تزداد الأضرار الصحية المتعلقة بالمحليات الصناعية مع مرور الوقت، والآن ربطت دراسة جديدة نوعًا واحدًا من أنواع المحليات الصناعية بديلة للسكر بزيادة خطر الإصابة بالمشكلات القلبية.

أراد الطبيب والعالم ستانلي هازن وزملاؤه في معهد ليرنر للأبحاث في كليفلاند كلينيك معرفة إمكانية العثور على أية علامات تحذّر الأشخاص الأكثر عرضةً للإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية.

وجد العلماء نسب عالية من المحليات الصناعية بعد فحص عينات دم مجموعة من الأشخاص، وتبيّن لهم أن المحلي الصناعي الأشيع هو الإريثريتول، وهو محلي شائع الاستخدام في الأطعمة منخفضة السكر والخالية منه والخالية من الكربوهيدرات.

من بين 1157 مريضًا يخضعون لاختبارات متعلقة بأمراض القلب والأوعية الدموية، كان المرضى ذوو المستويات العالية من المحليات الصناعية في دمهم معرضين لخطر الوفاة أو الإصابة بالأمراض القلبية والوعائية أكثر من غيرهم خلال السنوات الثلاثة الأخيرة.

لكن لم تُظهر الدراسة أن الإريثريتول من المحليات الصناعية أو أنه سبب الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مباشرةً.

انتقد بعض علماء التغذية غير المشاركين في هذا البحث الدراسة قائلين إن تجارب الدراسة المختبرية «غير منطقية»، وإن النتائج القائمة على الملاحظة محدودة لأنها لم تأخذ في الحسبان كيفية إنتاج الإريثريتول في الجسم.

اعتبر الباحثون أن النتائج التي توصلوا إليها كافية، ولكن الموضوع في حاجة إلى إجراء مزيد من البحوث بشأنه.

كتب الباحثون في بحثهم: «تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى الحاجة إلى إجراء المزيد من دراسات السلامة لفحص الآثار طويلة المدى للمحليات الصناعية عامةً، وللإريثريتول تحديدًا، وخاصةً فيما يتعلق بمخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية، وخاصةً لدى المرضى المعرضين لخطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية».

يبدو أن المحليات الصناعية خاملة كيميائيًا، ولكن العلماء وجدوا أن المركبات منخفضة السعرات الحرارية هذه ليست بالضرورة خالية من المخاطر والآثار الجانبية المتعلقة بالصحة.

توجد المحليات طبيعيًا بكميات صغيرة جدًا في الفاكهة والخضراوات، وقد تكون مستويات المحليات مثل الإريثريتول أعلى بمقدار 1000 ضعف في الأطعمة المصنعة.

تُظهر الأبحاث أن المحليات الصناعية قد تؤثر في الميكروبات في الأمعاء بطريقة تؤدي إلى زيادة الوزن والإصابة بمرض السكري، وقد تزيد من خطر الإصابة بالسرطان.

تكمن مشكلة المحليات الصناعية في احتوائها على سعرات حرارية أقل من السكريات التي تحل محلها، وقد تساعد بعض الأشخاص على التقليل من تناول السكريات لأن طعمها أحلى، وتزوّد متناوليها بالمذاق السكري المرغوب.

صرح أستاذ علوم التغذية والغذاء في جامعة ريدنغ في المملكة المتحدة غونتر كونلي: «ثمة مناقشات مستمرة بشأن سلامة المحليات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى بعض الدراسات التي تظهر زيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة لدى المستهلكين للمحليات، وخاصةً المشروبات الغازية».

وجدت الدراسة الجديدة صلةً بين مستويات الإريثريتول في الدم وخطر الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية في المستقبل، وهو ارتباط ظهر أيضًا ضمن مجموعتين أخريين لدى نحو 3000 شخص في الولايات المتحدة والدنمارك.

أدى ذلك إلى تتبع هازن وزملائه الآليات المحتملة التي من خلالها قد يزيد الإريثريتول من المخاطر مع استخدام الدراسات المعملية لعينات الدم من مجموعة صغيرة من ثمانية متطوعين أصحاء.

بلغت مستويات الإريثريتول في الدم ذروتها وبقيت مرتفعة مدة يومين إلى ثلاثة أيام بعد تناول المتطوعين مشروب محلٍّ بالإريثريتول، وبعد ذلك عادت نسبة الإريثريتول لديهم إلى طبيعتها. وأدت إضافة الإريثريتول إلى عينات الدم إلى زيادة لزوجته وإلى اضطراب في المستويات الدموية المتعلقة بتخثر الدم، وظهرت تأثيرات مماثلة عند تطبيق الدراسة على الحيوانات.

يُظهر ذلك تأثيرات استهلاك كميات كبيرة من المحليات الصناعية وما تسببه من تغييرات في النسب الدموية التي قد تؤدي إلى اضطرابات قلبية وعائية.

وفقًا لاختصاصي التغذية بجامعة أستون دوان ميلور، يساعد البحث بفعالية على حل الأحجية المتعلقة بآثار الإريثريتول التي تؤثر في الإنسان. وقال إن الدراسة لا تستبعد المصادر الأخرى للإريثريتول في الدم التي قد يكون مصدرها أنواع أخرى من السكريات، وخاصةً عند تناول كميات كبيرة منها وقلة النشاط والحركة.

كانت كمية الإريثريتول المضافة التي استهلكها المتطوعون أعلى بكثير من الكمية المسموح بها في المشروبات المتاحة في المتاجر في المملكة المتحدة، ولكن مؤلفو الدراسة اختاروا الكمية التي تعكس الاستهلاك اليومي للسكر لدى بعض الأمريكيين.

نبهت الوكالات التنظيمية إلى المخاطر الصحية المحتملة عند استهلاك مواد التحلية الاصطناعية، وتكمن مهمتهم عادةً في معرفة مستويات المواد المضافة إلى الطعام التي يستهلكها الأشخاص بناءً على الأدلة المتاحة.

أشارت دراسة طُبقت على أكثر من 100000 متطوع من فرنسا إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب عند تناول كميات أكبر من المحليات الصناعية، التي أفاد بها المشاركون يوميًا خلال العام الماضي.

تعكس الدراسات القائمة على الملاحظة الأنظمة الغذائية المعتادة التي يتبعها الأشخاص، ولكنها لا تخلو من العيوب. ويتمثل التحدي في فرز العديد من عوامل الحياة التي تؤثر تأثيرًا كبيرًا أيضًا في صحة القلب، مثل النشاط البدني، ومحاولة فرز الآثار المحتملة لطعام معين أو أية إضافات لمواد غذائية عن الأنظمة الغذائية العامة بأكملها.

وفقًا لعالمة الأوبئة الغذائية نيتا فروهي من جامعة كامبريدج، إن الدراسة الأخيرة هي توسع لبحوث سابقة بشأن الأضرار الصحية المحتملة للمحليات الصناعية، وتستدعي نتائجها مزيدًا من البحوث.

مع ذلك، نظرًا إلى أن الأشخاص ضمن الدراسة لديهم الكثير من عوامل الخطر القلبية الوعائية، فمن الصعب تعميم نتائج الدراسة على السكان الأصحاء. فكان ثلاثة أرباع المشاركين في الدراسة يعانون ارتفاع ضغط الدم أو مرض الشريان التاجي، وخمسهم يعانون مرض السكري.

لمعرفة المزيد عن الآثار الصحية طويلة المدى للإريثريتول والمحليات الصناعية الأخرى، ربما يكون من الأفضل التمسك بما نعرفه مفيد لصحتنا العامة مثل الحد من تناول السكر بتقليل المشروبات المحلاة والأطعمة عالية المعالجة من جميع الأصناف.

تقول فروهي: «لا يمكن الإبلاغ حاليًا عن المحليات الصناعية الفردية لأن ذلك يجعل تتبعها صعبًا، ويحد من القدرة على البحث بسهولة عن آثارها الصحية».

نُشر البحث في مجلة Nature Medicine.

اقرأ أيضًا:

إعادة ربط المحليات الصناعية والإصابة بالسرطانات من جديد: إليك ما يجب معرفته

هل المحليات الصناعية صحية أكثر من السكر؟ إليك ما يعتقده الخبراء

ترجمة: سارة دامر

تدقيق: هادية أحمد زكي

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر