ويعتقد العلماء أن المحيطات ساهمت في الماضي في الحفاظ على توازنٍ فعّالٍ بين المصادر المنتجة للنتروجين وبين عمليات إزالته، وتشير الميزانية العالمية للنتروجين أن إجمالي نسبة النتروجين في المحيطات حاليًّا أعلى منه في أي وقتٍ مضى وذلك بسبب الأنشطة البشرية، مثل تسرب الأسمدة والصرف الصحي إلى المحيطات، وهذا الاضطراب يُفقِد هذه الميزانية توازنَها.

كل الكائنات الحية تحتاج إلى النتروجين من أجل بقائها، ولكنَّ زيادة النتروجين قد تكون مضرّةً بالنظم البيئية البريّة والمائية، على سبيل المثال إن زيادة النتروجين في المحيطات قد تؤدي إلى عملية ازدهار الطحالب ونموِّها بشكلٍ كبير، بما في ذلك ازدهار الطحالب التي تفرز موادًّا سامَّةً مسببة الأذى للحياة البحرية.

وتتضمن مظاهر التلوث بالنتروجين: انتشار المناطق الميتة، نفوق الأسماك، تسمم المحار وفقدان الموائل الساحلية كمروج الأعشاب البحرية والأحياد المرجانية.

وتعمل البكتريا الطبيعية في المحيطات على إزالة الكميات الإضافية من النتروجين عن طريق تحويلها إلى غاز النتروجين الخامل بعملية تدعى نزع الهيدروجين.
وقالت أمبر هارديسون الأستاذ المساعد في قسم علوم البحار في جامعة تكساس في أوستن والتي كانت من مؤلفي الدراسة: تتم عملية إزالة النتروجين الميكروبية في كل أنحاء العالم، ونحن مهتمون بمدى التأثير الحاصل في منطقة القطب الشمالي.

وتعاونت أمبر وزملاؤها في هذه الدراسة الأولى من نوعها في منطقة القطب الشمالي على قياس العديد من العمليات المختلفة التي بإمكانها إزالة النتروجين، وأجرى الباحثون الدراسة في بحر تشوشكي والذي هو جزء من المحيط المتجمد الشمالي المجاور للمحيط الهادئ وألاسكا، ولم تحظى هذه المنطقة باهتمام الباحثين فحسب بل حظيت باهتمام المسؤولين عن صناعة النفط، نظرًا لاحتمال امتلاكها احتياطاتٍ كبيرةٍ من النفط والغاز الطبيعي.

وأزالت إدارة أوباما منطقة Hanna shoal في شمال شرق بحر تشوشكي من لائحة مناطقاستصلاح النفط والغاز، وساهم البحث الجديد في هذه القضية البيئية من أجل حماية هذه المنطقة.

وقالت هارديسون: إن الدور الذي تلعبه هذه المنطقة مهمٌّ جدًّا لنفهم بأن البشر يضيفون المزيد من النتروجين للمحيط عن طريق الأسمدة والصرف الصحي وغيرها من المصادر الأخرى. وأضافت: إن القطب الشمالي يشهد حاليًّا تغيراتٍ جذريةٍ مرتبطةٍ بتغير المناخ، متضمنةً الانخفاض السريع في منسوب الجليد البحري. وبينما يتقلص الجليد البحري يتعطل سير الوظائف الطبيعية للنُّظُم البيئية، ويتضمن ذلك احتمال الحد من العملية الهامة التي تعمل على إزالة النتروجين.

واكتشف العلماء أيضاً أن الحيوانات التي تعيش في قاع البحر تلعب دورًاهامًّا في تسهيل إزالة النتروجين، وأن حيواناتٍ مثل الديدان والمحار والتي تقوم بحفر الأنابيب والجحور، تؤَمِّن البيئة المثالية للبكتريا لتقوم بعملية نزع الهيدروجين.

وقالت هارديسون: لقد كانت هذه الدراسة مثالًا عظيمًا على التفاعل بين علم الأحياء والكيمياء، والتي تمَّت للمرة الأولى في القطب الشمالي، وتابعت مُحَذِّرةً: مع ذلك فإن نضوب الجليد البحري سوف يغير هذا النظام بطرقٍ غير معروفة، متضمنًا الحيوانات التي تعيش في قاع البحر وضِمنه والتي تقوم بتسهيل عملية إزالة النتروجين الميكروبية.


إعداد: علي بيشاني
تدقيق بدر الفراك

المصدر