ماذا لو كانت القيادة عند الإرهاق سببًا في الحصول على غرامة أو فقدان رخصة القيادة؟ وجد باحثون في دراسة حديثة أن النوم أقل من خمس ساعات ليلًا يزيد خطر حوادث السيارات، فيما يشبه تجاوز نسبة الكحول في الدم الحد القانوني.

يدرك الباحثون أن قرابة 20% من جميع حوادث السيارات ناجمة عن الإرهاق. وقد انخفض عدد الحوادث الناجمة عن الكحول خلال العقدين الأخيرين انخفاضًا ملحوظًا، لكن لم ينخفض عدد الحوادث الناجمة عن الإرهاق، لذا تساءل الباحثون عن إمكانية وجود حل لتلك المشكلة.

الحد القانوني للقيادة تحت تأثير الكحول:

يرجع انخفاض عدد حوادث السيارات الناجمة عن الكحول إلى عدة أسباب، منها:

  •  الاستثمار في التعليم الحكومي.
  •  توفير إرشادات بسيطة لمساعدة السائقين على تحديد كونهم سكارى وغير قادرين على قيادة السيارة. مثل النصيحة التي توصيهم بشرب كأسين خلال الساعة الأولى ثم كأس واحدة كل ساعة.
  •  قوة استراتيجيات تطبيق القانون، مثل الاختبارات التي تُجرى على جانب الطريق.
  •  التغطية الإعلامية الكبيرة لقضايا القيادة تحت تأثير الكحول.

أيضًا، يصبح السائقون غير مؤهلين للقيادة عندما تتجاوز نسبة الكحول في دمهم 0.05%، بصرف النظر عن أدائهم في قيادة السيارة. يُعد هذا الحد القانوني فعالًا لتحديد الحالات التي يصبح فيها السائق غير مؤهل للقيادة قانونيًا.

أجرى الباحثون دراستهم لمعرفة احتمالية تقليل عدد حوادث السيارات الناجمة عن الإرهاق، باتباع استراتيجية مشابهة، لبحث إمكانية وضع حد قانوني للقيادة عند الإرهاق.

ما الحد الأدنى للنوم؟

استعان الباحثون بأدلة علمية من دراسات مختبرية وميدانية سابقة، بحثت عدد ساعات النوم الضرورية للقيادة الآمنة.

بجمع نتائج 61 دراسة مختلفة، وجدوا أن النوم 4-5 ساعات فقط في الليلة السابقة مرتبط بتضاعف خطر حدوث حادث سير، ما يعادل الخطر الناجم عن تجاوز نسبة الكحول 0.05% في دم السائقين.

أيضًا، يزيد خطر حدوث حوادث السيارات زيادةً كبيرة كلما نقص السائق ساعةً من النوم في الليلة السابقة، حتى أن بعض الدراسات بينت أنه عند النوم أربع ساعات أو أقل، يصبح السائق أكثر عرضةً للتسبب بحادث سير بقرابة 15 ضعفًا!

أوضح باحثو الدراسة أن الأدلة العلمية تشير إلى أهمية الحصول على قدر كاف من النوم قبل قيادة السيارة، وأن فرض ذلك عليهم قانونيًا يُعد أمرًا معقولًا. إذا اعتبرنا الحد القانوني لمستوى الكحول في الدم المسموح عند القيادة معيارًا نموذجيًا، فيجب علينا فرض النوم 4-5 ساعات على الأقل خلال اليوم السابق على السائقين.

بيد أنه تنبغي مراعاة بعض الجوانب الأخرى، وليس فقط الأدلة العلمية، ففي حين أن شرب الكحول هو أمر يمكن التحكم فيه، فإن العديد من الأشخاص ليس بوسعهم النوم مدةً كافية، مثل الآباء الجدد وعمال المناوبة والأشخاص الذين يعانون اضطرابات النوم. ما يشير إلى أهمية توفر الكثير من الدعم من أجل ضبط مسألة القيادة عند الإرهاق.

هل يوجد تساهل في تطبيق القانون؟

نظرًا إلى عدم وجود طريقة لقياس الإرهاق على جانب الطريق في الوقت الحالي، يرى الباحثون أنه يجب علينا تحديد كيفية سن القوانين في هذه المسألة. على هذا، يجب علينا على الأرجح تقييم إرهاق السائق بعد حدوث حادث السير بالفعل.

ليست هذه المرة الأولى التي يُقترَح فيها ضبط القيادة تحت تأثير الإرهاق، إذ يعد قانون ماغي في ولاية نيوجيرسي الأمريكية السائقين الذين لم يناموا خلال اليوم السابق غير مؤهلين لقيادة السيارة. طُبق قانون ماغي سنة 2003 بعدما تسبب سائق بمقتل طالبة جامعية نتيجة الإرهاق، غير أن الكثيرين يرون أن هذا القانون متساهل، إذ يقر العديد من الناس بالحصول على بعض النوم على الأقل خلال اليوم السابق لقيادة السيارة بأمان، بيد أن العديد من البلدان لا تسن قوانين ضد القيادة عند الإرهاق في الوقت الحالي.

يرى الباحثون أن بعض المبادرات قد تكون موضع ترحيب، مثل الاهتمام بهذه المسألة في التعليم العام، وإرشاد السائقين لتجنب قيادة السيارة عند الإرهاق على الأقل، بتوفير بعض المعلومات لمساعدتهم على تحديد كونهم غير مؤهلين لقيادة السيارة بأمان نتيجة الإرهاق.

أوصى الباحثون بأهمية الحصول على قسط كاف من النوم، وعدم قيادة السيارة عند النوم أقل من خمس ساعات في الليلة السابقة.

اقرأ أيضًا:

إليك عواقب النوم لأقل من سبع ساعات في الليل

اضطرابات النوم تكلف نحو 95 مليار دولار سنويًا

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: حسام التهامي

المصدر