لعلها فكرة لم تخطر ببال معظم عشاق الفضاء: الغاز المنبعث من البروكلي وسواه من النباتات، هو أحد أكبر المؤشرات على وجود الحياة على كوكب ما!

وفقًا لدراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد، يرتبط وجود غاز بروميد الميثيل «برومو الميثان»، بوجود الحياة على الأرض، فهو ينتج طبيعيًا من عملية دفاع النباتات عن نفسها.

المثيلة، كما تُعرف عملية الدفاع، تسمح للنباتات بطرد الملوثات الغريبة، مثل البروميد، بربط سلسلة من ذرات الكربون والهيدروجين بها، محولة إياها إلى غاز لتسمح لها بالانبعاث في الهواء.

ومع أنه يُعد مادة كيميائية خطرة، أُنتج غاز برومو الميثان بكميات كبيرة واستُخدم مبيدًا للآفات، قبل أن تصدر قوانين تحد من إنتاجه بسبب آثاره الصحية الضارة.

برومو الميثان خصوصًا، مركب مثير للاهتمام من منظور بيولوجي فلكي. إذ استُخدم مبيدًا للآفات حتى أوائل القرن الحالي، وله العديد من المزايا المهمة مقارنةً بالبصمات الحيوية المحتملة الأخرى، إذا ظهر في الغلاف الجوي لكوكب خارج المجموعة الشمسية.

أولًا، لهذا الغاز عمر قصير نسبيًا في الغلاف الجوي للكواكب. هذا مهم خصوصًا في عمليات البحث في الكواكب الخارجية، إذ يعني وجود هذا الغاز أنه ناتج عن عملية بيولوجية ما تزال نشطة على الأرجح، وليس مجرد نتيجة لحدث جيولوجي قديم.

الميزة الثانية المهمة خصوصًا لعلماء الأحياء الفلكية، أن عددًا محدودًا من العمليات غير البيولوجية تنتج هذا الغاز، وهي عمليات غير طبيعية عادةً.

الميزة الثالثة هي الطول الموجي الطيفي الذي يتشاركه مع غاز «قريب» آخر، يُعد هو الآخر بصمة حيوية مهمة: كلوريد الميثيل، الذي ينتج أيضًا عن عملية المثيلة.

ومن شأن بصمتهما المشتركة أن تجعل اكتشافهما من أماكن بعيدة أسهل، وكلاهما يدلان على وجود عملية بيولوجية، مع ذلك يجب التفريق بينهما، إذ إن كلوريد الميثيل قد شوهد بالفعل حول بعض النجوم، ما يرجح أن يكون ناجمًا عن عملية غير عضوية.

سمة أخرى مثيرة للاهتمام تتعلق بالقدرة على كشف غاز برومو الميثان، وهي أنه من الصعب نسبيًا كشفه في الغلاف الجوي للأرض من بُعد، مع أن مستوياته في الغلاف الجوي للأرض مرتفعة نسبيًا، فإن الأشعة فوق البنفسجية الآتية من الشمس تسبب انقسام جزيئات الماء في الغلاف الجوي إلى مركبات تقضي على برومو الميثان، لذلك لا يبقى فترةً طويلة في الغلاف الجوي للأرض.

لكن الأشعة فوق البنفسجية تمثل مشكلة في حالة النجوم الشبيهة بالشمس فقط. إذ توجد كمية أقل من الأشعة فوق البنفسجية التي من المحتمل أن تكسر جزيئات برومو الميثان حول النجوم القزمة من النوع (M)، وهي أكثر شيوعًا في المجرة مقارنةً بالنجوم الشبيهة بالشمس بعشرة أضعاف.

ولأن النجوم من هذه الفئة ستكون من أوائل النجوم المرشحة لينظر إليها علماء الأحياء الفلكية، فقد توجد فرصة كبيرة لرصد غاز بروميد الميثيل في غلافها الجوي.

لكن مثل هذا الاكتشاف قد يتأخر قليلًا، لأن حتى تلسكوب جيمس ويب الفضائي غير مُعَد لاكتشاف التركيزات الضئيلة من المواد في الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية.

لكن في غضون السنوات القليلة المقبلة، ستمتلك بعض التلسكوبات الأرضية هذه القدرة، وقد يتمكن علماء الأحياء الفلكية المتفائلين من البحث عن هذه البصمات الحيوية المثيرة للاهتمام.

اقرأ أيضًا:

يهدف مجال أبحاث جديد إلى فهم الأغلفة الجوية الخاصة بالكواكب الخارجية

البحث عن الحياة في الكواكب الخارجية قد يبدأ بهذا المركب العضوي

ترجمة: سارة الحمصي

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر