الذهاب إلى المريخ حلم طال انتظاره بالنسبة للبشرية، وعادةً ما يُدَّعَى أنه بات على بعد عقدين فقط من الزمن.

الأحلام، للأسف، لن توصلنا إلى هناك لذلك فعلينا أن نواجه واقعًا غالبًا ما قد يكون قاسيًا، في هذه الحالة، قُدِمَت جرعة الواقعية عن طريق شخص واحد فقط وهو رائد الفضاء السابق في وكالة ناسا “كريس هادفيلد”.

أُجرِيَت مقابلة مع هادفيلد من قبل “Business Insider” حول سباق الفضاء الجديد والهدف الرئيسي لكل من وكالات الفضاء والشركات الخاصة وهو الذهاب إلى، وربما حتى وضع قاعدة دائمة، الكوكب الأحمر.

تدَّعي شركة “سبيس إكس” الخاصة بإيلون ماسك أننا سنكون على المريخ في غضون عشر سنوات، بينما ادَّعى “مارس وان” و”ناسا” أننا سنكون هناك بحلول أوائل الثلاثينات من القرن الحالي.

لم يجادل هادفيلد حول التكنولوجيا، لكنه تكلم عن تكلفة أخرى غالبًا ما يتم تجاهلها داخل هذه الخطط الطموحة: حياة الإنسان.

قال هادفيلد ل “Business Insider”: «كان بإمكاننا أن نرسل أناسًا إلى المريخ منذ عقود، التكنولوجيا التي أرسلتنا إلى القمر وأعادتنا منه عندما كنت طفلًا؛ تلك التكنولوجيا قادرة على إرسالنا إلى المريخ».

لكنه أشار: «الغالبية العظمى من رواد الفضاء المرسلين في تلك المهام لن ينجوا؛ سيموتون».

المخاطر عديدة، هناك مخاطر بعيدة المدى مرتبطة بالتعرض للأشعة الكونية الموجودة خارج الغلاف المغناطيسي الحامي للأرض.

ولكن هناك مخاطر أيضًا مرتبطة فقط بتصميم مهمة من شأنها أن تأخذ حفنة من الناس في رحلة على بعد ملايين الكيلومترات من الأرض.

أعرب الآخرون، مثل البروفيسور “بريان كوكس” في مقابلة حديثة مع “IFLScience”، عن تحفظات مماثلة حول الخسائر المادية والذهنية للقيام برحلة كهذه.

قال كوكس: «إنها مختلفة جدًا عن الذهاب إلى القمر أو الجلوس على محطة الفضاء الدولية، حيث تكون دائمًا على بعد ساعات قليلة من الأرض»، وأضاف: «من الناحية النفسية، لم يكن أحد بعيدًا عن الأرض هكذا من قبل، و نحن نتحدث عن شهور، وربما عام كامل، أعتقد أن هذا تحدٍ لا نفهمه تمامًا».

يزداد خطر وقوع شيء خاطئ كلما ازدادت مدة بقائك في الفضاء، والذهاب إلى المريخ والعودة منه قد يستغرق مدةً تصل لثلاث سنوات.

حتى وإن كان من الممكن تقليص العديد من المخاطر المعروفة -وليس من الواضح أنه ممكن في الوقت الحالي- فبالتأكيد توجد تعقيدات فقط بسبب كونك في الفضاء.

سيكون العلاج الطبي هناك، حتى الإجراءات الجراحية البسيطة، صعبة للغاية، لهذا السبب فإن هادفيلد غير مقتنع بنظام الإطلاق الفضائي لناسا، وصاروخ “بيج فالكون” لسبيس إكس، وصاروخ “نيو جلينّ” لبلو أوريجينز.

قال هادفيلد: «تخميني هو أننا لن نذهب إلى المريخ أبدًا باستخدام المحركات الموجودة على أي من تلك الصواريخ الثلاثة إلا إذا اضطررنا حقًا لذلك».

وأضاف: «لا أعتقد أنها طريقة عملية لإرسال الناس إلى المريخ لأنها خطيرة وتستغرق الكثير من الوقت، وبالتالي تعرضنا للخطر لمدة أطول».

يعتقد هادفيلد أن المفتاح إلى الأمان يكمن في التكنولوجيا الحديثة، بعضها موجود بالفعل، مثل الدفع الأيوني أو المفاعلات النووية، والبعض الآخر لا يزال خارج حدودنا.

قال هادفيلد: «يجب أن يخترع أحدهم شيئًا لم نفكر به بعد، ربما العمل الذي يجري مع “مطياف ألفا المغناطيسي” في المحطة الفضائية ومع “مسرع الجسيمات” في معمل “سيرن” وغيرهم من الأماكن، سيبين لنا كيف يمكننا تسخير الجاذبية».

«يبدو الأمر غريبًا، لكننا توصلنا إلى كيفية تسخير الكهرباء وما تفعله الإلكترونات، وبدا ذلك مجنونًا، ثم أحدث ثورةً في الحياة والسفر، لذا من يعلم؟».


  • ترجمة: محمد صلاح الدين إبراهيم
  • تدقيق: أحلام مرشد
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر