أجرى فريق دولي من العلماء قياسًا لتسارع الأجسام المتساقطة في مدار الأرض باستخدام قمر صناعي مصمم خصيصًا لذلك، وأشارت النتائج المستندة إلى بيانات جُمِعت في خمسة أشهر إلى أن التسارعات لم تختلف بأكثر من جزء واحد من 10^15 (10 مرفوعة للأس 15) ما يستبعد أي انتهاكات لمبدأ التكافؤ الضعيف في النسبية العامة وصولًا إلى هذا المقياس.

ينص مبدأ التكافؤ الضعيف في النسبية العامة على أن جميع الأجسام تتماثل في تسارعها في نفس مجال الجاذبية عندما لا تتعرض لأي تأثيرات أخرى بغض النظر عن كتلتها أو تكوينها، وهو مبدأ من السهل ملاحظته نسبيًا.

ربما كانت التجربة الأشهر ما فعله رائد الفضاء ديف سكوت عام 1971 عندما أسقط مطرقةً وريشةً بنفس الوقت من نفس الارتفاع في أثناء وقوفه على القمر، ومع انعدام قوى مقاومة الهواء لإبطاء الريشة سقط الجسمان على سطح القمر بنفس السرعة.

ترأس التجربة الجديدة التي سُميت MICROSCOPE الفيزيائي الراحل بيير توبول وتضمنت قمرًا صناعيًا يدور في مدار فوق الأرض من 25 أبريل 2016 حتى تعطله في 18 أكتوبر 2018.

أجرى الفريق خلال هذه المدة العديد من تجارب السقوط الحر لكتل معلقة ما وفر خمسة أشهر من جمع البيانات. تضمن ثلثا هذه البيانات أزواجًا من كتل الاختبار ذات التركيبات المختلفة وسبائك التيتانيوم والبلاتين، وتضمن الثلث الآخر زوجين مرجعيين من الكتل ذات التركيب البلاتيني. استخدمت المعدات التجريبية قوى كهروستاتيكية للحفاظ على كتلتي الاختبار بنفس الوضعية بالنسبة لبعضهما، وفي حال حدوث أي اختلاف في التسارع -هناك مقياس يُعرف باسم نسبة Eötvös- فإن المعدات ستسجل تغيرًا في القوى الكهروستاتيكية التي تبقي الكتل في مكانها.

بشّرت النتائج الصادرة في عام 2017 بنتائج واعدة ولم يكن هناك أي خرق لمبدأ التكافؤ الضعيف وصولاً إلى معيار Eötvös −1±9 x 10−15، ومع ذلك كان القمر الصناعي ما يزال يعمل ويجمع البيانات أي أن العمل لم يكتمل.

تعزز البيانات الكاملة النتائج، ما يقيد معيار Eötvös إلى 1.1*10^-15، وهذا هو أدنى حدود مبدأ التكافؤ الضعيف حتى الآن ومن غير المرجح تجاوزه قريبًا، وهذا يعني أنه يمكن أن يستمر العلماء في الاعتماد على النسبية العامة بثقة أكبر ووضع قيود جديدة على العلاقة بين النسبية العامة وميكانيكا الكم، وهما علمان يخضعان لقواعد مختلفة.

قال عالم الفلك جيل ميتريس من مرصد كوت دا زور في فرنسا: «لدينا قيود جديدة والنتائج أفضل بكثير من أجل أي نظرية مستقبلية لأن هذه النظريات يجب ألا تنتهك مبدأ التكافؤ».

هذه نتيجة رائعة بالنظر إلى أن المعدات مصممة للعمل في بيئة الجاذبية الصغرى في مدار الأرض ولا يمكن اختبارها قبل الإطلاق، يمكن الفريق الآن استخدام النتائج لتصميم اختبار أكثر قوة بعد اكتمال مشروع MICROSCOPE بنجاح.

تساعد هذه الاختبارات في بحث حدود النسبية العامة، وهو إطار يصف الجاذبية في الزمكان. ومع ذلك في المقاييس الذرية ودون الذرية تنهار قواعد النسبية العامة على عكس ميكانيكا الكم، ويحاول العلماء حل الاختلافات بين النظريتين لبعض الوقت وقد تكون معرفة الشذوذ في نظرية النسبية العامة إحدى الطرق للقيام بذلك. نحن نعلم الآن أن هذا الشذوذ لا يحدث إلى في جزء واحد من 10^15 في مبدأ التكافؤ الضعيف، وبإجراء تحسينات على القمر الصناعي يمكن أن ينخفض الشذوذ إلى جزء واحد من 10^17 إلا أنه سيستغرق وقت لإنجاز ذلك.

يقول مهندس الفيزياء مانويل رودريغيز من المركز الوطني الفرنسي لأبحاث الفضاء (ONERA): «منذ عقد وأكثر لا نرى أي تحسن في تجربة الأقمار الصناعية الفضائية، لكننا نشك في أن هذه النتائج ستكون كافية للاستمرار في البحث في الوقت الحالي».

اقرأ أيضًا:

هل كان آينشتاين مخطئًا؟ اختبار جديد للنظرية العامة النسبية يُظهر نتائج غريبة!

8 طرق يمكنك من خلالها رصد تأثيرات نظرية النسبية تجريبيًا

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: جعفر الجزيري

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر