استخدم البشر الحليب لصنع الجبن آلاف السنين، ومع ذلك فإن مخاوف التغير المناخي والاستدامة تدفعنا إلى التطلع إلى المملكة النباتية لصناعة الجبن من النبات في المستقبل.

يشير بحث جديد من جامعة كوبنهاغن إلى البازلاء الصفراء البسيطة التي قد تصبح مع محتواها الغذائي العالي وسمات الزراعة المستدامة المكون الأساسي لصناعة الجبن.

الشعب الدنماركي هو من أكبر مستهلكي الجبن في الأرض، ووفقًا للاتحاد الدولي للألبان (IDF)، يتربع الدنماركيون على عرش استهلاك الجبن على مستوى العالم مع 28 كيلوغرامًا من الجبن المستهلك للفرد في عام 2020، وفي الوقت نفسه يتطلب الضغط على الموارد الطبيعية للأرض وتغير المناخ العالمي المزيد من إنتاج الأغذية المستدام الذي من طريقه تُستبدل الأغذية ذات الأصل الحيواني بأغذية قائمة على بدائل نباتية.

مع ذلك توجد الكثير من التحديات (التي تتعلق بالملمس والطعم) التي يجب التغلب عليها من أجل إنتاج منتجات لذيذة مثل أصناف الأجبان والألبان الكثيرة جدًا التي أتقن البشر صناعتها على مدار الـ 7000 عام الماضية.

أما الآن فقد نجح باحثون من قسم علوم الأغذية في جامعة كوبنهاغن في تطوير صناعة الجبن مستقبلًا، إذ سيكون الأساس لصناعته قائمًا على البروتينات النباتية من البازلاء الصفراء.

تقول الباحثة الصناعية في الدكتوراة في قسم الغذاء كارمن ماسيا: «أظهرت بروتينات البازلاء نتائج واعدة لإنتاج الجبن المصنوع من النبات، فالبازلاء وغيرها من البقوليات غنية بالبروتينات، وإنتاجها مستدام ومحلي ويمكن زراعتها في الدنمارك. نحن نعلم كيف تُصنع الأجبان من منتجات الألبان الحيوانية، لكن علينا الآن أن نعتاد على طبيعة البروتينات النباتية والطريقة التي تعمل بها في ظل ظروف التخمير وهو ما يدور حوله إنتاج الجبن».

نجحت الباحثة في إنشاء (حجر أساس للجبن النباتي) المصنوع من بروتينات البازلاء التي تعطي أساسًا لإنتاج الجبن. ببساطة، خمّر الباحثون هذا الأساس وأنتجوا نموذجًا أوليًا للجبن النباتي يعتمد على البازلاء الصفراء. هذه نقطة انطلاق رائعة للحصول على مزيد من النكهة وفقًا للباحثة.

تشرح كارمن ماسيا أيضًا: «يستطيع الجبن النباتي باستخدام التخمير تطوير هوية ونكهة أكثر تعقيدًا».

الخطوة التالية في البحث هي اختبار التخمير والكائنات الحية الدقيقة المختلفة التي قد تضيف نكهة إلى الجبن، لكن وفقًا للباحثة، يتعلق الأمر حاليًّا بالفهم الكامل لبروتين البازلاء.

شيفرة الجبن لم تُحل حتى الآن:

وفقًا لماسيا، لم تنجح حتى الآن صناعة الجبن اللذيذ والمغذي مع القوام الصحيح باستخدام البروتينات النباتية، وتعتمد أغلب منتجات الجبن النباتية في السوق اليوم على زيت جوز الهند والماء وهي وصفة لا تستحق الاستمرار باتباعها.

تقول ماسيا: «يشبه مظهر الجبن المصنوع من حليب زيت جوز الهند الجبن المصنوع من منتجات الألبان الحيوانية، لكنه لا يشبه تجربة الجبن المصنوع من الحليب الحيواني بالنسبة للمستهلك عندما يتعلق الأمر بالملمس والطعم والمحتوى الغذائي، ويرجع ذلك أساسًا إلى عدم احتوائه على بروتين».

إضافةً إلى الجبن المصنوع من زيت جوز الهند يوجد جبن نباتي آخر مصنوع من المكسرات، ولكن وفقًا للباحثة فإن هذا الجبن يمثل مشكلةً لأسباب تتجاوز الطعم والملمس.

تقول الباحثة: «إن إنتاج الأجبان القائمة على المكسرات مكلف، وإنتاج هذه المواد الخام أقل استدامةً من إنتاج البقوليات، ولهذا يجب علينا أن نوجه المزيد من الاهتمام نحو هذا الأخير في المستقبل، وتظهر نتائجنا مع البازلاء الإمكانات الكبيرة للبقوليات في صناعة هذا النوع من المنتجات».

البكتيريا تُطور النكهة:

الخطوة التالية في البحث هي اختبار أنواع مختلفة من التخمير والكائنات الحية الدقيقة التي تضيف نكهةً إلى الجبن، ومع ذلك تقول الباحثة إن الأمر يتعلق بالتعرف بعمق على البروتينات النباتية وإمكانات البكتيريا في تطوير النكهات بدلًا من الاتجاه نحو “الحل السريع” وهو استخدام زيت جوز الهند مع النكهات المضافة.

تقول كارمن ماسيا: «إذا قررنا السعي إلى تحفيز الانتقال نحو إنتاج الجبن الأكثر استدامةً بمساعدة النباتات، فيجب تزويد المستهلكين بمنتجات ذات مذاق جيد على الأقل مثل الجبن القائم على منتجات الألبان، وسيتطلب ذلك فهمًا صحيحًا للعلم الكامن وراء البروتينات النباتية والتخمير النباتي».

وتختتم بقولها: «في النهاية، يتعلق الأمر كله بالصورة الحسية الجيدة، وبغض النظر عن مدى استدامة المنتج إذا لم تكن تجربة الذوق رائعة فلن يختارها المستهلكون».

اقرأ أيضًا:

هل يمكن لتناول الجبن أن يجعلك تحلم أحلامًا غريبة؟

تناول الجبن والنبيذ يمكن أن يقي من الخرف!

ترجمة: يمام نضال دالي

تدقيق: باسل حميدي

مراجعة: نغم رابي

المصدر