قد يكون تطور النباتات المزهرة بعد عصر الديناصورات هو الذي ولد حياةً متنوعةً على الأرض، وذلك وفقًا لورقة بحثية نُشرت عام .2020

معظم النباتات التي نستخدمها في طعامنا وشرابنا، ونستخدمها في صناعة الألبسة ومواد البناء من الأنواع المزهرة، وتسمى كاسيات البذور.

يقول عالم النباتات القديمة بيتر ويلف أن أكثر من مليون نوع من الحشرات الحديثة تدين بسبل عيشها إلى كاسيات البذور، ومنها الحشرات الملقحة مثل النحل والدبابير، وآكلات الأوراق مثل الخنافس والجراد والبق، أو التي تتغذى على الرحيق مثل الفراشات. وأضاف أن هذه الحشرات تأكلها العناكب والسحالي والطيور والثدييات.

منذ مئات ملايين السنين، اقتُرح أن معظم الأنواع على الأرض تعيش في المحيطات، وهو أمر منطقي لأن هذه الأماكن المائية تغطي أكثر من 70% من سطح كوكبنا، لكن اليوم تتنوع الحياة على سطح الأرض.

في مراجعة أدبية نُشرت مؤخرًا، تجادل عالم الأحياء القديمة مايكل بينتون وزملاؤه حول فكرة، وهي أن التغيير الذي يُظن أنه حدث منذ نحو 100 مليون سنة، كان مدفوعًا بالنباتات المزهرة، وتزامن ذلك مع العديد من الابتكارات في بيولوجيا كاسيات البذور.

كان هذا في الوقت الذي نشأت فيه العديد من عائلات النباتات التي نعرفها اليوم وفقًا للجداول الزمنية الجزيئية، التي تضمنت زيادةً هائلةً في حجم الفاكهة والبذور، وهو محرك تطور المزيد من الحيوانات الآكلة للفاكهة.

تزامن ظهور كاسيات البذور مع التوسعات الهائلة في التنوع البيولوجي للنباتات والفطريات والحيوانات الحديثة.

يقول بينتون أنه ربما كانت النباتات المزهرة موجودةً منذ بعض الوقت، لكنها بدأت بالظهور على نحو شائع أكثر في العصر الطباشيري في آخر 70 مليون سنة من عصر الديناصورات.

لكن يبدو أن الديناصورات لم تختر أكلها، واستمرت في أكل السراخس والصنوبريات. مع ذلك، بعد أن انقرضت الديناصورات انطلقت كاسيات البذور بالشروط التطورية.

أطلق فريق الدراسة على هذا الحدث اسم ثورة كاسيات البذور الأرضية، التي قد أغفلناها سابقًا لأنها خُرقت بسبب الانقراض المأساوي الذي أطاح بالديناصورات غير الطائرة.

أدى اصطدام الكويكب إلى تدمير العديد من الكائنات الحية، 70% من الأنواع البحرية، ولكن عندما انتعشت الحياة من جديد انتصرت الحشرات والطيور والثدييات والزواحف.

يقول عالم النباتات القديمة بيتر وولف أنه قد تكون إزالة الديناصورات وسحقها المستمر قدحت زناد هذه الأحداث.

يقترح فريق الدراسة أن هذه التجارب التطورية الزهرية دفعت الحياة على الأرض إلى التنوع عبر أربع طرق رئيسية:

أولًا، مع انتشار النباتات المزهرة في بيئات مختلفة، حولها التطور إلى نسق باهر من الأشكال الجديدة. خلقت هذه الأصناف الجديدة من الهياكل والمواد الكيميائية والاستراتيجيات الإنجابية فرصًا جديدةً للحياة الأخرى التي تتطور حولها.

يقول بينتون أن كاسيات البذور أصبحت متنوعةً بصورة كبيرة، ولكنها أوجدت أيضًا أعدادًا هائلةً من المنافذ للنباتات والحيوانات الأخرى، لذلك ستحصل على عشرات الأصناف على كل هكتار من سطح الأرض أكثر مما كنت ستحصل عليه إذا لم تكن كاسيات البذور قد ترسخت.

بالمقابل، تعني الزيادة في الإنتاجية أن هذه المصانع كانت تنتج وتتاجر بمزيد من الطاقة.

يقول عالم الأحياء التطوري هيرفي سوكيه أنه يمكنها أيضًا التقاط قدر أكبر بكثير من طاقة الشمس مقارنةً بالصنوبريات وعائلاتها، وهذه الطاقة الإضافية تمر عبر النظام البيئي بأكمله.

أدت مصادر الغذاء الجديدة (كالنباتات زكية الرائحة والأطعمة عالية الطاقة) للحشرات الملقحة إلى خلق علاقات متبادلة بين النباتات والحيوانات، ما أدى إلى إمكانات جديدة للتنوع البيولوجي وصولًا إلى أقوى الحيوانات المفترسة.

يوضح سوكيه أن كاسيات البذور تقود أيضًا تطور الحيوانات التي تلقحها الحشرات بالدرجة الأولى، ويمكنها بناء هياكل غابات معقدة لتكون موطنًا لآلاف الأنواع.

أخيرًا، أثرت زيادة الغزاة المزدهرين بكثرة في المناخ المحلي أيضًا، إذ تعني معدلات النتح الأعلى أن النباتات تسحب المزيد من المياه من التربة، وتمررها إلى الغلاف الجوي ما يغير المناخ ودورة المياه.

أتاح ذلك زيادة مساحة البيئات الاستوائية الرطبة، ومن ثم توسيع الموائل المناسبة للعديد من الأنواع الأخرى من الضفادع حتى الفطريات، وأيضًا النباتات الأخرى التي سبقتها مثل السرخس، فقد كان وضعًا يكسب فيه الجميع.

لاحظ سوكيه من ناحية أخرى أن غابات الصنوبر التي تنتمي إلى عائلة الصنوبريات، لم تكن غنيةً بالكثير من الأصناف، وتحوي أنواعًا أقل من النباتات والحيوانات الأخرى.

يقترح بينتون وزملاؤه أن الاختلاف في علم الوراثة مكّن كاسيات البذور من التنوع في المحاصيل أكثر من باقي الأنواع النباتية الأخرى. إلا أن مضاعفات الجينوم السابقة (وهي سمة شائعة في جميع النباتات تؤدي إلى المزيد من الكروموسومات) لديها جينومات صغيرة نسبيًا تحوي أعدادًا أقل من الكروموسومات، إذ من المحتمل أن تكون الآليات التي بواسطتها تقلل جينوماتها، هي التي تسمح للنباتات المزهرة بإنشاء أنماط وراثية جديدة بهذه السهولة.

أوضح الباحثون أن كاسيات البذور تظهر قدرةً تجددية كبيرة ومرونةً عالية، والقدرة على التطور الفيزيولوجي السريع مقارنةً بعاريات البذور مثل الصنوبريات.

قد يكون هذا النظام هو الذي أدخل النباتات المزهرة في نظام جديد تمامًا للحياة على الأرض، وفي النهاية أصبح نظامنا.

اقرأ أيضًا:

وسائل جذب الملقحات في النباتات

كيف تعرف النباتات متى عليها أن تزهر؟

ترجمة: سارا رياض الخضر

تدقيق: ميرفت الضاهر

المصدر