شهدت الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة زيادة في مستوى إنتاج النفط والغاز، فقد ساعد التصديع المائي على تسريع عملية الإنتاج.

بلغت الولايات المتحدة سنة 2018 المرتبة الأولى في استخراج النفط والغاز متجاوزةً بذلك روسيا والسعودية، وهذا بفضل التصديع المائي للآبار الأفقية التي تمثّل 70% من آبار النفط والغاز، التي حُفرت في الولايات المتحدة.

تجمع عملية الاستخراج هذه بين بعض المركبات الكيميائية -الخطيرة غالبًا- وكمية كبيرة من المياه والرمال بمعدلات ضغط عالية، بهدف إنشاء تشكيلات صخرية، تسبب هذه التشكيلات تصديع المواد المحيطة بالنفط والغاز، ما يسهّل عملية الاستخراج.

التصديع المائي مثير للجدل، بسبب:

  1. الكمّ الكبير من المصادر الطبيعية المطلوب لإتمام هذه العملية.
  2. التأثيرات السلبية على جودة الماء والهواء في المناطق حيث يُجرى التصديع.

التصديع المائي وجودة الهواء:

يُعد الميثان أحد أهم الملوثات المنطلقة نتيجة للتصديع المائي. أثبتت بعض البحوث أن صناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة تبعث 13 مليون طن متري من الميثان سنويًا، وذلك يشكل 2.3% من مجمل الإنتاج.

قدّرت وكالة حماية البيئة الأمريكية معدل الانبعاثات المسربة بنسبة 1.4%، ويُعد الميثان غاز الاحتباس الحراري الرئيسي، لقدرته العالية على زيادة الاحتباس الحراري، التي تبلغ 84 ضعف قدرة ثاني أكسيد الكربون خلال 20 عامًا، و28 ضعفًا على مدى 100 عام.

إضافةً إلى التأثير العالمي للتصديع المائي، توجد آثار ضارة للغاية على الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة حيث يُجرى التصديع المائي. قد تؤدي المكونات الثانوية الصادرة في مواقع الآبار إلى مشكلات صحية عديدة، مثل تهيج العينين والأنف والفم والحلق، ويؤدي تلوث الهواء المحلي إلى تفاقم حالة مرضى الربو وأمراض الجهاز التنفسي.

إقليميًا، تطلق العمليات المتعلقة بالتصديع المائي أكاسيد النيتروجين ومركبات عضوية أخرى؛ ما يسبب إصدار الدخان الذي يحرم السكان المحليين من الهواء النقي.

تأثير التصديع المائي على إمدادات المياه وجودتها:

تستخدم عملية التصديع المائي -على المستوى الوطني والمحلي- مليارات الغالونات من المياه كل عام.

يبلغ متوسط حجم المياه المستهلكة 1.5 مليون غالون لكل بئر على الصعيد المحلي وفقًا لوكالة حماية البيئة، ويؤدي هذا الاستهلاك إلى نقص المياه العذبة، خاصةً في المناطق التي تعاني هذه المشكلة أصلًا.

عندما يصعب الحصول على المياه في المكان الذي يتم فيه التصديع تُنقل المياه من مناطق أخرى، وفي نهاية المطاف تُسحب المياه المتاحة من البحيرات والأنهار في جميع أنحاء البلاد.

ومن المخاطر أيضًا تلوث المياه الذي تُسببه المركبات الكيميائية الخطيرة المستخدمة في التصديع المائي، التي قد تتسرب إلى إمدادات المياه المحلية.

في تقرير عام 2015، وثّقت وكالة حماية البيئة 151 تسربًا من سائل التصديع المائي، وقد وصل الانسكاب إلى إمدادات المياه السطحية في 13 حالة منها .

ومن النتائج الأخرى لاستهلاك المياه في التصديع المائي هدر مليارات الغالونات غالبًا، إذ تُحقن معظم هذه المياه الملوثة في آبار تحت الأرض، أما باقي المياه التي لا تُحقن فإنها تُرسل لكي تُعالج ويُعاد استخدامها، وأشارت وكالة حماية البيئة إلى احتمالية تسرب هذه المياه من الآبار أو احتمالية حدوث حادث في أثناء النقل، ما يشكل خطرًا على إمدادات مياه الشرب.

أخطار بيئية أخرى:

إضافةً إلى تلوث الهواء والماء، قد يؤثر التصديع المائي -على المدى البعيد- في التربة والنباتات في الأماكن المحيطة، وقد تقلل الملوحة العالية الناتجة من تسرب المياه الملوثة قدرة التربة على دعم الحياة النباتية.

الخلاصة:

رغم قدرة التصديع المائي على زيادة تأمين مصدر للنفط والغاز للمستهلكين، فإن لعملية الاستخراج هذه آثارًا سلبية طويلة الأمد على البيئة المحيطة، ويُعد كل من تلوث الهواء والمياه -بسبب المواد الكيميائية السامة المستخدمة في العملية- من أشد الأخطار على البيئة. وأيضًا فإن الحاجة إلى التخلص من المياه المستعملة وتقلص إمدادات المياه هي مسائل ملحة تتصل مباشرةً بالمشكلة.

اقرأ أيضًا:

ما هي أهم خصائص النظام الرأسمالي؟

المعجزة الاقتصادية الألمانية

ترجمة: مرهف جمعة

تدقيق: إيناس خير الدين

المصدر