يقول الكثيرون منا على سبيل المزاح: «إذا مت، امسح سجل المتصفح الخاص بي». مهما كان سجل التصفح الخاص بك طبيعيًا، فجميعنا لديه عمليات بحث غريبة على غوغل، قد لا يفهمها الأشخاص الآخرون خارج السياق. وجميعنا نزور صفحة شخص ما على فيس بوك أكثر من المعتاد.

رغم التطور الكبير لشبكة الإنترنت، فإن فهمنا لحق الخصوصية على الإنترنت لم يتطور بالقدر ذاته. وما زالت إجابة السؤال غامضة: هل بوسعك حقًا مسح سجل تصفح الإنترنت الخاص بك؟ الجواب قد يفاجئك.

منذ أواخر التسعينيات، أصبح الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياة الكثيرين حول العالم. حاليًا، نحو 4 مليارات شخص يستخدمون الإنترنت، أي أكثر من نصف سكان العالم، مقابل 7% فقط عام 2000.

أصبح الوصول إلى الإنترنت لا يُعد رفاه‍يةً، بل أقرب إلى كونه حقًا إنسانيًا، إذ إن الكثير من جوانب حياتنا أصبحت تتعلق بإمكانية الوصول إلى الإنترنت.

نظرًا إلى حجم استخدام الإنترنت حول العالم، أصبح جمع المعلومات عن المستخدمين عملا تجاريًا ضخمًا. إذ إن محركات البحث مثل غوغل، ومواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك، تمتلك كميةً ضخمةً من البيانات عن حياة مستخدميها، وعاداتهم اليومية، التي تُعد ذات قيمة عالية جدًا بالنسبة إلى مجال الإعلان والتسويق. وهي أيضًا قيّمة للحكومات، وللمخترقين بطبيعة الحال.

يدرك الأشخاص بتزايد أهمية المعلومات التي يشاركونها على الإنترنت، ويعود الفضل في ذلك إلى التسويق الموجَّه. لكن حذف حسابك على مواقع التواصل الاجتماعي قد لا يكون حلًا آمنًا إن كان هذا قد خطر لك.

المشكلة عند حذف المعلومات أنه لا شيء يختفي من الإنترنت فعلًا، ويعود الفضل في ذلك إلى «الشروط والأحكام» التي نوافق عليها جميعًا دون أن نفقه حرفًا منها! لذا فإنه من الصعب جدًا استعادة المعلومات التي شاركتها سابقًا.

قد لا تستطيع أنت أو مستخدمو الموقع الإلكتروني رؤية المعلومات المحذوفة، لكنها ما زالت مخزنة في مكان ما. وفي كثير من الأحيان لم يعد هذا المحتوى ملكًا لك بعد الآن.

مثلًا، بوسعك أن تطلب من فيس بوك حذف حسابك نهائيًا، لكن غوغل ما زال بوسعه الاحتفاظ بمعلوماتك إلى الأبد، واستخدامها بالطريقة التي تراها الشركة مناسبةً. يوتيوب قد يحذف محتوى ما، لكنه يبقى موجودًا على المخدمات الأخرى.

هواتف أندرويد تستطيع الاستماع إلى محادثاتك، وتسجيل مقطع صوتي دون أخذ موافقتك. يُعد ذلك قانونيًا، في الولايات المتحدة على الأقل. في مارس 2017، صوّت الكونجرس من أجل السماح للشركات بجمع بيانات تصفح مستخدميها، وذلك أمر لا يحدث في أوروبا.

من يرغب في جمع معلومات عنك ليس فقط الشركات التي تريد بيع منتجاتها، بل إن وكالة الأمن القومي استفادت أيضًا من الأمر. إذ ترغب الحكومات في جمع معلومات عن مستخدمي المواقع الإلكترونية، لأغراض عديدة.

تحت غطاء «الأمن القومي»، جربوا كل شيء، من الولوج إلى أجهزة الهاتف المحمول، إلى تحديد مواقع الإرهابيين المشتبه بهم، ومحاولة اكتشاف من استخدموا مواقع محددة لأغراض سياسية. كلها معارك قانونية في مواجهة: «المواطنون مقابل الأمن القومي».

اقرأ أيضًا:

هل نشهد فقاعة إنترنت أخرى هذا العام؟

هل يؤثر تصفح الانترنت أثناء دوام العمل على إنتاجيتك؟ دراسة تدحض كل الخرافات

ترجمة: ليلى الشومري

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر