بنية البروتين الموجودة في الطبيعة (الأميلويد) قادرة على مضاعفة نفسها، فهل يثبت العلم أخيرًا أصل الحياة؟


تمكن العلماء مؤخرًا من إثبات أن بنية البروتين المنتشرة في الطبيعة (الأميلويد) قادرة نظريًا على مضاعفة نفسها

اكتشف باحثون مؤخرًا أن الأميلويد موجود كلبنة بناء هيكلية وعملية في العديد من أشكال الحياة، من البكتريا، الخميرة والفطريات إلى البشر. في الفقريات، تلعب دورًا في إنتاج صبغة الميلانين، في حين تستخدم خلايا الخميرة الأميلويد لتكوين نوع من الذاكرة الجزيئية.

مادة محفزة في تطور الحياة

مكونة من ببتيدات قصيرة، تستطيع ألياف الأميلويد تسريع التفاعلات الكيميائية بطريقة مشابهة للإنزيمات؛ وهي لهذا السبب تم النظر إليها للعديد من السنوات كمرشح للسلف الجزيئي الأول للحياة. وحتى الآن، كانت تفتقر خاصية كيميائية مهمة في النظرية المتعلقة بدور الأميلويد في التولد التلقائي وهي: الاستنساخ الذاتي.

من أوائل المؤيدين لفرضية الأميلويد الأستاذ في جامعة ETH رونالد ريك ومساعده جايسون غرينوالد، من مختبر الكيمياء الفيزيائية. في إحدى التجارب، بينوا أن الأميلويد من الممكن أن تكون بمثابة قالب كيميائي لتصنيع الببتيدات القصيرة. والنقطة المثيرة للاهتمام كما يقول ريك هي: «إن هذه الإمكانية ممكن أن تطبق على الأميلويد نفسها – مما يعني أن الأميلويد قادرة على استنساخ نفسها». نشر الباحثون نتائجهم في دراسة نشرت في مجلة Nature Communications.

قالب للاستنساخ الذاتي

تعتبر القدرة على الاستنساخ الذاتي شرط أساسي لكل شكل مبكر من أشكال الحياة. ومن خلال إثبات أن الأميلويد قادرة على الاستنساخ الذاتي، ريك وفريقه لم يسلط الضوء على جانب آخر مدهش من هذا البروتين المستخف به فحسب، بل أيضًا قاموا بملء الفراغ الموجود في فرضية الأميلويد.

وقبل ما يقارب العامين، تمكن علماء من جامعة ETH من الإثبات في إحدى التجارب أن هياكل الأميلويد من الممكن أن تتشكل من تلقاء نفسها وبسهولة كبيرة – من أحماض أمينية بسيطة كانت على الأرجح موجودة عندما كانت الأرض بلا حياة، وتحت تأثير تفاعلات تبدو معقولة جدًا.

والأمر نفسه فيما يخص تركيب البيتيد المكتشف حديثًا: «يبدو أن آلية التفاعل ذو طبيعة عامة. فهي مستقرة على مدى واسع من درجات الحرارة وتحت مختلف التراكيز الملحية، في البيئة الحامضية والقاعدية» كما وضع غرينوالد.

يقوي هذا الاكتشاف آراء هؤلاء الباحثين فيما يخص تاريخ التطور، الذي يشير إلى أن الأميلويد كان لديها دور رئيسي كوحدات حاملة للمعلومات ومحفزات في تطور أول أشكال الحياة.

حتى الآن، الفكرة الأكثر انتشارًا للبداية الجزيئية للحياة هي الفرضية المعتمدة على الحمض النووي الرايبوزي RNA، التي تعتبر الحمض النووي الرايبوزي المفتاح الوحيد لبداية الحياة حسب فرضية (السائل البدائي-primordial soup). وهذا سببه أن الحمض النووي الرايبوزي هو كالDNA يستطيع أن يحمل المعلومات، وبالإضافة إلى هذا فهو قادر على الاستنساخ الذاتي.

يشكك العلماء في جامعة ETH بالنظرية السائدة التي تعتمد على الحمض النووي الرايبوزي RNA كبداية للحياة. حيث أنهم يعتقدون أن فرضية الأميلويد مقنعة أكثر؛ أولًا، لأن جزيئة الRNA هي أكبر وأكثر تعقيدًا، لذا من غير المرجح أن تتكون بصورة تلقائية تحت هذه الظروف. كما يقول غرينوالد «بالإضافة إلى هذا، الأميلويد مستقر أكثر من بوليمرات الأحماض النووية البدائية، ومسار إنتاجها اللاحياتي أبسط بكثير مقارنة بالتعقيد الموجود في الRNA».

ويضيف ريك: «نحن لن نتمكن أبدًا من معرفة أي من الفرضيات صحيحة – إذا أردنا معرفة الحقيقة، سيتوجب علينا أن نعود بالزمن إلى ما قبل 4 إلى4.5 مليار سنة. على كل حال، نعتقد أنها لم تكن عملية واحدة، بل إن العديد من العمليات الجزيئية مع العديد من الجزيئات السالفة قد ساهمت في تكوين الحياة».


  • ترجمة: سنان حربة
  • تدقيق: رؤى درخباني
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر