تخيل أنك تتنزه في الشارع صباح يوم الأحد وتسمع الموسيقى المفضلة لديك بسعادة، لكن فجأة تمتلئ السماء بالغيوم وتهطل الأمطار الغزيرة، والمسافة إلى منزلك تستغرق نحو 15 دقيقة من المكان الذي أنت به. ماذا ستفعل الآن؟ هل ستجري إلى المنزل أم ستمشي بهدوء؟

إلى الذين يقرؤون هذا المقال وهم عالقون تحت الأمطار، سأعطيكم الإجابة بسرعة: الجري أفضل!

تعتمد كمية البلل الذي يصيبك فقط على الوقت الذي تقضيه تحت المطر ، إذا ركضت إلى وجهتك ستقلل من الوقت الذي تقضيه تحت الأمطار وبذلك ستقلل من البلل الذي سيصيبك.

إذا كان هذا الشرح البسيط غير مقنع بالنسبة لك، أكمل القراءة!

توصلت كل التجارب والحسابات إلى الاستنتاج نفسه، لتقليل تعرضك للبلل والرطوبة (إذا لم تكن تحمل مظلة) عليك أن تتحرك بأسرع ما يمكن! هذه التجربة البسيطة ستوضح لكم أكثر.

تجربة الإسفنجة

تخيل أنك تقف تحت الأمطار ومعك إسفنجة، إذا كنت ستستغرق 15 دقيقة للوصول إلى المنزل مشيًا فستتعرض الإسفنجة للمطر لمدة 15 دقيقة، أما إذا ركضت ستصل إلى البيت خلال 10 دقائق وبذلك ستواجه الإسفنجة المطر لمدة 10 دقائق. أي الإسفنجتين امتصت كمية أكبر من مياه الأمطار؟ منطقيًا، الإسفنجة التي تعرضت للمطر مدة أطول ستكون معرضة لمياه أمطار أكثر ولذلك ستحتوي على ماء أكثر.

المشي أم الجري ما هو الأفضل لك عند مواجهة المطر - الركض تحت المطر - الهروف من الأمطار - البلل الذي سيصيبك عندما تمشي في الشتاء

ومع ذلك، يقول بعض النقاد إن تجربة الإسفنجة تعتبر أن المطر يسقط عموديًا فقط، لكن المطر الذي يصيبك من الأمام سيعطي نتائج مختلفة لأنه يغطي مساحة سطحية أكبر من المساحة التي تغطيها الأمطار المتساقطة من الأعلى. في البرنامج الرائج MythBusters على قناة Discovery، عرض المقدمون الفكرة التي تقول إنك ستتبلل أكثر إذا ركضت خلال الأمطار لأن القطرات ستصيبك أكثر في كل ثانية وبذلك سيزداد معدل إصابتك بالبلل، يبدو هذا منطقيًا أليس كذلك؟

لكن الفيزيائي في مركز Winnipeg دوغ كرايكن Doug Craigen قدم لنا تفسيرًا بسيطًا ينقض هذه الخرافة، فسواءً اخترت المشي أو الجري فإن هنالك عددًا محدودًا من قطرات الأمطار المتساقطة ضمن المسافة بينك وبين المكان المقصود. إذا ركضت سيصيبك المطر بمعدل أسرع وستجمع ماءً أكثر خلال كل ثانية، أما إذا مشيت سيصيبك المطر ببطء وبذلك ستمتص نسبة أقل خلال كل ثانية، لكن إذا ركضت ستقطع المسافة بسرعة أكبر أي سيقل عدد الثواني التي تتعرض للمطر فيها. فمع أنك تمتص قطرات أقل عند المشي لكنك تزيد من عدد الثواني التي تتعرض فيها للمطر ولذلك تزداد بللًا. وهكذا نستنتج أن الجري أفضل من المشي.

هل أثبتت التجارب أن الجري خلال المطر أفضل؟

أجريت تجربة جديدة من قبل ثوماس بيترسون Thomas Peterson وبيتر والس Trevor Wallis (عالمان في مركز قاعدة بيانات المناخ الدولية في Asheville)، إذ رسموا مسارًا طوله 100 متر تقريبًا وارتدوا سترات رياضية مصنوعة من القطن وخرجوا تحت المطر الغزير، قرر والس الجري خلال المسار أما بيترسون اختار المشي، وفي نهاية المسار قيس وزن السترات الرياضية ووجد أن سترة بيترسون أثقل بنسبة 40% من سترة والس. اعتُبر أن السترتين هي إسفنجات وكلتا السترتين عند تعرضها لمياه الأمطار ستمتص نسبة معينة منها، لذا فإن سترة الشخص التي امتصت ماءً أكثر أصبحت أثقل.

هل يمكن إثبات هذه الفكرة بالمعادلات الرياضية؟

لنفترض أن شخصًا يتحرك ضمن مسار بسرعة V وقطرات المطر تسقط بسرعة u ومساحة سطح رأس الشخص هي At ومساحة السطح الأمامي للشخص هي Af وعدد قطرات المطر المتساقطة خلال المتر المكعب الواحد في الهواء هي ثابت يمثله n.

سيعطى معدل امتصاص قطرات المطر للجزء العلوي والجزء الأمامي حسب المعادلات التالية:

  • Rtop = n x u x At
  • Rfront= n x V x Af

إذا استخدمنا المعادلات أعلاه سنصل إلى استنتاجات خاطئة (إذا قللنا السرعة V فإن معدل الامتصاص والبلل سيقل) لكن هذه الاستنتاجات ترتكز على معلومات غير كافية لأنها لا تشمل عامل متغير الزمن t.

t = distance /speed => d/V (أي أن الزمن يساوي المسافة مقسمة على السرعة)

تمثل هذه المعادلات كمية المطر التي تصيب الشخص خلال الزمن t:

  • N = (Rtop + Rfront) x t
  • (N = [(n x u x At) + (n x V x Af)] x (d/V
  • N = [(n x u x At d) / V] + (n x Af x d)

نلاحظ أن N في المعادلة 3 ترتبط بعلاقة عكسية مع V وبالنتيجة فإن كمية قطرات الأمطار التي ستصيب الشخص تزداد عند نقصان السرعة، أما متغيرات كمية الأمطار التي تصيب الشخص من الأعلى والأمام ليس لها تأثير على معامل السرعة V. وبذلك نجد أنك إذا ركضت سيقل عدد القطرات ما يثبت كلام الفيزيائي دوغ كرايكن.

في الختام، إذا كنت عالقًا تحت الأمطار الغزيرة دون مأوى تلجأ إليه، فإن أفضل خيار هو الجري بأسرع ما يمكنك!

اقرأ أيضًا:

فرضية جديدة قد تشرح اخيرا الفيزياء التي تفسر حركة قطرات الماء

أظهرت دراسة جديدة أن النباتات تصاب بالذعر أثناء المطر

ترجمة: م.زيد عبد الرحمن الحسيني

تدقيق: غزل الكردي

مراجعة: تسنيم المنجد

المصدر