نحن الآن نعرف جيدًا مفهوم منطقة جولديلوكس (المنطقة الصالحة للحياة)، وهي المسافة من النجم التي تسمح بوجود الماء السائل على سطح كوكب ما، لا ساخنًا لدرجة التبخر، ولا باردًا حد التجمد.

تعد هذه الظروف مهمة؛ لأننا نعد المياه السائلة عنصرًا ضروريًا للحياة، ولكنها ليست الشرط الوحيد الذي نقيّم بناءً عليه إمكانية الكوكب للعيش؛ فحسب بحثٍ جديدٍ مبني على عقود من البيانات، هناك أيضًا نجوم جولديلوكس.

ليست لكل النجوم التي تراها البنية نفسها، فبعضها شديدة الحرارة والتوهج كالنجوم اليافعة الملتهبة باللون الأزرق OB، وبعضها منخفض الحرارة كالنجوم القزمة من النوع M، إذ تمتلك هذه النجوم حرارة جيدة، ولكن المنطقة الصالحة للحياة ستكون قريبة جدًا للنجم، والأقزام الحمراء عادةً ما تكون متوهجة، جالدةً الفضاء حولها بشعلٍ عنيفة.

تتموضع شمسنا بين هذين الشديدين ما يعرف بقزمٍ أصفر وهو نجم تسلسله الأساسي (1) من النوع G، ولكن رغم علمنا أن الحياة ظهرت في المجموعة الشمسية، فإن الشمس لا تُعد من النجوم ذات منطقة صالحة للحياة.

وفقًا لعلماء الفلك في جامعة فيلانوفا فإن أفضل النجوم للحياة أبعد بخطوة على مخطط «هيرتسبرنغ راسل» لأنواع النجوم، أي النجوم من النوع K، وهي نجوم برتقالية أبرد قليلًا من الشمس، وأدفأ قليلًا من القزم أحمر.

تحديد جانب مهم للكواكب التي قد تستضيف الحياة - مفهوم منطقة جولديلوكس (المنطقة الصالحة للحياة) - كواكب صالحة للسكن شبيهة بالأرض

أوضح الفيزيائي الفلكي إدوارد غوينان لدى جامعة فيلانوفا قائلًا: «النجوم القزمة من النوع K في البقعة المثالية إذ إنها تمتلك خواص معتدلة بين النجوم الشمسية من النوع G النادرة والأشد إضاءة التي تعيش عمرًا أقل، وبين النجوم الحمراء القزمة من النوع M الموجودة بأعداد أكبر».

وأضاف: «إن النجوم من النوع K، خصوصًا تلك الأكثر دفئًا، لديها أفضل الخواص في كل المجالات، إذا كنت تبحث عن كواكب صالحة للسكن؛ فإن وفرة النجوم من النوع K سيزيد فرص العثور على الحياة».

لنكن أكثر وضوحًا، علماء الفلك لا يبحثون عن كواكب صالحة للسكن لإيجاد نسخة احتياطية للأرض.

حتى لو وجدنا نسخة أخرى من الأرض، فنحن لا نملك التكنولوجيا لتوصلنا إلى هناك، مهمتنا لإيجاد كواكب صالحة للسكن مرتبط باكتشاف ما إن كانت هناك حياة في الكون وخطوة أبعد من ذلك، إن كان هناك حياةٌ ذكية.

هل الحياة شيء طبيعي أم إن الأرض فريدة؟ إن تقليص نطاق إمكانية نشوء الحياة سيساعدنا في هذا البحث.

رصد غوينان وإنغل وآخرون عددًا من النجوم من النوع F والنجوم من النوع G تحت الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية على مدى الأعوام الـ30 الماضية، وذلك جزء من برنامجهم البحثي: الشمس في الموعد – Sun in Time. إضافةً إلى رصد الأقزام الحمراء من النوع M لـ10 سنين، ضمن برنامج: العيش مع قزم أحمر – Living with a Red Dwarf.

يساعد البرنامجان في تقييم تأثير الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية المنبعثة من النجوم في أهلية كواكبها للسكن، إذ وسعوا مؤخرًا بحثهم ليتضمن جمعًا مشابهًا للبيانات عن النجوم من النوع K ما سموه العيش مع أقزام K ذات المناطق الصالحة للحياة، إذ تبدو هذه النجوم أكثر تبشيرًا بالظروف الداعمة للحياة.

مع أن المنطقة الصالحة للسكن الخاصة بالنجوم من النوع K أصغر، إلا أنها أكثر انتشارًا من النجوم من النوع G، بوجود ما يقارب الـ1,000 منها في نطاق 100 سنة ضوئية من المجموعة الشمسية، ولديها عمر تسلسلٍ أساسيٍ (1) أطول.

إن عمر التسلسل الأساسي يمثل الفترة التي يحرق فيها النجم الهيدروجين مولدًا الهيليوم، وتشكل 90% من حياته الكلية.

عمر الشمس يقارب الـ4.6 مليار عام، مع عمر تسلسلٍ أساسي نحو 10 مليارات عام، إذ ظهرت الحياة المعقدة على الأرض فقط قبل 500 مليون عام.

يعتقد العلماء أن خلال المليار عام القادمة، سيغدو الكوكب غير صالح للحياة، إذ تتوسع الشمس دافعةً المنطقة الصالحة للسكن بعيدًا.

الأقزام الحمراء أكثر انتشارًا لكنها مشاكسة مخضعةً الفضاء حولها لإشعاعات ونشاط توهجي مكثف قد يجرد أي كوكب قريب من غلافه الجوي ومياهه السائلة.

ومقارنةً بها فالنجوم من النوع K لديها أعمار بين الـ25 والـ80 مليار عام ما يعطي فرصة أكبر لظهور الحياة مقارنة بالنجوم من النوع G وفقًا لبيانات الفريق، فهي أهدأ بكثير من الأقزام الحمراء.

يوجد بالفعل نجوم من نوع K رُصدت كواكب حولها، وهي كبلر442، وتاو سيتي، وإبسيلون أريداني. قال غوينان: «إن هذا النجم لديه التصنيف الطيفي K5، لذلك يستضيف ما يُعد واحدًا من أفضل كواكب جولديلوكس كبلر442 وهو كوكب صخري كتلته أكثر بقليل من ضعفي كتلة كوكب الأرض».

لذا فإن نظام كبلر 442 هو كوكب جولديلوكس يستضيفه نجم جولديلوكس!

لكن البحث عن الحياة أكثر تعقيدًا من ذلك، فمثلًا إذا كان للكوكب مدار إهليجي حاد، قد ينتج درجات حرارة شديدة تجعله غير صالح للسكن.

قد يُحدث تحديد مواقع الكواكب الأخرى فرقًا في النظام؛ وهناك احتمال أن المجرة لها منطقة صالحة للسكن أيضًا، وإن كان لها، نعلم أننا فيها، فالبحث حولنا بداية جيدة.

قد يشكل هذا البحث جزءًا من أحجية قد تجعل العثور على إبرة الحياة في كومة قش الفضاء أسهل قليلًا.

اقرأ أيضًا:

اكتشاف ثمانية كواكب تقع في المنطقة الصالحة للحياة و اثنان منها من الأكثر شبهاً بالأرض

هل يمكننا بناء كوكب صالح للحياة من الصفر؟

ما مصير نظامنا الشمسي بعد زوال الشمس؟

ترجمة: معتز صبرة

تدقيق: تسبيح علي

المصدر