بطاريات تُشحَن بثاني أكسيد الكربون!


قام باحثون بتطوير نوعٍ من البطاريات القابلة لإعادة الشحن سميت بخلية التدفق، ويمكن إعادة شحنها بواسطة محلولٍ مائي يحتوي على ثاني أكسيد كربون (CO2) مُذاب صادرٍ عن محطات توليد الطاقة بالوقود الأحفوري. يعمل الجهاز بالاستفادة من اختلاف التركيز بين انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والهواء المحيط، والذي بالإمكان استعماله في النهاية لتوليد الكهرباء.

تنتج خلية التدفق الجديدة متوسط كثافة طاقية يصل إلى 0.82 W/m2، وهو تقريبًا أعلى بـ 200 مرة من القيم المتحصل عليها باستعمال الطرق الشبيهة الأخرى. رغم عدم وضوح كيفية استعمال الطريقة اقتصاديًا على نطاق واسع بعد، فإن النتائج المبكرة تبدو مبشرةً ويمكن تحسينها في بحوث إضافية في المستقبل.

 

 

قام كل من تايونغ كيم (Taeyong Kim) بروس لوجان (Bruce E. Logan) وكريستوفر جورسكي (Christopher A. Gorski)، علماء من جامعة بنسيلفانيا، بنشر ورقة علمية لطريقتهم الجديدة في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى كهرباء.

حيث يقول جورسكي: “هذا العمل يمنح خيارًا بديلًا وطرقًا بسيطةً للاحتفاظ بالطاقة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالتكنولوجيات الموجودة التي تتطلب مواد محفِّزة غالية ودرجات حرارة مرتفعة للغاية من أجل تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود مفيد”.

بينما يظهر الاختلاف بين الدخان الرمادي-الأبيض والسماء الزرقاء الآثار البيئية الضارة لحرق الوقود الأحفوري، يمنح الاختلاف الكبير بين الغازين في كثافة ثاني أكسيد الكربون مصدرًا غير مستغَلٍّ بعدُ لتوليد الكهرباء.

من أجل تعزيز إمكانية الحصول على الطاقة من الاختلاف في هذه الكثافة، قام الباحثون أوَّلًا بتحليل غاز ثاني أكسيد الكربون والهواء المحيط في إناءين مختلفين لمحلول مائي، وذلك في عملية تسمى بالتبليل. في نهاية هذه العملية، يقوم محلول ثاني أكسيد الكربون المبلل بتشكيل أيونات البيكربونات، والتي تمنحه درجة حموضةٍ تصل إلى 7.7 أقل مقارنة بمحلول الهواء المبلل، الذي يملك بدوره درجة حموضة تصل إلى 7.4.

 

 

بعد عملية التبليل، قام الباحثون بحقن كل محلول عبر إحدى القناتين في خلية تدفق، خالقين تدرجًا في درجة الحموضة داخل الخلية. لدى خلية التدفق أقطاب كهربائية على مستوى الجهات المتعاكسة لكل من القناتين، مع غشاءٍ شبه مسامي بين القناتين وذلك لتجنب الخلط الفوري بين المحلولين بينما تسمح للأيونات بالمرور. ونظرًا للاختلاف في الحموضة بين المحلولين، تمر العديد من الأيونات عبر الغشاء، وتخلق بذلك فرقًا في الجهد بين الأقطاب يسمح بمرور الإلكترونات في السلك الموصل بين الأقطاب.

وبعد أن ينتهي الشحن من خلية التدفق، يمكن إعادة شحنها مجددًا عبر تغيير القنوات التي يمر عبرها المحلول. وعبر تغيير المحلول الذي يمر من خلال كل قطب، تعكس آلية الشحن بحيث تمر الإلكترونات في الجهة المقابلة. أظهرت الاختبارات احتفاظ الخلية بقدراتها خلال 50 دورة من المحاليل المتناوبة.

أظهرت النتائج كذلك أنه بارتفاع الفرق بين حموضة القناتين، تزيد قوة كثافة الطاقة المتوسطة. ورغم وصول خلية التدفق إلى كثافة طاقة أعلى من الخلايا الشبيهة التي تحول فائض ثاني أكسيد الكربون إلى كهرباء، تبقى ضعيفةً للغاية مقارنةً بكثافة الطاقة التي تمنحها نظم الخلايا الوقودية التي تجمع بين ثاني أكسيد الكربون ومواد أخرى، مثل الـهيدروجين.

 

 

رغم ذلك، لخلية التدفق الجديدة بعضٌ من المزايا مقارنةً بتلك الأجهزة، مثل استعمالها لمواد ليس غالية وإجراء العملية في درجة حرارة الغرفة. هذه المزايا تجعل خلية التدفق جذابة للاستعمالات التطبيقية في محطات توليد الطاقة الحالية.

في هذا الصدد يقول جورسكي: “يمكن إدماج نظام يضم العديد من خلايا التدفق المتطابقة في محطات توليد الطاقة التي تحرق الوقود الأحفوري. غازات المداخن الصادرة عن حرق الوقود الأحفوري يجب أن يتم تبريدها من قبل، ثم بقبقتها في خزانات الماء التي بالإمكان ضخها في خلايا التدفق”.

ينوي الباحثون في المستقبل تطوير أداء خلية التدفق بشكلٍ أكبر. حيث يقول جورسكي كذلك في هذا الشأن:

“نحن ننظر حاليًا لرؤية كيفية تعديل ظروف المحلول من أجل إنتاج أكبر قدر ممكن من الطاقة. كما أننا نبحث أيضًا إمكانية إذابة بعض المواد الكيميائية في الماء”.

 

 


إعداد : وليد سايس

تدقيق بدر الفراك
المصدر