تجمّع قرص كوكب أولي عملاق مكون من الغبار والصخور والغاز حول الشمس حديثة المنشأ في الأيام الأولى لمجموعتنا الشمسية. ارتبطت بعض هذه المواد ببعضها في النهاية بفعل الجاذبية لتشكل نسخًا يافعةً من الكواكب التي نعرفها اليوم، بما ذلك موطننا، الأرض. ساعد بحث جديد نُشر في مجلة Science في تأكيد ما إذا كانت الكواكب الصخرية المشابهة للأرض وكواكب الزهرة والمريخ المجاورة لها -على عكس الكواكب الغازية الضخمة مثل المشتري ونبتون- تملك نسبةً مماثلةً من العناصر الثقيلة مقارنةً مع نجوم موطنها.

جمع فريق من الباحثين بيانات من مجموعة تتضمن 32 كوكبًا خارجيًا منخفض الكتلة وُجدت تدور حول 27 نجمًا مشابهًا للشمس من حيث الحجم والنوع الطيفي. يستطيع علماء الفلك قياس التركيب الكيميائي للنجوم بتحليل الضوء الذي يمر عبر أغلفتها الجوية النجمية. عند استخدام المسح الطيفي، ظهرت فجوات في نطاق تردد الضوء مشيرةً إلى العناصر الموجودة في النجم.

وضّح مؤلفو الدراسة: «تعكس وفرة العناصر في الأغلفة الجوية لنجوم السلسلة الرئيسية تركيبها الضخم بنسبة قليلة -باستثناء العناصر الأخف وزنًا- والتي أثبتت قياسات النيزك أنها صالحة للشمس».

استطاع الباحثون من خلال هذه العملية الحصول على صورة دقيقة لنسب العناصر الثقيلة في النجوم المضيفة للكواكب الخارجية المستهدفة.

كتب المؤلفون: «حللنا أطياف 21 نجمًا مضيفًا من الكواكب الصخرية المنتقاة -لا يملك كوكب HD 80653 الخارجي طيفًا متاحًا- وقسنا التراكيب الكيميائية لغلافها الجوي. ثم حددنا وفرة المغنيسيوم (Mg) والسيليكون (Si) والحديد (Fe) في النجوم المضيفة، التي تُعد العناصر الرئيسية لتشكيل الصخور».

اقترح علماء الفلك نظريةً تقول إن وفرة العناصر الأثقل مثل الحديد والمغنيسيوم في قرص كوكب أولي من المرجح أن تنعكس في النجم الذي يثبّت المجموعة الشمسية، يعود ذلك إلى أن المواد ذاتها قد كانت موجودةً خلال مرحلة التشكّل. هناك احتمال أن تشترك الكواكب الصخرية مع نجومها بنسب العناصر الثقيلة في كتلتها الإجمالية. لكن مدى الارتباط الوثيق بين هذه النسب لم يكن واضحًا تمامًا.

أشار المؤلفون: «تتوقع النظرية أن نسبة وفرة Fe/Si وMg/Si في النجوم والكواكب تبقى متقاربةً جدًا خلال عملية تشكّل الكواكب الصخرية. كما تُعد وفرة الغلاف الجوي بالعناصر المقاومة للحرارة -مثل Mg وSi وFe- في النجوم الشمسية وسيطًا للتكوين المبدئي لقرص الكوكب الأولي».

مستعينين بكتل الكواكب الصخرية الخارجية وقياس أقطارها ونماذج الكواكب الداخلية، حسب الباحثون نسبة كتلة الحديد المحتملة لجميع كواكب المدروسة، مع الأخذ بالاعتبار أن الحديد قد يرتكز في اللب فقط، وقد يوجد ايضًا في لب وغطاء كل كوكب. ثم قورنت نسبة كتلة الحديد لكل كوكب مع نسبة كتلة الحديد لقرص الكوكب الأولي المستمدة من تركيب النجم المضيف.

وجد الباحثون تقاربًا في نسب الحديد للنجوم والكواكب الصخرية التي تدور حولها لكن ليس بمبدأ 1:1. يقترح ذلك أن الاختلافات الدقيقة في توزيع العناصر ضمن قرص الكوكب الأولي، والعمليات المرتبطة بتشكل الكوكب تؤدي دورًا هامًا في تحديد التركيب الكيميائي النهائي للكواكب الصخرية.

فعلى الرغم من الاختلافات الطفيفة في نسب العناصر الأثقل بين النجوم والكواكب الصخرية التي تدور حولها، فإن النتائج توفر دعمًا لاستخلاص التراكيب الكيميائية للكواكب الصخرية من الوفرة النجمية لعناصر تشكيل الصخور الرئيسية مثل الحديد والمغنسيوم والسيليكون، وهو أمر افتُرض في دراسات سابقة.
علاوةً على ذلك، يبدو أن الكواكب الصخرية الخارجية من فئة الأرض الهائلة وعطارد الهائل تختلف في التراكيب الكيميائية وفقًا لنتائج البحث الجديد، ما يشير إلى اختلافات في عمليات التشكل الكوكبي لها. قد تكون هذه البيانات مفيدةً لأبحاث الكواكب الخارجية المستقبلية.

اقرأ أيضًا:

البحث عن الحياة في الكواكب الخارجية قد يبدأ بهذا المركب العضوي

اكتشاف ثلاثة من الكواكب الخارجية في نظام نجمي يبعد عنا 73 سنة ضوئية فقط

ترجمة: ربيع شحود

تدقيق: دوري شديد

المصدر