ما هي لحظة مينسكي؟

تعود لحظة مينسكي إلى بداية انهيار السوق بسبب عمليات المضاربة المتهورة المبنية على نمو السوق المرحلي أو المؤقت، وسُمّيت لحظة مينسكي نسبةً للخبير الاقتصادي هيمان مينسكي، وتصف الوقت الذي فيه يؤدي تراجع في نظرة المستثمرين (الموقف العام السائد عند المستثمرين من تطور الأسعار المتوقع في السوق) إلى انهيار السوق الحتمي.

فهم لحظة مينسكي

تعتمد فكرة لحظة مينسكي على أن استمرار عمليات المضاربة المرتفعة لفترة طويلة سيؤدي إلى حدوث أزمة اقتصادية، وكلما طالت عمليات المضاربة، زادت معها حدة الأزمات التي ستحدث في النهاية، إذ تمحور ادعاء مينسكي الرئيسي، الذي تسبب بشهرة نظريته الاقتصادية، حول الاضطراب المتأصل في الأسواق، خاصةً الأسواق الصاعدة، فيرى أن التوسع في الأسواق الصاعدة يؤدي الى انهيارات ضخمة.

افترض مينسكي أن دورة النمو الاقتصادي المتصاعد غير الطبيعي ستحفز ارتفاعًا غير متكافئ في مضاربات السوق؛ ما يؤدي إلى عدم استقرار السوق وانهياره في النهاية.

تحدث أزمة لحظة مينسكي بعد مدة طويلة من المضاربات المرتفعة المصحوبة بديون ثقيلة يتحملها المستثمرون جميعًا أفرادًا ومؤسسات.

صِيغَ مصطلح «لحظة مينسكي» عام 1998 بواسطة بول ماكولي العامل في شركة PIMCO الشهيرة، حين أشار إلى أزمة الديون الآسيوية عام 1997، إذ بعد تحليل أسباب هذه الأزمة؛ أُلقي اللوم على المضاربين الذين استمروا بالضغط على العملات الآسيوية المربوطة بالدولار حتى انهارت.

وربما أعادت الأزمة المالية أو ما يطلق عليه اسم الركود العظيم عام 2008 والتي تعد أشهر الأزمات أو أحدثها على الأقل، مفهوم لحظة مينسكي للواجهة، التي لم تكن إلا مثالًا لمخاطر الإسراف. ففي ذروة الأزمة لوحظ انهيار مجموعة واسعة من الأسواق، وهو ما أثار موجةً من نداءات الهامش بين الوسطاء والمستثمرين لتغطية الخسائر المحتملة، إضافةً إلى عمليات بيع كبيرة للأصول لتغطية الديون وظهور معدلات مرتفعة من التعثر في السداد.

محفزات حدوث لحظة مينسكي وتأثيراتها

تحدث أزمات لَحظة مينسكي عمومًا نتيجة انخراط المستثمرين في مضاربات شديدة العدوانية، وتحمل مخاطر ائتمان إضافية في فترات ازدهار السوق، وكلما طالت فترة الازدهار، زاد توجه المستثمرين للاقتراض ليستفيدوا من هذا الصعود قدر المستطاع.

تَصف لحظة مينسكي نقطة التحول عندما تتوسع عمليات المضاربة دون توقف؛ مؤديةً إلى انكماش سريع في الأسعار وانهيار السوق حتمًا، وهو ما يتلوه فترة طويلة من عدم الاستقرار حسب افتراض مينسكي.

مثال ذلك:

لنتَصوّر سوقًا في ذروة صعوده، ويقترض المستثمرون الأموال ضمن أعلى حدود الاستدانة للمشاركة في هذه الذروة، وعند تراجع السوق قليلًا وهي حالة طبيعية في الأسواق، عندئذٍ قد تنخفض قيمة أصولهم العالية إلى حد يعجز فيه المستثمرون عن سداد ديونهم الناتجة عن شراء تلك الأصول، ثم يبدأ المقرضون المطالبة بالتسديد، وبما أنه يصعب بيع الأصول المضاربة، يضطّر المستثمرون حينها إلى بيع الأصول الأقل قابلية للمضاربة لتسديد مطالبات المقرضين.

يتسبب بيع تلك الاستثمارات بهبوط عام في السوق، وفي هذه المرحلة يصل السوق إلى لحظة مينسكي، وما يتبعها من ارتفاع الطلب على السيولة وهو ما قد يُجّبر البنك المركزي على التدخّل.

هل نشهد لحظة مينسكي أخرى قريبًا؟

أطلق العديد من الخبراء في عام 2017 تحذيرات من اقتراب حدوث لَحظة مينسكي في الصين، إذ ارتفعت مستويات الديون مع استمرار موجة ارتفاع أسعار الأسهم في السوق، ما دفع الحكومة الصينية إلى تحذير المستثمرين من لَحظة مينسكي وشيكة الحدوث إذا استمرت مستويات الديون بالارتفاع.

في غضون ذلك، انضم صندوق النقد الدولي إلى الأصوات العالمية المُحذّرة من مستويات الديون المرتفعة التي كان يُمّكن أن تُحدِث أزمات لحظة مينسكي في كل أنحاء العالم، ورغم أنه لم يحدث شيء بعد فإن التحذيرات بهذا الخصوص ما زالت قائمةً.

الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية شهدت مرحلةً طويلةً من الازدهار الاقتصادي، مترافقًا مع مستويات ديون مرتفعة وعمليات مضاربة قوية، لكنها لم تصل بعد إلى المستويات القصوى التي تنذر بحدوث لَحظة مينسكي.

اقرأ أيضًا:

الإقراض بالفائدة

النظرية الكينزية في الاقتصاد

ترجمة: ذوالفقار مقديد

تدقيق: علي الطريفي

مراجعة: آية فحماوي

المصدر