النظام الشمسي يحتمل أنه طرد عوالم بحجم القمر والمريخ إلى الفضاء بين النجوم


اكتشف علماء الفلك بأن العديد من العوالم وبأرقام ساحقة، يمكن أنها رحلت إلى الأبد من أركان كوننا.

عوالم مارقة (Rogue worlds) بحجم القمر والمريخ، تَتَوارى وتنساب في فضاءٍ هائل بين النجوم، كما يقول الباحثون.

ويضيف العلماء بأن كواكبًا مارقة بحجم كوكب الأرض قد تكون نادرة.

بيّنت الأبحاث السابقة أن عددا لا بأس به من العوالم ربما تحررت من نجومها الأٌم عند تَكوُّن الأنظمة الكوكبية، وانطلقت عوضًا عن ذلك إلى الفضاء الواسع السحيق. إكتشف علماء الفلك بالفعل عددا قليلا من تلك العوالم الطليقة (التي تسمى أحيانا “كواكب مارقة”)، مثل كوكب (2MASS J1119-1137)، والذي يكبر في كٌتلته عن كوكب المشتري بحوالي أربعة الى ثمانية أضعاف ويبعد حوالي 95 سنة ضوئية عن الأرض.

تلك الكواكب اللانجمية قد لا تكون نادرة. “وهناك نتيجة مذهلة تم التوصل إليها قبل بضع سنوات بأن هناك ما لا يقل عن واحد أو اثنين من تلك الكواكب بحجم المشتري في كل نجم”، كما يقول عالم الفيزياء الفلكية توماس باركلي (Thomas Barclay) في مركز أبحاث أميس (Ames) التابع لناسا في كاليفورنيا.

وحتى الآن، فإن العوالم اليتيمة المعروفة كانت كبيرة الحجم بما يٌمّكن المراصد من رصدها في الفضاء الشاسع بين النجوم، كواكب غازية عملاقة مثل المشتري وزحل، عوضا عن كواكب صخرية مثل الأرض والمريخ.

“يمكن أن نجد كواكبًا بكتلة الأرض أو المريخ”، يقول باركلي، متحدثا عن تلسكوب الأشعة تحت الحمراء القادم ذو النطاق الواسع (WFIRST)، والذي تخطط ناسا لإطلاقه عام 2020.

ولمعرفة الأعداد المحتملة لهذه العوالم الصخرية الهائمة، طور الباحثون نماذج حاسوبية لمحاكاة نجمٍ بكتلة الشمس يحيط به ستة وعشرون كوكبا في أطوارها المبكرة تقارب كل منها عٌشر كتلة الأرض، ومائتان وستون كويكبا، كتلة كل منها توازي واحدًا في المائة من كتلة الأرض.

(تبلغ كتلة المريخ حوالي 10.7 في المئة كتلةَ الأرض، في حين أن تُشكِّل كتلة القمر حوالي 1.2 في المائة من كتلة الأرض).

أجرى العلماء مائة وخمسون محاكاة احتوت فيها الأنظمة الكوكبية العملاقة على كوكبين بكتلة توازي كتلة كوكب المشتري وزحل، ومائة وخمسون أخرى، بدون هذه الكواكب الغازية العملاقة.

تم إجراء هذه المحاكاة لمدة توازي ملياري عام، مما يتيح لجميع هذه الأجسام أن تتجاذب نحو بعضها وتتصادم وتلتصق ببعضها البعض أو تتفكك.

وفي محاكاة الأنظمة الكوكبية بدون وجود الكواكب العملاقة، “تم إخراج كتلة صغيرة جدا”، بحسب قول باركلي.

على الأكثر، ستغادر الأجسام التي لا يزيد حجمها عدة مرات عن كتلة القمر.

في المقابل، عندما كان للنجوم كواكب عملاقة تدور حولها، فإن قوة سحب الجاذبية لهذه العوالم الضخمة أعطت هذه الأنظمة الكوكبية ما يكفي من الطاقة لقذف أجسام إلى الخارج تصل كتلتها إلى ثلاثة أضعاف كتلة كوكب المريخ لتصبح كواكبًا مارقة.

إجمالا، طردت هذه الأنظمة الكوكبية أجساما تصل كتلتها كليّاً حوالي خمس أضعاف كتلة الأرض، نصفها تقريبا كان في حجم المريخ أو أكبر، في حين أن النصف الآخر كان في حجم القمر.

يقول باركلي: ” في محاكاة الأنظمة الكوكبية مع الكواكب العملاقة، كان هناك حقبتين زمنيتين من طرد الأجسام”.

حدثت الحقبة الأولى في فترة تترواح بين الملايين القليلة الأولى إلى بضع عشرات من ملايين السنين في المحاكاة، وفيها ألقيَت خارجا مادة بدائية أساسية نسبياً من تلك الأجسام.

و وقعت الحقبة الثانية بعد حوالي مائة مليون سنة في المحاكاة، وتنسجم نتائجها مع نتائج الاصطدام بين هذه الأجسام، لتشمل الأجسام الكبيرة التي تشكلت من هذه الاصطدامات.

ويضيف باركلي: “إجمالا، نحن نتوقع أن نجد سبعة أو ثمانية كواكب جوالة لها كتلة تماثل المريخ في كل نجم في المجرة”.

“إذا كانت الكواكب العملاقة شائعة، فإننا سنجد العديد منها، وإذا كانت نادرة، فسنجد القليل. لدينا توقعات قوية في دراستنا النظرية يمكن اختبارها مع الرصد المستقبلي الذي يجري التخطيط له.”

ومع ذلك، “كان هناك مابين عدد قليل جدا إلى لا شيء على الإطلاق من الكوكب المارقة لها كتلة تماثل كتلة الأرض ” بحسب قول باركلي.

وحدث ذاك في الأصل، لأنه تم طرد معظم الأجسام في فترة ماقبل الجداول الزمنية اللازمة لتكوين عالم له كتلة كالأرض .

ويضيف:” لم نكن نتوقع أن نرى اختلافات كبيرة جدا تبعا لأنواع مختلفة من النجوم”.

حيث تم عمل هذه المحاكات مع نجوم شبيهة بالشمس، ومع ذلك، فإننا نريد إجراء تلك المحاكات لتأكيد هذا الشك.”

ويقول باركلي محذرا العلماء: “لا زلنا لا نملك نموذجا كاملا يبين لنا كيفية تكون النظام الشمسي، وربما أسوأ من ذلك، لا نملك نماذج حول تشكل الأنظمة الكوكبية الأخرى.

يمكن أن يساعدنا تعلم المزيد عن الكواكب المارقة في معرفة المزيد عن كيفية تشكل أنظمة الكواكب، من الذي بقي، ومن الذي قُذِف به خارجا.”

تناول باركلي وزميلته إليسا كوينتانا (Elisa Quintana) بالتفصيل النتائج التي توصلوا إليها في التاسع عشر من أكتوبر الماضي وذلك في شعبة الجمعية الفلكية الأمريكية لعلوم الكواكب، والكونغرس الأوروبي لعلوم الكواكب في باسادينا، كاليفورنيا.


ترجمة: صقر محمد عبدالرحمن أسعد
تدقيق: بدر الفراك
المصدر