يستخدم الإنسان حيلًا بارعة لإيجاد طرق جديدة في التنفيس عن كربه، يتضمن ذلك استنشاق العقاقير أو حقن مواد مختلفة داخل الجسم، لكن المخدرات الرقمية أسلوب آخر.

المخدرات الرقمية ظاهرة بحد ذاتها، رغم معرفتنا المحدودة بها، وهي تتضمن الاستماع إلى «نغمات ثنائية الأذن»، وهي أصوات تحاكي في تأثيرها الأدوية المنشطة النفسية، أو تثير إدراكًا معينًا أو حالة عاطفية محددة، وتنبه الدماغ، وقد يتزامن ذلك مع استخدام أدوية منشطة في الوقت ذاته.

ما مدى شيوع هذه الممارسة؟ ومن يستخدمها؟ ولماذا؟ طُرحت هذه الأسئلة في استفتاء عالمي للأدوية يضم أكثر من 30,000 شخص من 22 دولة مختلفة. تهدف هذه الأسئلة إلى تحليل البيانات المُكتشفة عن هذه الظاهرة.

ما النغمات ثنائية الأذن؟

هذا النوع من الموسيقا حديث نسبيًا، مع أن العلماء جربوا هذه الظاهرة منذ عام 1970.

تقول مونيكا بارات، عالمة الاجتماع في جامعة (RMIT) في أستراليا: «هذه النغمات التي التشبه المخدرات الرقمية جديدة كليًّا، ونحن لا نعلم الكثير عنها».

تنتج مثل هذه النغمات عندما تسمع صوتين بترددين مختلفين، كل منهما موضوع على أحد الأذنين في الوقت ذاته.

مثلًا، إذا سمعت نغمة ترددها 440 هرتز بالأذن اليسرى، ونغمة أخرى ترددها 444 هرتز بالأذن اليمنى، فإنك ستدرك توليفة صوتية معدلة مع نغمة مسموعة بتردد 4 هرتز، وسيتفاعل معها جهازك العصبي بطريقة مميزة.

يُفترض أن هذه النغمة تؤثر في الموجات الدماغية، وتُحدث تغيرات فيها، وتثير الإدراك والوظائف العقلية، وتحاكي في بعض الحالات تأثير الأدوية المنشطة النفسية.

وجد الباحثون أن الاستماع إلى مثل هذه الموسيقا يسكن الألم ويخفف من القلق والاكتئاب ويعزز الذاكرة، لكن انقسمت الدراسات حول تأثيرها في التركيز.

درست القليل من الاختبارات إمكانية استبدال النغمات ثنائية الأذن بالعقاقير المنشطة، أو استخدامهما معًا.

عام 2021، تضمن الاستفتاء العالمي للأدوية مجموعة من الأسئلة المتعلقة باستخدام النغمات ثنائية الأذن: كم مرة تُستخدم النغمات؟ ما فترة الاستخدام؟ ولماذا استخدموها؟ ومن أين حصلوا عليها؟

إضافةً إلى أسئلة عن المخدرات الأخرى التي قد يستخدمها الأشخاص، مثل الكوكايين والحشيش والأفيونيات والكحول.

ذكر 1,635 شخصًا أنهم استخدموا المخدرات الرقمية خلال العام السابق.

يمثل هؤلاء تقريبًا 5% من الأشخاص الذين شملهم الاستفتاء، أغلبهم شبان ومراهقين، وذكروا الاستخدام الحديث لمخدرات أخرى مثل الحشيش.

سُجلت أعلى معدلات استماع للنغمات ثنائية الأذن في الولايات المتحدة والمكسيك والبرازيل وبولندا ورومانيا والمملكة المتحدة وأستراليا.

استمع أغلب المشاركين للنغمات بمعدل مرة كل شهر تقريبًا. واستمعوا إلى النغمات من المواقع والتطبيقات التي تبث أمورًا مشابهة، مثل (spotify).

لماذا تُستخدم النغمات ثنائية الأذن؟

72.2% من الأشخاص الذين جربوا الاستماع إلى النغمات ثنائية الأذن وصفوا التجربة بأنها تساعد على الاسترخاء والنوم، ووصفها 34.7% بأنها تساعد على تعديل المزاج، وأفاد 11.7% بأنهم حاولوا الحصول على تجربة مشابهة للمخدرات.

تقول مونيكا: «يرى معظم المشاركين أنها عوامل مساعدة على النوم أو تخفيف الألم».

بعض المشاركين استمع إليها لزيادة التركيز والإنتاجية، والبعض للتأمل والممارسات الروحية، أو لتسكين الصداع و الألم، والبعض لتسهيل أحلام اليقظة أو «الإسقاط النجمي»، أو «تجارب الخروج من الجسد».

بعض المشاركين استخدموها لتعزيز تأثير الأدوية المنشطة مثل دواء «سيلوسيبين»، الذي له تأثير يحاكي حالات التأمل والاسترخاء.

تقول مونيكا: «سعى بعض المشاركين باستماعهم إلى هذه النغمات لبلوغ النشوة، مثل تأثير المخدرات».

ما زال ما يُسمى المخدرات الرقمية وآثارها غير واضح تمامًا، وعلى الأبحاث القادمة أن تتوسع أكثر في هذا المجال. تمهد المعلومات الحالية والإحصائيات الطريق أمام الباحثين وتُعد نقطة بداية لفهم آثار هذه المخدرات.

اقرأ أيضًا:

ما نغمة رنين المنبه المثالية للاستيقاظ؟ إليك ما يقوله العلم

10 تقنيات علمية تساعدك على الاسترخاء

ترجمة: عمار علي نصري

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصادر: 1 2