تُقلِع نحو 10 ملايين رحلة جوية سنويًا من مطارات الولايات المتحدة الأمريكية، ويتطلب هذا العدد الكبير من الرحلات عملًا جماعيًا دقيقًا للغاية من عمال المطارات والشركات المتعاونة معها. من أهم الوظائف في هذا المجال هي مهمة تنظيف الطائرات بعد كل رحلة.

يؤدي عاملو التنظيف مهمتهم في الطائرة بهدوء ومن دون أن يلاحظهم المسافرون، وتكمن أهمية عملهم في جعل الرحلة أكثر راحة للمسافرين الذين يجلسون لساعات طويلة في المقصورات الضيقة، وحمايتهم أيضًا من الأمراض التي تنتقل عبر الهواء ولمس الأسطح الملوثة التي قد تحتوي على جراثيم وفيروسات.

يقول فون جينينغز، المتحدث باسم الخطوط الجوية الأمريكية (Airlines for America): «تعمل شركات الطيران باستمرار بين الرحلات وفي الليل لتأمين مقصورات نظيفة ومريحة للمسافرين».

مثلًا، تنظّف شركة (ABM Aviation) للطيران نحو مليون مقصورة سنويًا، وهو ما يحتاج إلى درجة عالية من التنظيم، نظرًا إلى الوقت القصير لانعطاف الطائرة واستعدادها لرحلة جوية أخرى.

يقول جون ألفورد، المسؤول عن مظهر الطائرات الداخلي في هذه الشركة: «نعطي اهتمامًا بالغًا لتطهير أماكن تحضير الطعام، وتنظيف المراحيض المستخدمة وأماكن تناول الطعام والطاولات والمظهر الإجمالي للطائرة».

تستخدم شركات التنظيف مؤخرًا برمجيات متطورة وأجهزة لاسلكية لمعرفة موعد هبوط الطائرات بدقة وتحديد المناطق التي تحتاج إلى تنظيف في مقصورات الطائرة، فترسل الشركة بناء على ذلك العدد المطلوب من العاملين لتولي المهمة.

مثلًا، يستخدم قادة فرق التنظيف في شركة ABM أجهزة محمولة باليد لتحديد خصائص الطائرة القادمة.

يقول ألفورد: «تسمح لنا تقنياتنا بالنظر بدقة في تفاصيل عملية تحديد القوى العاملة في الوقت المناسب؛ ما يساعدنا على إرسال الموظفين في موعد وصول الطائرة».

يوجد عوامل كثيرة تدخل في تحديد مدى صعوبة تنظيف طائرة ما، مثل الوقت ونوع الرحلة محلية أو دولية

صرّح ألفورد أيضًا في مقابلة مع بي بي سي: «تعود الرحلات القصيرة أو المحلية عادة إلى الإقلاع بسرعة، لذلك يوجد القليل من الوقت لتنظيف هذه الطائرات مقارنة مع تلك التي تذهب في رحلات دولية».

يشكل هذا التفاوت في المواعيد عقبة في تنظيم عمل شركات الطيران والتنظيف على حد سواء.

لمواجهة هذه الصعوبات، وضعت شركة ABM تعليمات لثلاثة طرائق تنظيف مختلفة:

أولًا، تنظيف الانعطاف؛ أي الإجراءات المتخذة عندما تدور الطائرة وتعود إلى السماء بسرعة. يُركّز فيها على تنظيف مطبخ الطائرة والمراحيض، وإزالة القمامة من الممرات وبين المقاعد.

ثانيًا، تنظيف المبيت؛ أي عندما تبيت الطائرة ليلًا لمدة 8-10 ساعات بعد خوضها جميع الرحلات في اليوم. يعمل الموظفون في هذا النوع بعناية أكبر ويركزون على مناطق جلوس المسافرين وبين المقاعد، مع العمل على تنظيف المطبخ والمراحيض أيضًا.

ثالثًا، التنظيف العميق؛ أي التنظيف العميق لجميع جوانب المقصورات الداخلية، إذ يزيل العاملون المقاعد والسطوح الأخرى لكشف المناطق التي يصعب الوصول إليها في التنظيف العادي، وينظفون الغرف ومناطق التخزين. قد تستعمل بعض الشركات أجهزة مخصصة للتنظيف العميق.

يتفاوت عدد أعضاء الفريق المُرسل لتنظيف طائرة معينة من 5-12 شخصًا، وذلك حسب الطريقة المستخدمة وتعليمات الشركة. كل واحد من هؤلاء يحمل مكنسة كهربائية أو معقمات وله دوره الخاص في العملية.

أصعب طريقة من الطرائق المذكورة سابقًا هي تنظيف الانعطاف؛ وذلك بسبب تفاوت المدة التي يستغرقها المسافرون لمغادرة الطائرة، وتأخر بعض الطائرات عن موعد الهبوط المفترض لها؛ ما يشكل ضغطًا كبيرًا على العاملين، وتُحلّ هذه المشكلة عبر زيادة عدد العمال.

يواجه العاملون في هذه الشركات تحديًا آخرَ وهو التعامل مع المفقودات. إذ يسجّل العاملون جميع المواد المفقودة ومحتويات هذه المواد إذا لزم الأمر، ثم يلتقطون صورًا لهذه الأغراض ويسلمون ملكيتها إلى شركة الطيران الشريكة. وهذا ما يحدث يوميًا.

يُذكر أن شركات الطيران قد اتخذت إجراءات سلامة إضافية منذ بداية جائحة فايروس كورونا حتى الآن. مثلًا، تتفقّد شركة دلتا للطيران 19 إجراء سلامة قبل أن تسمح للمسافرين بالصعود إلى الطائرة.

اقرأ أيضًا:

ما هو أسوأ مقعد على الطائرة؟

إلى أي مدى يمكن للطائرة التحليق إذا تعطّلت محركاتها؟

ترجمة: نوار الشيخ

تدقيق: نايا كركور

مراجعة: عبد المنعم الحسين

المصدر