الورم الدموي تحت الجافية إصابة يتسرب فيها الدم من الوعاء الدموي الممزق إلى الفراغ الموجود أسفل الأم الجافية -الغشاء بين الدماغ والجمجمة، تشمل الأعراض الصداع المستمر والارتباك والنعاس والغثيان والقيء وتداخل الكلام وتغيرات في الرؤية. قد تكون الأورام الدموية تحت الجافية خطيرة وتتطلب مراجعة الطبيب، خصوصًا عند حدوث إصابات الرأس.

ما الورم الدموي تحت الجافية؟

هو نوع من النزيف داخل الرأس، وهو نوع من النزيف يحدث داخل الجمجمة لكن خارج أنسجة الدماغ الفعلية. يحتوي الدماغ على ثلاث طبقات أو أغشية تقع بين الجمجمة العظمية وأنسجة الدماغ، تُسمى هذه الأغشية السحايا ووظيفتها تغطية الدماغ وحمايته.

يبدأ الورم الدموي تحت الجافية بتمزق في أحد الأوعية الدموية، غالبًا ما يكون الوريد، ثم يتسرب الدم من الوعاء الدموي الممزق إلى الفراغ الموجود أسفل طبقة غشاء الأم الجافية، يسمى هذا الفراغ: الفراغ تحت الجافية، ويسمى النزيف في هذا الفراغ: النزيف تحت الجافية. ومن الأسماء الأخرى للورم الدموي تحت الجافية: نزيف تحت الجافية أو الورم الدموي داخل الجمجمة، هو أيضًا نوع من إصابات الدماغ الرضية.

ما مدى شيوع الأورام الدموية تحت الجافية؟ وما مدى خطورتها؟

تحدث الأورام الدموية تحت الجافية عند 25% من الأشخاص المصابين بإصابات في الرأس. وقد يكون الورم الدموي تحت الجافية خطيرًا. في بعض الأحيان، يكون النزيف بطيئًا ويكون الجسم قادرًا على التخلص من الدم المتجمع. لكن إذا كان الورم الدموي شديدًا، قد يسبب تراكم الدم الضغط على الدماغ، ما قد يؤدي إلى مشكلات في التنفس والشلل والموت إن لم يُعالَج.

يجب أن تُعد كل الضربات على الرأس خطيرة، إذ لا يُعرف مدى شدة نزيف الدماغ حتى إجراء الفحوصات اللازمة، وعلى هذا يجب إجراء الفحوصات في المستشفى لدى إصابة الرأس.

هل توجد أنواع مختلفة من الأورام الدموية تحت الجافية؟

يصنف الأطباء الأورام الدموية تحت الجافية حسب سرعة تطورها، ومقدار النزيف، ومقدار الضرر الذي يسببه النزيف. وعلى هذا فالأنواع هي:

  •  الورم الحاد: أخطر أنواع الورم الدموي تحت الجافية، الأعراض فيه شديدة وتظهر مباشرةً بعد إصابة في الرأس، غالبًا في غضون دقائق إلى ساعات. يزداد الضغط على الدماغ بسرعة مع تجمع الدم، وعدم التشخيص أو العلاج السريع قد يسبب فقدان الوعي أو الشلل أو حتى الموت.
  •  الورم متوسط الشدة: تظهر الأعراض عادةً من ساعات إلى أيام أو حتى أسابيع بعد إصابة الرأس. قد يحدث الورم الدموي تحت الجافية متوسط الشدة مترافقًا مع ارتجاج.
  •  الورم المزمن: الأكثر شيوعًا عند كبار السن، يحدث النزيف ببطء وقد لا تظهر الأعراض لأسابيع أو شهور. وحتى إصابات الرأس الطفيفة قد تسبب أورامًا دموية مزمنة تحت الجافية. بسبب التأخر في ظهور الأعراض، قد لا يتذكر المسن متى وكيف حدثت إصابة الرأس. وقد تكون التغيرات طفيفة جدًا وتحدث ببطء شديد لدرجة أن الأعراض قد لا يلاحظها كبار السن أو أصدقاؤهم أو أسرهم.

من الأكثر عرضة للإصابة بورم دموي تحت الجافية؟

مع أن أي شخص قد يصاب بورم دموي تحت الجافية من إصابة عرضية في الرأس، فإن مجموعات معينة من الناس معرضون لخطر أكبر، فهذه الأورام أكثر شيوعًا عند:

  •  كبار السن: مع تقدمنا في السن، تتقلص أدمغتنا داخل جماجمنا وتتسع المساحة بين الجمجمة والدماغ، ما يؤدي إلى تمدد الأوردة الدقيقة في الأغشية بين الجمجمة والدماغ. من المرجح أن تتمزق هذه الأوردة الرقيقة الممتدة في حالة حدوث إصابة طفيفة في الرأس، مثل السقوط.
  •  الرياضيون الذين يمارسون رياضات تتضمن الاحتكاك الجسدي: يتعرض لاعبو كرة القدم وغيرهم ممن يمارسون الرياضات عالية الخطورة والذين قد يتعرضون لضربة في الرأس لخطر متزايد للإصابة بالورم الدموي.
  •  الأشخاص الذين يتناولون مميعات الدم: تعمل مميعات الدم على إبطاء عملية التخثر أو تمنع الدم من التجلط. إذا لم يتجلط الدم، قد يكون النزيف حادًا وطويل الأمد، حتى بعد إصابة طفيفة نسبيًا.
  •  مرضى الناعور: الناعور اضطراب وراثي يمنع تجلط الدم، المصابون بالناعور أكثر عرضة للإصابة بنزيف غير منضبط بعد إصابة الرأس.
  •  من يتناولون الكحول بإفراط: يؤدي الإفراط في تناول الكحوليات إلى تلف الكبد بمرور الوقت. لا يستطيع الكبد التالف إنتاج ما يكفي من البروتينات التي تساعد الدم على التجلط، ما يزيد من خطر حدوث نزيف.
  •  الرضع: ليس لدى الرضع عضلات رقبة قوية لحماية أنفسهم من إصابة الرأس. عندما يقوم شخص ما بهز رضيع بعنف، قد يصاب الرضيع بورم دموي تحت الجافية. يسمى هذا النوع من الإصابة بمتلازمة هز الرضيع.

ما أعراض الورم الدموي تحت الجافية؟

نظرًا إلى أن الورم الدموي تحت الجافية هو نوع من إصابات الدماغ الرضية، فإنهما يشتركان في الكثير من الأعراض، قد تظهر أعراض الورم الدموي تحت الجافية مباشرةً بعد إصابة في الرأس، أو قد تتطور بمرور الوقت. وتتضمن أعراض الورم الدموي ما يلي:

  •  صداع طويل الأمد، عادةً ما يكون الصداع شديدًا في حالة الورم الدموي الحاد تحت الجافية.
  •  ارتباك ونعاس.
  •  استفراغ وغثيان.
  •  تداخل في الكلام وتغيرات في الرؤية.
  •  دوار وفقدان التوازن وصعوبة في المشي.
  •  ضعف في جانب واحد من الجسم.
  •  فقدان الذاكرة والارتباك وتغيرات الشخصية، خاصةً عند كبار السن المصابين بالورم الدموي تحت الجافية المزمن.
  •  تضخم الرأس عند الأطفال، فقد تتضخم جماجمهم الرخوة مع تجمع الدم.

مع استمرار النزيف وزيادة الضغط في الدماغ، قد تزداد الأعراض سوءًا، وتشمل الأعراض في هذه المرحلة ما يلي:

  •  الشلل.
  •  النوبات.
  •  مشكلات في التنفس.
  •  فقدان الوعي والغيبوبة.

في بعض الأحيان، لا تظهر الأعراض على الأشخاص فور تعرضهم لإصابة في الرأس، بل تظهر عليهم الأعراض بعد أيام. من المهم أيضًا معرفة أن الأورام الدموية تحت الجافية التي تتطور ببطء -النوع المزمن- قد تختلط مع الحالات الأخرى لدى التشخيص مثل ورم الدماغ أو السكتة الدماغية.

بعض أعراض الورم الدموي تحت الجافية لدى كبار السن، مثل فقدان الذاكرة والارتباك وتغيرات الشخصية، تختلط مع أعراض الخرف، فقد لا يتذكر المسن متى وكيف ضُرب رأسه، لذلك تجب مراجعة الطبيب لتقييم الحالة.

كيف تُشخَّص الأورام الدموية تحت الجافية؟

أولًا، يجري الطبيب فحصًا جسديًا وعصبيًا شاملًا، يسأل فيه عن زمن إصابة الرأس وكيفية حدوثها، ويتحرى الأعراض والمشكلات الطبية الأخرى والأدوية وعادات الحياة الأخرى. ثم تتضمن الفحوصات: قياس ضغط الدم، واختبار الرؤية، واختبار التوازن والقوة، إضافةً إلى اختبارات المنعكسات العصبية وفحص الذاكرة.

إذا شك طبيبك بالورم الدموي تحت الجافية، سيطلب فحصًا بالتصوير المقطعي أو التصوير بالرنين المغناطيسي للرأس، تسمح اختبارات التصوير هذه للأطباء برؤية صور واضحة للدماغ وتحديد مكان النزيف ومقداره أو إصابات الرأس والرقبة الأخرى.

ما علاجات الورم الدموي تحت الجافية؟

يعالج الأطباء الأورام الدموية الكبيرة بجراحة لتخفيف الضغط، يحفر الجراح ثقبًا أو أكثر في الجمجمة لتصريف الدم، عندها يخفف الضغط الذي يسببه تراكم الدم على الدماغ، قد تظهر الحاجة إلى عملية جراحية إضافية لإزالة جلطات الدم الكبيرة أو السميكة إذا وُجِدت. عادةً، يترك الأطباء أنبوبًا في مكان أحد الثقوب لعدة أيام بعد الجراحة للسماح للدم بالاستمرار في التصريف.

في بعض الأحيان، تسبب الأورام الدموية أعراضًا محدودة أو معدومة وتكون صغيرة الحجم ولا تتطلب علاجًا جراحيًا. قد تكفي الراحة في الفراش والأدوية والمراقبة. قد يصرّف الجسم كمية صغيرة من الدم بمرور الوقت، عادة لبضعة أشهر. وقد يطلب الطبيب اختبارات تصوير منتظمة -مثل التصوير بالرنين المغناطيسي- لمراقبة الورم الدموي والتحقق من شفائه.

تشمل الآثار الجانبية للعلاج الجراحي زيادة خطر النزيف والإنتانات الجرثومية والجلطات الدموية.

ما مضاعفات الورم الدموي تحت الجافية؟

من دون علاج، قد تؤدي الأورام الدموية الكبيرة إلى الغيبوبة والموت. تشمل المضاعفات الأخرى ما يلي:

  •  فتق الدماغ: قد يؤدي الضغط المتزايد إلى دفع أنسجة الدماغ حتى تتحرك من وضعها الطبيعي. غالبًا ما يؤدي فتق الدماغ إلى الموت.
  •  النزيف المتكرر: كبار السن الذين يتعافون من ورم دموي، لديهم مخاطر أكبر للإصابة بنزيف آخر. لا تتعافى إصابات كبار السن بنفس سرعة إصابات الأشخاص الأصغر سنًا. ومع التقدم في العمر، يتقلص الدماغ وتتسع المساحة بينه وبين الجمجمة. يؤدي هذا إلى تمدد الأوردة الدقيقة بين طبقات الغشاء الخارجي للدماغ والجمجمة ويجعل الدماغ أكثر عرضة للنزيف في المستقبل في حالة حدوث إصابات في الرأس.
  •  النوبات: قد تحدث النوبات حتى بعد علاج الورم الدموي.

كيف نستطيع منع الورم الدموي تحت الجافية؟

مع أنه قد لا يكون من الممكن منع حدوث ورم دموي عند حصول حادث، فمن الممكن تقليل المخاطر:

  •  حماية الرأس: استخدام حزام الأمان وارتداء خوذة عند ركوب الدراجة الهوائية أو النارية دائمًا. وكذلك عند ممارسة رياضة عالية الخطورة أو تتطلب الاحتكاك، ويجب استخدام معدات الأمان لدى العمل في أماكن مرتفعة.
  •  الراحة بعد إصابة في الرأس: بعد الإصابة بارتجاج في الدماغ، نيل قسط من الراحة ومنح الدماغ وقتًا للتعافي، يحدد الطبيب مدة الراحة قبل العودة إلى العمل أو الأنشطة السابقة، فالورم الدموي تحت الجافية المزمن قد لا تظهر عليه الأعراض لأيام وأسابيع وحتى شهور.
  •  إزالة مخاطر التعثر من المنزل خاصة لدى المسنين: كإبعاد الأسلاك الكهربائية عن الطريق، وإضافة الدرابزين إلى جميع السلالم، وإضافة أضواء إلى السلالم والممرات والمناطق المظلمة، ووضع الأثاث بطريقة تسمح دائمًا بالإمساك بشيء ما لدى المشي في المنزل، واستخدام العكاز أو المشاية إذا كان المشي غير مستقر.
  •  فحص الرؤية بانتظام.
  •  مراقبة الطبيب للأدوية: وذلك للتحقق من الآثار الجانبية لها والتحقق من أنها لا تسبب الدوار أو فقدان التوازن. إذا حدث ذلك، بالوسع تغيير الجرعات أو وصف دواء مختلف.
  •  توخي الحذر عند تناول مميعات الدم: يُنصح بالتحدث إلى الطبيب حول التحذيرات لدى تناول مميعات الدم، فحتى إصابات الرأس الطفيفة قد تسبب ورمًا دمويًا تحت الجافية لدى الأشخاص الذين يتناولون مميعات الدم، تشمل الأمثلة الأسبرين والوارفرين والهيبارين، ومميعات الدم الأحدث: دابيغاتران وريفاروكسابان وأبيكسيبان وإيدوكسابان.

التوقعات بعض الإصابة بورم دموي تحت الجافية

يعتمد ذلك على التشخيص والعمر وشدة الإصابة في الرأس وسرعة الاستجابة للعلاج. ينجو 50% تقريبًا من الأشخاص المصابين بأورام دموية حادة كبيرة، مع أن الإصابة قد تسبب تلفًا دائمًا في الدماغ. يتمتع الأشخاص الأصغر سنًا بفرصة أعلى للبقاء على قيد الحياة من كبار السن.

يتعرض كبار السن لخطر متزايد للإصابة بنزيف آخر بعد التعافي من ورم دموي مزمن تحت الجافية. إذ إن أدمغة المسنين لا تستطيع إعادة التمدد وملء الفراغات الذي كان الدم فيها، ما يجعلهم أكثر عرضة لنزيف الدماغ في المستقبل عند حدوث إصابات خفيفة في الرأس.

متى يجب الحصول على مساعدة طبية طارئة لدى التعرض لإصابة في الرأس؟

دائمًا ما يكون الورم الدموي تحت الجافية أحد المخاطر المحتملة بعد إصابة الرأس، وعليه يجب طلب العناية الطبية الفورية لدى ظهور أي من الأعراض التالية:

  •  فقدان الوعي.
  •  كلام غير واضح.
  •  ارتباك.
  •  الغثيان أو القيء.
  •  التغير من حالة اليقظة إلى النعاس والعكس.
  •  مشكلات التوازن والمشي.
  •  الرؤية المزدوجة.
  •  ضعف أو تنميل في أي جزء من الجسم.
  •  النوبات.
  •  صداع حاد.

يجب أيضًا أن يحصل الأشخاص المعرضون لخطر الإصابة بالورم الدموي تحت الجافية على عناية طبية فورية وإن كانت الإصابة خفيفة، هؤلاء الأشخاص هم:

  •  كبار السن.
  • الأشخاص الذين يتناولون أدوية مميعة للدم أو يعانون أمراضًا تصعب التخثر، مثل الناعور ومرض فون ويلبراند.
  •  مدمني الكحول.

قد تكون الأورام الدموية تحت الجافية مهددة للحياة، وعند التعرض لإصابة في الرأس يُنصح بالحصول على رعاية طبية فورية، لا تنتظر حتى تتطور الأعراض.

اقرأ أيضًا:

متلازمة هز الرضيع: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

النزف تحت الجافية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: ميس الفالوجي

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر