يصعب قياس المواد التي يتكون منها كوننا. تتكون معظم كثافة مادة الكون وطاقته من الطاقة المظلمة، وهي طاقة غامضة تسبب تمدد الكون. إضافةً إلى المادة، العادية والمظلمة. تُعد معرفة هذه النسب الثلاث تحديًا للباحثين. يقول الباحثون إنهم توصلوا إلى أحد أدق القياسات حتى الآن لتحديد نسبة المادة في الكون.

العنقود المجري المسمى Cl 0024+17 (ZwCl 0024+1652)

العنقود المجري المسمى Cl 0024+17 (ZwCl 0024+1652)

وفقًا لحساباتهم، تشكل نسبة المادة والمادة المظلمة في الكون مجتمعةً 31.5% من كثافة المادة والطاقة في الكون، في حين تشكل الطاقة المظلمة 68.5%.

قال الفلكي محمد عبد الله من جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد والمعهد الوطني لأبحاث الفلك والجيوفيزياء: «لو وضعنا كمية المادة في الكون في سياقها الصحيح، سنجد أن كل المادة في الكون لو توزعت بالتساوي في الفضاء سنحصل على متوسط كثافة للكتلة يساوي 6 ذرات هيدروجين للمتر المكعب. ولمّا كانت نسبة 80% من المادة هي مادة مظلمة، فهي في الحقيقة لا تتكون من ذرات هيدروجين، بل من مادة غير معروفة حتى الآن».

يُعد فهمنا للطاقة المظلمة ضروريًا لفهم الكون ودراسته، لا نعلم بعد خواصها أو ماهيتها. تشير كلمة «مظلمة» إلى الغموض، ويبدو أنها القوة التي تسبب تمدد الكون، الذي ثبت صعوبة تحديد سرعته بقيمة معينة.

إذا توصلنا إلى فهم أفضل لتوسع الكون، سيتحسن فهمنا لآلية تطور الكون، لذلك فإن تحديد خصائص الطاقة المظلمة ضروري لفهم علم الفلك عمومًا، وتوجد العديد من الطرق للقيام بذلك.

استخدم عبد الله وفريقه طريقة تعتمد على حركة الأجرام ضمن العناقيد المجرية، وهي مجموعات مكونة من آلاف المجرات المترابطة معًا بفعل الجاذبية.
تُعد العناقيد المجرية عمومًا أداةً مناسبة لقياس المادة في الكون، لأنها مكونة من مادة تجمعت معًا بفعل الجاذبية، على مدار عمر الكون البالغ 13.8 مليار سنة.

إن عدد العناقيد المجرية التي يمكننا رصدها في مساحة محددة من الكون مرتبط جدًا بكمية المادة في الكون، لذا قد يساعدنا عدّ العناقيد على معرفة كمية المادة في الكون، لكن هذا ليس عملًا سهلًا كما يبدو.

قال عبد الله: «كان التحدي أمام الفريق حساب عدد العناقيد المجرية، ثم التوصل إلى الإجابة الصحيحة، لكن من الصعب قياس كتلة أي عنقود مجري بدقة لأن معظم المادة هي مادة مظلمة لا نستطيع رؤيتها بتلسكوباتنا»

استخدم الفريق تقنيةً تُسمى GalWeight أو وزن المجرة. وفيها يمكن استخدام مدارات المجرات داخل العناقيد المجرية وحولها لتحديد المجرات المنتمية إلى عنقود مجري محدد. توفر هذه التقنية دقة تصل إلى 98% وتعطينا بدورها حسابات دقيقة للكتلة.

أوضح الفلكي أناتولي كليبين من جامعة نيو مكسيكو التقنية المستخدمة قائلًا: «ساعدت التقنية على معرفة كتلة كل عنقود مجري على حدة، بدلًا من الاعتماد على طرق أخرى غير مباشرة لمعرفة الكتلة»

طبّق الفريق هذه التقنية على البيانات المجموعة في مسح سلون الرقمي للسماء، ثم وضعوا قائمة تحتوي عناقيد مجرية قورنت لاحقًا بعمليات محاكاة عددية للمجرات لحساب كمية المادة في الكون.

توصل الفريق إلى وجود 31.5% من المادة و68.5% من الطاقة المظلمة، وتتوافق تلك النتائج مع القياسات الأخرى لكثافة مادة الكون وطاقته.

قال الفلكي غيليان ويلسون من جامعة يو سي ريفرسايد: «نجحنا في تحقيق أحد أدق القياسات بفضل تقنية العناقيد المجرية، وحصلنا على نتائج متوافقة مع القياسات الأخرى كإشعاع الخلفية الكونية الدقيق وتذبذبات الباريون الصوتية، إضافةً إلى المستعرات العظمى من نوع la أو التأثير العدسي للجاذبية»

توضح النتائج أن تقنية GalWeight أداة مفيدة للحصول على معلومات أكثر ومعرفة خصائص كوننا.

اقرأ أيضًا:

ما مدى ثقل الكون؟ إجابات متناقضة تلمح إلى فيزياء جديدة

المادة المظلمة – الأحجية الكونية التي حيرت العلماء

ترجمة: حازم أبو العمرين

تدقيق: مازن النفوري

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر