برنامج حاسوبي يتفوق على الأطباء في تشخيص سرطان الدماغ


في مرحلة ما من التطور التكنولوجي، استطاعت برامج الحاسوب هزيمة البشر مثلما حدثَ في برنامجي المِحَك (Jeopardy) وغو (Go) التلفزيونيين وبلعبة الشطرنج، وفي الوقت الحالي تفوَّقَ البرنامج الذي طُوِّرَ في جامعة كيس ويسترن ريزيرف (Case Western Reserve) على الأطباء في مسائل أكثر جدية.

كانت دقة البرنامج تقريبًا ضعف دقة اثنين من أخصائيّي طب الأشعة في تحديد ما إذا كانت الألياف العصبية الظاهرة في أشعة الرنين المغناطيسي هي خلايا دماغ ميتة ناجمة عن الإشعاع تُدعى – نخر الإشعاع – أم أنها خلايا سرطان دماغ عادت مجددًا.

أما المقارنة المباشرة فقد كانت جزءًا من دراسة الجدوى التي نُشرت في المجلة الأمريكية للتصوير الإشعاعي الطبي.

وقال مؤلف الدراسة (بالافي تويراي) ((Pallavi Tiwari، مساعد بروفيسور في الهندسة الطبية الحيوية في جامعة كيس ويسترن ريزيرف: «إن أحد أكبر التحديات في اختبار علاج الدماغ هو التفريق بين الآثار المحيرة الناجمة عن الإشعاع وبين عودة السرطان»، وأضاف:« فهما يبدوان متشابهين في أشعة الرنين المغناطيسي».

وحسبما قالَ الباحثون إنَّ علاجات النخر الإشعاعي تختلف تمامًا عن علاج تكرار الإصابة بالسرطان. فالكشف السريع يساعد في تسريع التشخيص، والعلاج، وتحسين نتائج المرضى.

وقال (تيواري) إنه مع مزيد من إثباتات دقته، فإن استخدامَ أطباءِ الأشعة لخبراتهم إلى جانب البرنامج سيقضي على الخزعات غير الضرورية والمكلفة، وتعدّ خزعات الدماغ هي الاختبار الأفضل حاليًا إلا أنها تعتبر إجراءَات كبيرة ومحفوفة بالمخاطر، بل وتسبِّب نسبة كبيرة من الاعتلالات والوفيات.

وقد عملَ الباحثون على تطوير البرنامج باستخدام خوارزميات تعلم الآلة بالتزامن مع الراديونيكس ( radiomics) ، وهو مصطلح يستخدم للميزات المستخرجَة من الصور بواسطة خوارزميات الحاسوب، فقد درَّبَ المهندسون والعلماء والأطباء جهاز الحاسب على تحديد خصائص الراديونيك، والتي تميز بين سرطان المخ ونخر الإشعاع باستخدام روتين متابعة فحوصات الرنين المغناطيسي لـ43 مريضًا.

وطوّر الفريق بعد ذلك خوارزميات للعثور على خصائص الراديونيك الأكثر تميزًا في تلك الحالة، ألا وهي الأنسجة التي لا يمكن رؤيتها بمجرد النظر إلى الصور.

وأوضح تويراي الذي عُيّن في قسم الهندسة الطبية الحيوية من قِبل كلية كيس ويسترن ريزيرف الطبية قائلًا: « ما تراه الخوارزميات ولا يراه أخصائيو الأشعة هو تلك الفروق الطفيفة في القياسات الكمية لتجانس الورم وتفكك البنية الدقيقة في أشعة الرنين المغناطيسي، والتي ترفع من احتمالية عودة الورم».

وحسبما شرح أنانت مادابوشي(Anant Madabhushi) ، بروفيسور ف.أليكس ماسون الثاني للهندسة الطبية الحيوية في جامعة كيس ويسترن ريزيرف والمؤلف الثاني للدراسة، أنه بشكل أكثر تحديدًا، بينما يستخدم الأطباء كثافة وحدات التصوير الرقمي في فحوصات الرنين المغناطيسي، فإن جهاز الحاسب يهتم بحواف كل وحدة تصوير رقمي.

وأضاف مادابوشي الذي يدير أيضًا مركز التصوير الحاسوبي والتشخيصات الشخصية في جامعة كيس ويسترن ريزيرف : « إذا أشارت جميع الحواف إلى الاتجاه ذاته فهذا يعني أن البنية سليمة. بينما إذا أشارت إلى جهات مختلفة فهذا يعني أن البنية مضطربة أي أن الفوضى أو الاختلال وعدم التجانس عاليان».

وفي مقارنة مباشرة، حلل اثنان من الأطباء إلى جانب جهاز الحاسب فحوصات الرنين المغناطيسي لـ15 مريضًا من المركز الطبي لجامعة تكساس الجنوبية الغربية. فشخّص أخصائي الأشعة العصبية سبعة أشخاص بشكل صحيح، وشخّص الطبيب الآخر ثمانية أشخاص بشكل صحيح. أما البرنامج فكان صحيحًا على 12 مريضًا من أصل 15.

لا يتوقع (تيوراي ومادابوشي) أن يُستخدم برنامج الحاسب لوحده، بل سيُستخدم كوسيلة لدعم القرار لمساعدة أخصائيي الأشعة العصبية في رفع ثقتهم لتحديد الآفة المشبوهة كنخر الإشعاع أو تكرار الإصابة بالسرطان.

ويسعى الباحثون الآن إلى التحقق من صحة ودقة الخوارزميات باستخدام مجموعة كبيرة جدًا من الصور من مختلف المواقع.


ترجمة: شذى الطيار
تدقيق لغوي: هبة ابو ندى
المصدر