أظهرت إحدى الدراسات الجديدة، حقائق مقلقة حول مقاييس الاستشهاد المستخدمة عادةً لقياس مدى تأثير العلماء عامة وتأثيرهم في مجالات أبحاثهم على وجه الخصوص.

تمثل مقاييس الاستشهاد عدد المرات التي يُرجَع فيها بشكل رسمي لبحث أحد العلماء في اوراقهم البحثية، لكن تحليلًا شاملًا لهذه الشبكة المترابطة يوضح أن النظام قد تعرض للخطر بسبب نمط من السلوك الخفي الذي لا يُلاحَظ غالبًا.

وضح لنا مؤلفو الدراسة الجديدة بقيادة الطبيب جون يوانيديس John loannidis من جامعة ستانفورد: «من بين أكثر 100000 من العلماء الذين استُشهِد بهم في فترة ما بين 1996 إلى 2017 فهناك تحديدًا مجموعة خفية من الباحثين الذين ينتهجون الاستشهادات الذاتية المتطرفة (الاستشهاد الذاتي هو مصطلح يرمز إلى قيام مؤلف بحثٍ ما بالاستشهاد بمؤلفاته الأخرى بغرض رفع عدد مرات الاستشهاد بأبحاثه) فيما سُمّوا بمزارع الاستشهاد الذاتي (مجموعات صغيرة نسبيًا من المؤلفين يستشهدون بأوراق بعضهم البعض)».

يُساعد يوانيدس على قيادة مركز ابتكار ما بعد البحث (METRICS) بجامعة ستانفورد، والذي يبحث في تحديد وحل المشاكل النظامية في البحث العلمي.
إحدى تلك المشاكل هي الكيفية التي تهدد بها الاستشهادات الذاتية مصداقية مقاييس الاستشهاد ككل وفقًا لما صرح به يوانيديس. على وجه التحديد تلك الاستشهادات الذاتية المتطرفة والمجموعات المرتبطة بها.

حسبما صرح يوانيدس لمجلة ناشورال: «إن مجموعات الاستشهاد الذاتي شائعة أكثر بكثير مما كنا نعتقد». وأضاف قائلًا: «أولئك الذين لديهم أكثر من 25% من الاستشهاد الذاتي ليسوا بالضرورة غير أخلاقيين أو ما شابه ولكن ربما يحتاجون المزيد من الفحص الدقيق».

وتلك النسبة التي أشار إليها يوانيديس تمثل أولئك العلماء الذين يشيرون إلى 25% من الاستشهادات الذاتية التي تشير في الأصل إلى أعمالهم أو أعمال مشاركيهم في البحوث.

أظهرت الدراسة بأن كونك تمثل ربع قاعدة مؤيديك قد يظهر الكثير من النقل عن النفس والاستشهاد الذاتي، ولم يعد هذا شيئًا نادرًا.

من بين أكثر من 10000 عالم استُشهِد بهم في فترة ما بين 1996 إلى 2017، اتضح أن أكثر من 1000 عالم استشهد ذاتيًا بنسبة تصل إلى أكثر من 40% من مجمل استشهاداته، بالإضافة إلى أكثر من 8500 باحث استشهد ذاتيا بنسبة تصل إلى ما يزيد عن 25%.

بعض أكثر العلماء المستشهد بهم في الأبحاث العلمية يكشفون تواً عن سرٍ لهم حقائق مقلقة حول مقاييس الاستشهاد المستخدمة في تقييم الاختبارات العلميةليس هناك أي إيحاء لكون أي من تلك الاستشهادات الذاتية قد تكون بالضرورة غير أخلاقية أو غير مبررة أو خدمة ذاتية يقدمها الباحث لنفسه. فبعد كل شيء، في بعض الحالات قد يُعدّ بحثك العلمي المنشور أفضل وأقوى مصدرٍ تحتاجه.

لكن مع ذلك، أشار فريق باحثي الدراسة إلى أن انتشار الحالات المتطرفة التي أظهرتها تحليلاتهم، تخفض من قيمة مقاييس الاستشهاد ككل. والتي تعد غالبًا كمعيار لجودة العالم وبياناته التي خرج بها.

كتب مؤلفو الدراسة: «بارتفاع نسب الاستشهاد الذاتي، ننصح بعدم استخدام أي مقاييس استشهاد علمي متطرفة من الاستشهاد الذاتي لأنه قد يُبشر أيضًا بميزات زائفة».

وأضافوا: «هذا الوضع يحتاج لفحص الحالات كل على حدة لكل مؤلف وببساطة إزالة الاستشهادات الذاتية التي قد تكون غير كافية».

اختلف الوضع الآن عن تلك المرة الأولى التي سلّط فيها الباحثون الضوء بجدية على المشاكل التي نواجهها في انتهاج الطرق التي نقيم بها نتائج المساعي العلمية.

في السنوات الأخيرة حدد العلماء عيوبًا تقنية مخفية داخل أنظمة الاستشهاد، وأظهروا نقائض في الكيفية التي نصنف بها المجلات العلمية، وكشفوا عن مخاوف جدية بشأن طلبات الاقتباس.

وقد لاحظ آخرون مواطن خلل غريبة في اقتباسات لا يجب أن توجد على أي حال، ورصدوا أيضًا اتجاهات نظامية مقلقة والتي قد تصب في نهاية المطاف في مصلحة قيمة الاقتباس.

وسط كل تلك الفوضى يأمل أيونيديس وزملاؤه أن تساعد بياناتهم الجديدة في تحقيق المزيد من الدقة المستخدمة في المقاييس والتي تمكن المجتمع ككل من تحديد الاستشهاد الذاتي غير اللائق واستئصاله بسهولة أكبر.

ويقترح آخرون بالوقت نفسه طريقة لإصلاح ذلك بالابتعاد عن المقاييس الكمية ككل، والتركيز بدلًا من ذلك على النهج النوعي لتصحيح مواضع الخطأ هنا.

قال عالم النفس سانجاي سريفاستافا(Sanjay Srivastava) من جامعة أوريغون والذي لم يكن مشاركًا بالدراسة: «عندما نربط بين التقدم المهني والاهتمام القوي بالمقاييس المعتمدة على الاقتباس، فإننا بذلك نحفز الاقتباس الذاتي».

وأضاف قائلًا: «في النهاية أرى أن الحل يتمثل في إعادة النظر في الكيفية التي ننظر بها للتطوير المهني وتقديره وفقًا لحكم الخبراء وليس اعتمادًا على تضاعف الاستشهادات».

مقالات ذات صلة:

معركة البحث العلمي، كيف أصبحت الصين أكبر ناشر للمقالات العلمية؟

من اجل علم افضل خطوات من اجل تحسين جودة البحث العلمي

ترجمة: آية قاسم

تدقيق: رزوق النجار

المصدر