اكتشف موظفو الجنازة بأن امرأةً تبلغ من العمر 92 عامًا كانت على قيد الحياة بعد إعلان وفاتها سابقًا في مركز العناية الطبية في نيويورك. وفي قصة مشابهة حدثت في ولاية آيوا، أُعلن عن وفاة مريضة تبلغ 66 عامًا، مصابة بمرحلة مبكرة من الخرف من قبل الممرضة، لكي يجدوها فيما بعد تلهث بحثًا عن الهواء عندما فتح موظفو الجنازة كيس الجثة.

لحسن الحظ، أن هذه الأحداث نادرة جدًا لكنها مخيفة جدًا أيضًا، الأمر الذي يفسر عادةً قديمةً لدى البحرية، وهي أنه عند خياطة كفن أحد البحارة المتوفين، تغرز القطبة الأخيرة ضمن أنف الفقيد، إذ يفترض أن تمرير الإبرة ضمن الأنف تعد منبهًا قويًا وكافيًا لإيقاظ أي بحار ما يزال حيًا قبل إعلان وفاته.

لكن تأكيد الوفاة هذه الأيام أصبح أقل رعبًا. إذ إن غياب النبض والأصوات التنفسية لمدة من الزمن، ورؤية حدقة عين ثابتة ومتوسعة، وفشل الاستجابة لأي من المنبهات الخارجية، تلك جميعها تعني أن الشخص قد توفي حقًا.

لقد تعلم الأطباء كيفية القيام بهذه الإجراءات قبل إعلان الوفاة، وجميعهم مدركون لواجباتهم. لكن وللأسف، فقد سُجلت حالات وفاة بعد القيام بكل الإجراءات السابقة ليُظهر الناس بعد ذلك علامات حياة بعد مدة من الزمن.

خلال السنوات الماضية، حدث أمر مشابه في إحدى المستشفيات، إذ أعلن أحد الأطباء وفاة امرأة مسنة، لكن بعد مدة قصيرة بدأت بالتنفس مجددًا، وعاد قلبها للنبض.

وفي حدث مؤسف آخر، استُدعي الفريق الطبي لحالة إسعافية على أنها سكتة قلبية، إذ تناولت المرأة جرعةً زائدةً من الباربيتورات لعلاج الصرع لديها، وفُحصت من قبل العديد من الأطباء الذين أكدوا موتها وأعلنوا وفاتها. لكن خلال الجنازة، شوهدت إحدى قدميها تتحرك، أي أنها كانت على قيد الحياة. وقد تعافت لاحقًا تمامًا، وكان ذلك الأمر محرجًا للأطباء بشدة.

يفسر الفشل في إجراءات تأكيد الوفاة حدوثَ بعض هذه الحالات من إعلان الوفاة الخاطئ. إذ يقود الفحص السطحي السريع، وتشتت الانتباه أثناءه إلى الإخفاق في سماع أصوات القلب، واكتشاف التنفس السطحي وغير المنتظم، لذا يجب أن يكون الفحص دقيقًا. لكنّ بعض الأدوية المعطاة للمرضى تجعل تلك المهمة أصعب.

الأدوية، والسموم، والماء البارد:

اعتُقِدَ سابقًا بأن الأدوية المهدئة تحمي الدماغ من الضرر، لذا استُخدمت في التخدير في أثناء الجراحات الكبرى، خصوصًا عند الحاجة لإيقاف الدوران الدموي لمدة من الزمن. لكنها قد تسبب القلق وذلك يُعد أحد تأثيراتها السيئة. إذ تؤدي الجرعة الزائدة من الأدوية المهدئة إلى إنقاص قابلية الاستجابة للمنبهات، وإبطاء التنفس والدوران، مسببةً بذلك ظنّنا بموت الشخص، ومن ثمّ إعلان وفاته، بينما تكون هي في الحقيقة تحمي الدماغ من نقص الأكسجة، لذلك قد يستيقظ المريض لاحقًا عند خروج المادة من الجسم.

لقد سبّب الديازيبام (الفاليوم) وألبرازولام (كزاناكس) إعلان وفاة بعض الأشخاص بشكل خاطئ.

قد يكون لبعض السموم تأثيرات مشابهة، فقد استخدم الأشخاص الذين يمارسون الشعوذة؛ المعروفون باسم (بوكور) مسحوقًا على ضحاياهم لجعلهم يبدون مثل الموتى. يحتوي المسحوق على كميات ضئيلة من التيتروتودوكسين، المأخوذ من السمكة المنتفخة لشلّ ضحاياهم، الذين من المحتمل أن يكونوا قد اختُطفوا قبل قتلهم أو استعبادهم.

قد يقود الغمر بالماء البارد إلى الاعتقاد بالوفاة، بسبب تأثيراته في إبطاء معدل القلب. وعلى الرغم من ذلك سُجلت حالات نجاة بعد قضاء فترات طويلة ضمن الماء البارد أيضًا.

في الطب الإسعافي، لا يُسمح بإعلان وفاة مرضى الغرق إلا بعد تدفئتهم. فقد سُجلت حالات من الشفاء العصبي حتى بعد الغمر لمدة 70 دقيقة في الماء البارد.

قد يسبب الإغماء تضليلًا للطبيب أيضًا، إذ يؤدي تفعيل العصب المبهم (العصب القحفي الأطول في الجسم)، في أثناء الإغماء إلى إبطاء القلب وتخفيض الضغط الدموي.
على سبيل المثال، حدثت حالة غريبة أُبلغ عنها في هندوراس، إذ أُعلنت وفاة شابة حامل، بعد تعرضها لصدمة عند سماعها لإطلاق النار في حيّها، لكن لاحقًا سُمعت صرخاتها من قبرها بعد جنازتها بيوم واحد. من المحتمل أنها قد استيقظت بعد مدة طويلة من إغمائها.

سُجلت العديد من حالات إعلان الوفاة الخاطئة خارج أوروبا؛ وربما تفسر الاختلافات الجغرافية في إجراءات تأكيد الوفاة هذا الأمر، وقد تزداد الأخطاء في المناطق التي لا يستطيع الناس فيها تحمل كلفة الأطباء.

مهما كانت الحالة، ستظهر في الإعلام نظرًا لحساسيتها، وجذبها لكثير من الاهتمام، لكن عمومًا هي حالة نادرة جدًا.

اقرأ أيضًا:

دراسة صادمة: قد يستمر النشاط بالدماغ حتى بعد إعلان موت المريض

متلازمة لازاروس: حين يعود الميت إلى الحياة!

ترجمة: غنى عباس

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر