دور الحرب في تقدم العلوم (الحرب العالمية الثانية كمثال). «في الحرب، أثبت العلم أنه عبقري شرير جعل الحرب أسوأ بكثير مما كانت عليه يومًا». هكذا كتب السياسي، رجل الدولة والناشط ضد الحرب وليام جينينغز براين William Jennings Bryan في عام 1925 خلال إدلائه بملخص شهادته التي وقف فيها ضد تعليم التطور في المدارس في المحاكمة المسماة محاكمة القرد أو محاكمة سكوبس Scopes؛ وهي المحاكمة التي اتهم فيها مدرس الثانوية جون سكوبس بمخالفة قانون الولاية وتدريس التطور لطلابه.

في ورقتهما البحثية في مجال العلوم «التقنية وسياسات الابتكار عام 2006» وصف الأكاديميان الدنماركيان بنجت-آيك لوندفال Bengt-Åke Lundvall وسوزانا بوراس Susana Borrás خطة القرن السادس عشر التي وضعها ملك إنجلترا هنري الثامن والقاضية بتصنيع المدافع في إنجلترا باستخدام مواد إنكليزية كمثال مبكر وهام لسياسات التقنية الناجحة.

يضيف الأكاديميان أن السبب وراء إنشاء برنامج سياسة التقنية هذا كان حاجة إنجلترا الماسة للمدافع لربح الحرب المستمرة مع فرنسا في ذلك الوقت، إذ كانت المدافع البرونزية المستعملة نادرة جدًا ومكلفة جدًا.

عند تقييم دور الحرب في تقدم العلوم والتقنية، يقدم المتحف الوطني للحرب العالمية الثانية في الولايات المتحدة في نيو أورليانز ادعاءً جريئًا بقوله: «على الرغم من دور العلم؛ الرياضيات والاختراعات الجديدة في الحروب السابقة، لم تترك أي حرب الأثر العميق على تقنيات حياتنا اليوم كما فعلت الحرب العالمية الثانية بين عامي (1939-1945). ولم تتأثر بشدة أي حرب في تقدم العلوم والرياضيات والتقنية كما تأثرت الحرب العالمية الثانية».

يشير الباحثون إلى الكثير من الاختراعات والمبادئ العلمية التي ظهرت خلال الحرب، بما في ذلك التقدم الألماني في مجال الصواريخ.

تاريخ العلم: كيف ساهمت الحرب في تقدم العلوم دور الحرب العلامية في تقدم العلوم وبخاصة الرياضيات تأثير الحرب على تطور التقنيات في حياتنا

يقول ديفيد ديفوركين David DeVorkin كبير أمناء تاريخ علم الفلك وعلوم الفضاء في المتحف الوطني للطيران والفضاء الأمريكي في كتابه (العلوم والانتقام: كيف أنشأ الجيش برنامج علوم الفضاء الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية): «تقدّم استكشاف الولايات المتحدة الأمريكية للطبقات العليا من الغلاف الجوي بشكل كبير نتيجة للاستفادة من سلاح هتلر الانتقامي -الصاروخ V-2- الذي استولي عليه مع نهاية الحرب العالمية الثانية».

يقارن موقع ThoughtCo التقدم الذي وصلت إليه الصواريخ V-2،V-1 أو القنبلة الطنانة Buzz مع أسلحة حديثة مثل صواريخ كروز.

يقال إن فكرة القنبلة الطائرة طرحت لأول مرة لقادة الجيش الألماني عام 1939 وأعيد طرح الفكرة في حزيران يونيو 1942.

أكثر من 20,000 قنبلة طائرة أطلقت على أهداف بريطانية وأوروبية معظمها سقط في لندن وأنتويرب البلجيكية بين حزيران يونيو 1944 وآذار مارس 1945.

وقد طار الصاروخ V-1 المسمى “Vergeltungswaffen” أو سلاح الانتقام بسرعة وصلت إلى 640 كيلومترًا في الساعة مع نظام توجيه يعتمد على الغاز المضغوط. وقد حمل رأسًا شديد الانفجار وصل وزنه إلى حوالي 900 كيلوغرام بمدى يصل إلى 240 كيلومترًا. لم يكن سلاحًا دقيقًا على الإطلاق.

زُود الصاروخ V-1 بمحرك نفاث نبضي صممه المهندس الألماني فريتز جوسلاوFritz Gosslau من شركة Argus engine works.

وفقًا لمجلة سميثونيون Smithsonian، احتوى المحرك على أجزاء متحركة قليلة، وكان يعمل عن طريق دخول الهواء من فتحة أمامية ذات صمام حيث يختلط بالوقود وينفجر عن طريق المشعل.

يؤدي انفجار هذا المزيج إلى إغلاق مجموعة من الصمامات، منتجًا بذلك قوة دفع تنطلق من العادم. تفتح الصمامات بعد ذلك من جديد للسماح بدخول الهواء وتكرار هذه العملية التي تحدث حوالي 50 مرة في الثانية ما يعطي الصاروخ صوته الطنان المميز. يعمل هذا الصاروخ بوقود منخفض الدرجة.

يملك صاروخ V-1 نظام توجيه محدد مسبقًا مع بوصلة مغناطيسية تراقب الطيار الآلي. ويُطلق عادة من إنبوب إطلاق مثبت على منحدر معدني مائل طوله 50 مترًا وارتفاعه خمسة أمتار.

جاء لقب القنبلة الطنانة لهذا الصاروخ نظرًا لصوت الطنين الناتج عن دخول الهواء لمحرك الصاروخ النفاث، إضافة إلى ألقابٍ أخرى مثل القنبلة الطائرة، الحشرة المخربشة أو القنبلة الآلية.

في النهاية، استُبدل بالصاروخ V-1 الصاروخ V-2 الذي قال عنه مؤلفو نيو أورلينز إنه صاروخ باليستي يطير إلى الفضاء قبل عودته إلى الأرض وسقوطه على هدفه قاتلًا الآلاف من المدنيين.

جُلب الفريق الذي طور هذه الأسلحة الألمانية (ألاباما مع رئيسهم فيرنر فون براون Wernher von Braun) إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية واستقر في هنتسفيل ليساعد لاحقًا ببناء الصواريخ التي أرسلت رواد الفضاء الأمريكيين إلى الفضاء والقمر.

اقرأ أيضًا:

مشروع الجينوم البشري ، اعظم خطوة في تاريخ العلم لفهم الانسان و تركيبته البيولوجية

لقد حدّد العلماء أسوأ سنة عِيش بِها في تاريخ البشريّة

ترجمة: محمود الجرود

تدقيق: عون حداد

مراجعة: تسنيم المنجد

المصدر