بخوارزمية بسيطة واحدة تستطيع تفسير الذكاء البشري!


يقترحُ العلماءُ خوارزميّةً واحدةً بسيطةً من الممكنِ أن تكونَ قادرةً على شرحِ التّفكيرِ الدّاخليّ البشري، وقد نتمكّن من تحويلِها لنظامِ ذكاءٍ صناعيٍّ في يومٍ ما.

إنّها فكرةٌ مذهلة! كلُّ الأفكارِ المُعقّدةِ الّتي تدورُ في عقلنا ناتجةً عن مجموعةٍ من العمليّاتِ الحسابيّةِ القابلةِ للتّعريف.

اكتشفَ العلماءُ أنماطًا محدّدةً في أدمغةِ الفئران والأقداد (الهامستر)، وفي حال وُجدت أنماطٌ مشابهةٌ في أدمغةِ البشر؛ يمكنُ عندها تشكيلُ مبادئَ هذه الخوارزميّة.

يقول (جو تسين) _الباحثُ الرّئيسي في جامعةِ (أوغسطا) في جورجيا_: «يعتقدُ الكثيرُ من الناسِ أنّه لا بدّ من وجودِ مبدأ لتصميمٍ أساسيّ يُستمدُّ منه تطوُّرُ الدّماغِ وذكاؤه. كالحمضِ النّووي والشّيفرةِ الجينيّة الموحّدةِ لكلّ فصيلة. نستطيعُ تقديمَ أدلّةٍ على إمكانيّةِ أن يكونَ الدّماغُ خاضعًا لمنطقٍ رياضيٍّ بسيطٍ جداً».

في السّنة الماضية، نشر (تسين) ورقةً علميّةً يشرحُ فيها نظريّتَه الّتي أطلق عليها اسم (نظريّة الإتّصالات). تنصّ النظريّةُ على أنّ الدماغَ يحتوي على مجموعاتٍ من الخلايا العصبيّة الّتي تسمّى بالزُّمَر العصبيّةِ.

هذه الزُّمرُ موصولةٌ ببعضِها لمعالجةِ الأفكارِ والإدراك، ولتنظيمِ البلايينِ من الخلايا العصبيّةِ الموجودةِ في الدّماغ.

يقولُ (تيسن) إنّ هذه الزمرَ تجتمعُ مع بعضِها لتُشكّل (عناصر اتّصال وظيفي) بإمكانِها تفسيرُ تنوّعِ التّفكيرِ بين البشر. فبحسبِ الفرضيّة؛ كُلّما زادَ عُمقُ تفكيرِنا، كُلّما احتجنا زمرًا أكثر لتكوينِ عُنصرَ اتّصالٍ وظيفيّ.

في آخِر أبحاثِه، وضعَ (تيسن) نظريّتَه تحتَ الإختبار; زارعًا أقطابًا كهربائيّةً في أماكنَ محدّدةٍ من أدمعةِ فئران وأقداد (هامستر) لرصد نشاطِها العصبيّ.

تمكّن فريقُهُ من رصدِ الزّمرِ العصبيّةِ الّتي تشكّلت استجابةً لأحداثٍ محدّدةٍ كوصولِ الطّعام أو استشعارِ خطر. وبحسبِ الحدث، انتظمت الخلايا العصبيّة _لهذه الحيوانات_ في مجموعاتٍ قابلةٍ للتّنبؤ بِسهولة.

في أحدِ الإختبارات، وُضعت أربعةُ أنواعٍ من الأطعمةِ أمام مجموعةٍ من الفئران، فشاهد العلماءُ كيف تجمّعت الخلايا العصبيّة مع بعضِها فورًا، ممّا مكّنهم من رصدِ تشكّلاتٍ مختلفةٍ للزّمر على حسبِ مجموعةِ الأطعمةِ المقدّمة.

يوضّح (تيسن): «يجب أن تُسجّلَ هذه الإستجابةُ في العديدِ من الداراتِ العصبيّةِ كي نعتبرَ هذا المبدأ أساسيًا، لذلك قُمنا بِرصدِ سبعةِ أماكنَ مختلفةٍ من الدّماغ، وكانت المُفاجأة عندما سُجّلت الإستجابةُ المتوَقّعَة في المناطقِ السّبعةِ كافّة».

تشتمِل فرضيةُ (تيسن) على هذهِ المعادلة (n=2ⁱ-1)، حيث (n) هي عدد الزمر العصبية، (2) يحدّدُ إذا ما كانت الخليّةُ العصبيّةُ تستقبلُ إدخالًا أم لا، (i) هي المعلوماتُ المُستَقبَلة، و (1) مسؤولٌ عن الإحتمالاتِ المُتعدّدة. يقول (تيسن) إنّ هذه المعادلةَ كافيةٌ لتوقّعِ مجموعاتِ عناصرِ الإتّصال الوظيفي.

«هذه المعادلةُ تُعطيكَ طريقةً لِوصلِ الخلايا العصبيّةِ في الدّماغ، مُتيحةً إمكاناتٍ غيرِ محدودةٍ من المعلوماتِ المُنظّمة».

أُجرِيت هذه التّجاربُ على الفئرانِ والهامستر فقط، وبالطّبع لن نحظى بمجموعةٍ كاملةٍ من القواعدِ الّتي تفسّرُ الأفكارَ البشريّةَ حتّى نُعيد هذه التّجاربَ على البشر. فسّرت الخوارزميّةُ كيف أنّ تجمُّعات الخلايا العصبيّة تتّبع أنماطًا محدّدة، الأمر الّذي أعطى للعلماءِ وجهةً جديدةً لِفهم الذّكاء.

يقولُ (توماس سادهوف) عالمُ الأعصابِ من جامعة (ستانفورد) _والّذي لم يشارك في هذا البحث_: «يقدّمُ تيسن فكرةً مُثيرةً للاهتمامِ، تعرضُ مبدأ بسيطًا لعملِ الدّماغ، وهي فكرةٌ مدعومةٌ بالأدلّةِ الكافية وتستحقّ تجاربَ أكثر».


ترجمة: غيث الحلواني
تدقيق: آلاء أبو شحّوت
المصدر