النموذج القياسي للجُسيمات


مقدّمة

النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات (Standard Model of particle physics) هو نوع من الجدول الدوري. لكن بدلا من إدراج العناصر الكيميائية، فإنه يسرد الجسيمات الأساسية الأولية (fundamental particles) التي تشكل الذرات التي تشكل بدورها العناصر الكيميائية، بالإضافة إلى جسيمات أخرى لا يمكن تقسيمها إلى أي قطع أصغر.

وقد استغرق بناء هذا النموذج القياسي الكامل وقتا طويلا منذ اكتشاف الفيزيائي طومسون الإلكترون في عام 1897 إلى أن وجد العلماء في مصادم الهادرون الكبير ( Large Hadron Collider LHC) في سيرن (CERN) الجزء الأخير من اللغز، وهو بوزون هيغز (Higgs boson)، في عام 2012.

ماهي الجسيمات الأولية؟

الجسيمات الأولية أو الجسيمات دون الذرية هي جسيمات تفتقد لبنية داخلية قابلة للقياس.

يمكن تصنيف الجسيمات الأولية إلى نوعين أساسيين حسب دورانها المغزلي.

– الفرميونات :

وهي الجسيمات التي لها دوران مغزلي نصف صحيح (1/2) وتدعى أيضا جسيمات المادة لأنها ترتبط مع بعضها لتكوين الأشياء المادية فهي تشكّل أساس المادّة.

– البوزونات :

وهي الجسيمات التي تمتلك دورانا مغزليا صحيحا 0 أو 1 وتدعى أيضا جسيمات القوى أو حاملة القوى لأنها تنقل التأثير المتبادل بين جسيمات المادة.

الفرميونات Fermions

تنقسم الفرميونات أو جسيمات المادة Matter particles بدورها إلى مجموعتين : الكواركات (quarks) واللبتونات (leptons)

– اللبتونات تتكوّن من ستة جسيمات ترتبط في ثلاثة أزواج أو أجيال.

وكل زوج أو جيل هو بمثابة جسيم أوّلي مشحون وجسيم آخر غير مشحون.
الأجيال الثلاثة لللبتونات هي :

* “الإلكترون” و”نيوترينو الإلكترون” (electron neutrino).

*”الميون” و”نيوترينو الميون” (muon neutrino).

*”التاو” و”نيوترينو التاو” (tau neutrino).

الجيل الأول (الإلكترون ونيوترينو الإلكترون) هو الأخف وزنا والأكثر استقرارا

-الكواركات الستّة تنقسم أيضا إلى ثلاثة أزواج أو أجيال:

* الجيل الأول وهو الأخف وزنا والأكثر استقرارا فيتألف من “الكوارك العلوي” (up quark) و”الكوارك السفلي” (down quark).

* الجيل الثاني :”الكوارك الساحر” (charm quark) و”الكوارك الغريب” (strange quark).

* الجيل الثالث :”الكوارك القُمي” (top quark) و”الكوارك القَعري” (quark bottom).

البوزونات Bosons

هي الجسيمات التي تنقل أو تحمل القوى لذلك تدعى أيضا بحاملة القوى. فكل قوة أساسية لها جسيمات أو بوزونات حاملة لها.

* الفوتون (photon): هو الجسيم الحامل للقوة الكهرومغناطسية. تتبادل الجسيمات المادية المشحونة الفوتونات منتجة حقولا كهربائية ومغناطسية.

* الغلوون (gluon) : هو الجسيم الحامل للقوة النووية الشديدة أو القوية المسؤولة عن تشكيل النواة حيث ترتبط الكواركات معا لتشكل النيوترونات
والبروترونات التي ترتبط بدورها معا لتشكل النواة.

*بوزونات W – و+W وZ0: هي الجسيمات الحاملة للقوة النووية الضعيفة المسؤولة عن التفكك الإشعاعي والاندماج النووي.

* الغرافتون (graviton) هذا الجسيم لم يرصد بعد وهو الجسيم المفترض أن يكون حاملا للقوة الرابعة الجاذبية.

* بوزون هيغز (Higgs boson).

جسيم أوّلي وهو المسؤول عن كتلة الجسيمات الأولية. قد تنبأ بوجوده الفيزيائي الإسكتلندي “بيتر هيغز” عام 1964. وفي 4 يوليو 2012، أعلن علماء يعملون مع مصادم هادرون الكبير (LHC) عن اكتشافهم لجسيم يتصرف بالطريقة التي يجب أن يتصرف بها بوزون هيغز وأنهم متأكدين بنسبة 99.999% من أنّه بوزون هيغز فعلا.

ملاحظة : الهادرون Hadron يشير إلى الجسيمات التي تحتوي على الكواركات إضافة إلى الغلونات.ومن تلك الجسيمات البروتون والنيوترون.

إلى أيّ مدى تفسّر نظرية النموذج القياسي للجسيمات نشأة الكون والقوى التي تربطه؟

تتواجد الكواركات والإلكترونات بلا استثناء في كل المواد.

*الإلكترونات هي الجسيمات الوحيدة المتواجدة من اللبتونات في تركيب المادة والمسؤولة عن كل التفاعلات الكيميائية التي نعرفها في الكون.

*الميونات والتاو هي جسيمات مشحونة أكبر في الكتلة تصل أعمارها إلى 2.2 ميكرو ثانية ثم سرعان ما تتحلّل لتصبح إلكترونات أكثر استقرارا و أخف وزنا.

*النيوترينوهات هي جسيمات لا يمكننا رؤيتها لأنّها غير مشحونة لذلك لا تتفاعل مع المجالات الكهرومغناطيسية كالضوء ولا تتأثر هذه الجسيمات إلا بالجاذبية والقوى النووية الضعيفة.

*البروتونات والنيوترونات تتكون من الكواركات. فالبروتون مؤلف من كواركين علويين وواحد سفلي، في حين أن النيوترون مؤلف من كوارك علوي واثنين سفليين. أمّا باقي الكواركات فقد تواجدت فقط في ظروف خاصة كالانفجار العظيم، أو في مصادمات الجسيمات.

تقدم نظرية النموذج القياسي أفضل تفسير لكيفية ارتباط الجسيمات والقوى الأساسية

* تتحكم القوة الكهرومغناطسية Electromagnetism في ارتباط الإلكترونات بالذرة وفي التفاعلات الكيميائية والكهربائية والمغناطيسية في الكون.

* تعمل القوة النووية القوية أو الشديدة Strong Nuclear Force ضمن نطاق قصير لا يتخطّى النواة، فهي المتحكمة في ارتباط الكواركات ببعضها وارتباط النيوترونات والبروتونات.

هذه القوة هي التي تمنع ظهور الكواركات منفردة.

*تعمل القوة النووية الضعيفة Weak Nuclear Force ضمن نطاق قصير جدا وهي المسؤولة عن التفكك الإشعاعي والاندماج النووي. وتظهر هذه القوة خاصة في تحلل بيتا أي تحوّل البروتونات للنيوترونات والعكس.

فعندما يتحول مثلا الكوارك السفلي إلى علوي يتحول النيوترون إلى بروتون ويتزامن هذا التحول مع تحلّل سريع لبوزون W- الحامل للقوة النووية الضعيفة لكي يعادل الشحنة السالبة المفقودة.

أمام نظرية النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات تحديات كبرى ليفسّر الصورة الكاملة للكون منها

* رصد البوزون الحامل للجاذبية الغرافتون وهو ما سيمكّن العلماء من إدراج هذه القوّة الأساسية الرابعة ضمن النموذج القياسي.

*دمج النسبية العامة التي تستخدم في وصف المستوى الكلّي ونظرية الكم التي تستخدم في وصف المستوى المجهري للعالم في النموذج الحالي بحيث نحصل على نظرية كل شيء.

*تفسير أعمق للمادّة المظلمة والإجابة عن السؤال المهمّ: ما الذي حدث للمادة المضادة بعد الانفجار الكبير؟

وغير ذلك من الأسئلة..

استعمالات فيزياء الجسيمات

*تعقيم المعدات الطبية بتمريرها عبر سلسلة من مُسرّعات الجسيمات.

*تحسين القدرة الحوسبية والسعة التخزينية لتسهيل التعامل مع الكم الكبير من البيانات.

*العمل على تحديد التفاعلات الكهرومغناطيسية والنووية بين الجسيمات والأنسجة البشرية لتصميم خُطط علاجية في المجال الطبّي.
*استخدام أشباه موصلات (semiconductors) أشعة الليزر في جراحة العيون.

*تطوير أجهزة التصوير الطبي و مُسرعات الحزم التي تستخدم في اكتشاف الأورام والقضاء على السرطان.

فعدد مسرعات الجسيمات التي يتم استخدامها حول العالم لتشخيص وعلاج الامراض يفوق17.000 مسرع.

*فحص الأعضاء والأنسجة داخل جسم الإنسان باستخدام PET ماسحات الانبعاث البوزيتروني (positron emission tomography).

*التصوير باستخدام الرنين المغناطيسي (MRI).


إعداد :أشرف بن نصر
تدقيق: محمد نور

المصادر:

المصدر 1

المصدر 2

المصدر 3

المصدر 4

المصدر 5

المصدر 6