تشير دراسة جديدة تقارن جمجمة الإنسان بجماجم الحيوانات الأخرى إلى أن أبعاد رؤوسنا تبدو وكأنها تتبع النسبة الذهبية ، فهي رقم خاص ذو سمعة مثيرة للجدل لكونها «صيغة الجمال».

غالبًا ما تُرمَز بالعدد غير المنطقي phi، أو تقريبًا 1.618، تعد النسبة الذهبية من بين المفاهيم الرياضية الأكثر شهرةً. ولكن هل هذه الشهرة مستحقة، أم أن النسبة الذهبية -المعروفة أيضًا بالمتوسط الذهبي- مجرد حالة من معاني الأعداد السحرية في المجال الطبي؟

في هذه الدراسة الجديدة، يناقش أخصائيو الأعصاب في جامعة جونز هوبكنز، رافئيل تامارغو (Rafael Tamargo) وجوناثان بيندريك (Jonathan Pindrik)، بأنه هناك شيء مثير للاهتمام فيما يتعلق بصندوق عقولنا، وأن phi قد يكون علامة على التعقيد.

«التطور عبر آلاف السنين، جسدت الجمجمة البشرية التناسق الأنيق للبنية والوظيفة»، كتبا في ورقتهم، والتي تقارن بين 100 من جماجم البشر الطبيعية مع 70 من الأفراد الممثلة لستة أنواع من الثديات.

وكان هناك اهتمام خاص بخط يدعى «القوس الأنيفي القمحدوي»، والذي يصل بين نقطة على العظم الأنفي مع نتوء صغير في الجزء الخلفي من الرأس يدعى «القمحدوة».

النقطة التي تبدأ فيها الخطوط المتعرجة الغريبة على الجماجم تدعى بـ«الهامة»، فقد قيست المسافات بين العظم الأنفي والهامة، ومن ثم بين الهامة والقمحدوة.

هذه الملامح للخطوط الناصفة القحفية لم تُختَر بشكل عشوائي تمامًا؛ اختيرت كمسافات تمثيلية تتوافق مع البنى العصبية المستبطنة والمواصل العظمية في كل من البشر والحيوانات.

تم العثور على النسبة الذهبية ضمن جمجمة الإنسان، فماذا يعني ذلك مقارنة جمجمة الإنسان بجماجم الحيوانات الأخرى الأعداد السحرية في المجال الطبي

وفقًا للباحثين، إذا قُمت بقسمة المسافة بين الهامة والقمحدوة على المسافة بين المفصل الأنفي والهامة، وثم قمت بقسمة حجم القوس الأنفي القمحدوي على المسافة بين الهامة والقمحدوة، فإن الرقمين يشكلان نسبة حوالي 1.6.

بالنسبة لتامارغو وبيندريك، 1.6 قريبة بشكل مثير للاهتمام إلى النسبة الذهبية أو 1.618…. (هذه النقاط تشير إلى أن الرقم دوري، على الرغم من أنه غالبًا ما يُقرَّب إلى 1.618). قريبة بشكل كافٍ للشك بوجود شيء مثير للاهتمام يحدث، كما يعتقد كلاهما.

يقول تامارغو: «إن الثديات الأخرى التي قمنا بدراستها تمتلك نسب فريدة تقترب من النسبة الذهبية مع زيادة تطور النوع».

ويضيف: «نحن نعتقد أن هذه النتائج قد يكون لها مقتضيات أنثروبولوجية (دراسة تطور الجنس البشري) وتطورية مهمة».

يمكن لهذه المقتضيات ألا تكون واضحة تمامًا. في السنوات الأخيرة، رُصدَت النسبة بين جميع أنواع البنى الفيزيولوجية، من قلبنا إلى خلايانا الدموية، هذا ما أثار الأسئلة حول إذا ما كانت هذه العلاقة خاصة بيولوجية بطريقة ما.

phi هو بالتأكيد شكل ترسيمي أنيق إلى حدٍ ما.

خذ قياسين، رقم كبير a ورقم صغير b، يشكلان نسبة (a:b).

والآن، اجمعهما، بحيث تحصل على (a + b).

إذا كانت النسبة ِ (a + b):a هي نفسها (a:b)، يمكن الآن أن تتمتع بالتوهج المتألق للعلاقة بين المقدارين a وb.

في عام 1509، اعتقد الرياضي لوكا باسيولي أن هذه العلاقة كانت ذهبية للغاية، وجعلت الأمور تبدو جميلة عند تطبيقها هندسيًا، وهي من المؤكد أقنعت ليوناردو دا فينشي، الذي استخدمها لتحديد الأبعاد الرئيسية في فنه.

خارج الجماليات الخالصة، هناك أيضًا ادعاءات بأن النسبة الذهبية تمثل حقائق أعمق حول طريقة عمل العالم الطبيعي.

قيل أن الصدفة الحلزونية للنوتلس (حيوان النوتي البحري) تتبع النمط الذي يجسد النسبة على شكل الحلزون الذهبي، على سبيل المثال، قيست الوجوه الجميلة من خلال تطبيق هذا الرقم الغامض على نسب مختلفة.

ويبقى السؤال، ولكن هل هنالك بعض التحيز في العمل عندما نذهب للبحث عن النسبة التقريبية لـ1.6 في الكون، أم أن اكتشافنا للرقم المشابه للنسبة الذهبية في عظامنا -دون ذكر خلايانا وأعضائنا- يشير إلى أن التطور يعشق phi؟

بالنظر إلى التنوع الهائل في الشكل البشري، هناك مجال كبير للشك.

في عام 2015، أخبر بروفيسور الرياضيات إيف تورينس (Eve Torrence) من كلية راندولف-ماكون في الولايات المتحدة الأمريكية بأن: «فكرة وجود مستطيل واحد (بالاعتماد على النسبة الذهبية) بأنها هي المثالية. وانعكاس ذلك على جسم الإنسان، فهذا هو واحد من أكثر الأشياء سخافةً. البشر مختلفون كثيرًا».

الأمر متروك إلى المجتمع العلمي لمناقشة ما إذا كانت النسبة الذهبية في الخط الناصف للجمجمة هي في الحقيقة علامة للتعقيد العصبي.

ولكن بالنظر إلى التباين الكبير بين العظام والفصوص والأوعية والحويصلات، سيكون من الغريب ألا نجد بعض النسب التي تبدو وكأنها ذهبية.

اقرأ أيضًا:

لماذا تبدو النسبة الذهبية موجودة في كل مكان في الطبيعة؟

ما هي النسبة الذهبية وهل هي الرقم الرياضي للجمال

النسبة الذهبية وموقع مدينة مكة ما هي الحقيقة؟

ترجمة: أحمد رجب

تدقيق: رزوق النجار

مراجعة: صهيب الأغبري

المصدر