ابتكر العلماء حديثًا نظيرًا غير مسبوق للمغنيسيوم، وهو أخف شكل من أشكاله في العالم، داخل جهاز تحطيم الذرة العملاق، يحتوي نظير المغنيسيوم الجديد على ستة نيوترونات فقط في نواة ذرته.

يتوقع الباحثون أن اكتشافهم سيساعد العلماء على فهم أوسع لكيفية تشكل الذرات، رغم تفكك المادة بسرعة كبيرة جدًا، إذ لا يمكن قياسها. مثل هذه النظائر هي صيغ من العناصر الكيميائية تحتوي عددًا أكثر أو أقل من النيوترونات في نواتها، وقد تسهم في تحديد النماذج التي يستخدمها العلماء لفهم الذرات.

قال كايل براون، الكيميائي في منشأة النظائر النادرة في جامعة ميتشيغان إيست لانسينغ: «باختبار هذه النماذج وتحسينها، يمكننا استنتاج كيفية عمل الأشياء التي لا يمكن قياسها، إذ نقيس الأشياء التي يمكن قياسها لتوقع ما لا يمكن قياسه».

وفقًا للبحث، لم يحل النظير الجديد للمغنسيوم «مغنسيوم-18» اللغز حول الذرات، لكنه سيسهم في تطوير النظريات التي وضعها العلماء وتفسيرها، لا سيما أن قياسات فريق البحث لنواتج انحلال النظير المشع ستعطي رؤى جديدة حول طاقة ارتباط الإلكترونات التي تدور حول النواة.

النوى الذرية

المغنيسيوم النقي في الظروف الطبيعية معدن رمادي، عدده الذري 12 أي أن نواته تحتوي 12 بروتونًا، وهو سريع الاشتعال وينتج ضوءًا أبيض قويًا عند احتراقه.

ينشأ المغنيسيوم مثل العديد من العناصر الكيميائية من تفاعلات الاندماج النجمية، ووُجد على الأرض إذ انفجرت تلك النجوم -الميتة منذ زمن طويل- في مستعرات عظمى نشرت السحب بين النجوم -الغازات والبلازما- التي شكلت نظامنا الشمسي.

يتوفر المغنيسيوم بكثرة نسبيًا في القشرة الأرضية وله دور كيميائي مهم في العديد من المركبات البيولوجية والصناعية.

نظير المغنيسيوم الأكثر استقرارًا لديه 12 نيوترونًا في كل نواة، أي إن الكتلة ذرية لهذا العنصر تساوي 24، لذلك يُسمى مغنيسيوم-24.

بتسريع حزمة من نوى مغنيسيوم-24 إلى نحو نصف سرعة الضوء في مسرع جسيمات دائري عالي الطاقة، وإطلاق تلك الحزمة عالية السرعة على هدف من رقائق معدنية مصنوعة من البريليوم، ينتج «حساء» من نظائر المغنيسيوم الخفيفة، انتقى الباحثون من بينها نظير المغنيسيوم-20 غير المستقر، الذي تحتوي نواته 8 نيوترونات فقط، ويتحلل إشعاعيًا في أجزاء من الثانية.

بعد ساعات من العمل الشاق أطلق الباحثون نواة مغنيسيوم-20 مرة أخرى بسرعة نحو نصف سرعة الضوء على هدف آخر من البريليوم، يبعد 30 مترًا.

نتج من الاصطدام النظير مغنيسيوم-18، الذي تحتوي نواته 12 بروتونًا وستة نيوترونات فقط، وهو النظير الأخف للمغنسيوم.

النظائر النادرة

تُحاط معظم النوى الذرية بالإلكترونات من محيطها وتصبح ذرات أساسية، من ثم تتحد مع ذرات أخرى لتشكيل مركبات كيميائية.

لكن النظير المكتشف حديثًا مغنيسيوم-18 غير مستقر وقصير الأمد، فسرعان ما تنهار النواة بسبب قلة النيوترونات، فترة عمر النصف التي تستغرقها نواته لكي تتحلل تبلغ 21-^10 ثانية، ما يعني أنها تختفي بسرعة كبيرة جدًا فلا تُتاح لها الفرصة لتُحاط بالإلكترونات.

النظير مغنيسيوم-18 قصير العمر يصطدم بالبريليوم ويتحلل بداخله، لذلك استنتج الباحثون وجوده من نواتج التحلل.

قال براون: «كان هذا مجهودًا جماعيًا، إنه أمر مثير للغاية، لا يكتشف الناس نظيرًا جديدًا كل يوم».

حدد العلماء حتى الآن آلاف النظائر لعناصر الجدول الدوري، ويُكتشف المزيد كل عام.

قال براون: «إنها إضافات صغيرة لكنها مهمة، يمكننا وضع أسماء الفريق بأكمله على هذا الاكتشاف، وأنا فخور بأنني ساعدت في اكتشاف هذه النواة التي لم يرها أحد من قبل».

اقرأ أيضًا:

اكتشاف نظائر لأول مرة في الغلاف الجوي لكوكب خارج المجموعة الشمسية

يمكن للبرق أن يحفز تفاعلات نووية وتكوين نظائر ذرية نادرة

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: محمد الشعراني

المصدر