أدرجت الصين بشكل سري رقاقات مراقبة في الخوادم التي تستخدمها كُبرى شركات التكنولوجيا مثل آبل وأمازون.

وفي تصرف يشبه العمليات العسكرية الجريئة، والذي من شأنه أن يؤجج الصراع التجاري بين الولايات المتحدة وأكبر مصادرها للمكونات والأجهزة الإلكترونية.

هذا كله بحسب تقرير وكالة بلومبيرغ الصادر يوم الخميس.

أورد المقال – الذي أنكرته الشركات بقوة- تفاصيل المسعى الجامح طويل الأمد لتثبيت الرقاقات في المخدمات التي يتم تجميع لوحاتها الأم -العقل الرئيسي للكمبيوتر- في الصين.

إحدى الشركات المتأثرة بالتقرير يستخدم خوادمها عملاء الحكومة الأمريكية، بما في ذلك مركز بيانات وزارة الدفاع، السفن الحربية التابعة للبحرية ووكالة المخابرات المركزية في عمليات طائراتها المُسيّرة.

لم يُوضّح مدى حجم المعلومات التي جمعتها الصين في التقرير، و لا يُعرف ماذا سُرق من معلومات المستهلكين، بحسب تقرير وكالة بلومبيرغ.

إلّا أن التقرير يقول أنّ تحقيقًا حكوميًّا سريًّا على أعلى مستوى، ومنذ عام 2015 يتضمن مكتب التحقيقات الفيدرالي، مازال مفتوحًا.

نوه المقال إلى سبعة عشر مصدر، بما في ذلك صناعيون و مسؤولون حكوميون حاليون و سابقون.

شكّكت الحكومة الصينية، وشركة آبل وشركة أمازون بتقرير وكالة بلومبيرغ، كما امتنع مسؤولون من مكتب التحقيقات الفيدرالي ومسؤولون في الاستخبارات الأمريكية من التعليق.

عدة مسؤولين أمريكيين تواصلت معهم صحيفة الواشنطن بوست، قالوا أنهم غير واثقين من دقة تقرير وكالة بلومبيرغ.

أحد المسؤولين الأمريكيين الذي قال أنّ الضربة التي وجهها التقرير صحيحة، تراجع ليُبدي عدم تأكده من الاستنتاج الذي توصل إليه التقرير.

تحدث هذا الشخص بشرط عدم الكشف عن هويته، وذلك لأن المعلومات غير مصرح بكشفها للعامة.

أطلقت أمازون في بيان لها صفة «غير حقيقي» على التقرير.

وقالت آبل في بيان لها: « لم نجد أيّ دليل يدعم الادعاءات التي روجت لها وكالة بلومبيرغ».

ظهر التقرير قبل ساعات من توجيه نائب الرئيس مايك بينس توبيخًا لاذع للصين في خطاب له في معهد هودسون في واشنطن.

وكان من المتوقع أن يصدر بينس مجموعة من الانتقادات لما تعتبره إدارة ترامب سلوكًا عدوانيًّا من قبل الصين، بما في ذلك ادعاءات الرئيس ترامب أنّ الصين تتدخل في الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة.

تدور حاليًّا بين الصين و الولايات المتحدة حرب تجارية قاسية ومتصاعدة، إذْ تُفرض رسوم على مئات مليارات الدولارات من البضائع الصينية والأمريكية.

ومن المؤكد أن التلاعب الذي كُتب عنه في سلاسل توريد الإلكترونيات للشركات الأمريكية سيزيد من حدة الأسئلة القديمة حول العلاقة الحاسمة وغير المستقرة بين الاقتصادين الرائدين في العالم.

تصمم و تبيع الشركات الأمريكية منتجات تكنولوجية رائدة، مثل الخوادم، والحواسيب المحمولة والهواتف الذكية، لكنها تُجمّع و تُصنّع في الصين.

يقول السيناتور مارك وارنر، زعيم الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ: «يوفر هذا التقرير أدلة أخرى توحي أن نمط التصرف الصيني يشكل تهديدًا للأمن القومي ولإدارة سلسلة التوريد، وقد غيرت هذه الحقائق بشكل جوهري المخاطر التي تواجهها الشركات الأمريكية –حتى بالنسبة للشركات التي تعمل في الصين أو التي عملت مع الشركات الصينية لسنوات».

يخشى المسؤولون الأمريكيون من احتمال إدخال رقاقات أو مكونات أخرى لتُزرع سرًّا في المنتجات وتُشحن إلى الولايات المتحدة وأماكن أخرى، ما يفتح باب التجسس على مستخدمي أجهزة الكمبيوتر وشبكات المعلومات الخاصة بهم على المدى الطويل.

يُعدّ تنفيذ المراقبة عن طريق أجهزة معدلة أكثر صعوبة من نماذج الاختراق المألوفة للبرامج، ولكن النتائج يمكن أن تكون أصعب في المعالجة، وذلك لأن الأجهزة يجب نزعها بشكل حقيقي وليس عن بعد، أو حتى إيقاف استخدام الأجهزة.

رقاقات المراقبة التي كُتب عنها يمكن أن تكون موصولة بأجهزة كمبيوتر خارجيّة و برامج تحميل سريّة لتجاوز الحماية الأمنية، مثل كلمات المرور و المفاتيح المشفرة، وتُخزّن في أماكن أخرى من الخوادم المستهدفة، ما يمكّن من التجسس الحاسوبي عن بعد.

إنّ العملية التي عزتها وكالة بلومبيرغ إلى وحدة عسكرية صينية متخصصة في اختراق الأجهزة، تعمل على زرع رقاقة صغيرة حميدة المظهر في الخوادم التي تنتجها شركة Supermicro، وهي شركة رائدة في توريد هذه المعدات ومقرها سان خوسيه.

الشركة أمريكية لكن اللوحات الأم تُجمّع أساسًا في الصين.

اكتشفت كل من آبل وأمازون رقاقات المراقبة في عام 2015 واتخذت كلًّا من الشركتين خطوات لتبديل الخوادم المتضررة، وذلك بحسب التقرير؛الذي وصف تعاونًا وثيقًا بين المحققين الحكوميين والشركات المتضررة.

يقول التقرير أنّ عشرات الشركات يمكن أن تكون استخدمت خوادم تجسس في مراكز البيانات التابعة لهم قبل أن يُكشَف عن العملية الصينية.

قالت شركة آبل في صباح يوم الخميس: «لم تعثر آبل أبدًا على رقائق خبيثة، أو تلاعب في الأجهزة، أو نقاط ضعف زُرعت بشكل متعمد في أي خادم، لم يحدث أي اتصال بين آبل ومكتب التحقيقات الفيدرالي أو أي وكالة أخرى بخصوص هذا الحادث، ولسنا على علم بأيّ تحقيق يقوده مكتب التحقيقات الفيدرالي وكذلك الأمر بالنسبة لوكلائنا في مجال تنفيذ القانون».

قالت أمازون، والتي وظفت عام 2015 شركة Elemental، التي تأثرت مخدماتها بالعملية الصينية، في بيان لها: « لم نجد في أيّ وقت حاضر أو ماض أيّ مشاكل تتعلق بالأجهزة المعدلة أو الرقاقات الخبيثة في اللوحات الأم التي تنتجها شركة Supermicro في أي نظام مرتبط بشركة أمازون أو شركة Elemental، ولم ننخرط في أي تحقيق مع الحكومة، وهناك الكثير من المغالطات في هذه المقالة من حيث صلتها بأمازون لدرجة يصعب الاعتماد عليها».

شركة Supermicro والتي رفضت الاستجابة لطلبات صحيفة الواشنطن بوست للتعليق حول الحادثة، قالت في بيان وجهته لوكالة بلومبيرغ: «لسنا على علم بأي تحقيق يتعلق بهذا الموضوع ولم تتصل بنا أي جهة حكومية في هذا الشأن».


  • ترجمة: مازن سفّان.
  • تدقيق: سهى يازجي.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر