تهانينا، لقد نجوت مرّتين من أشدّ الأشهر المسجّلة حرارةً


قامت ناسا بتحليل مستويات الحرارة المُسجَّلة في أغسطس/آب 2016، وأعلنت بأنَّه لم يكن شهر أغسطس/آب الأكثر حرارة الذي تمَّ تسجيله حتى الآن فحسب، بل هو مُتلازم مع يوليو/تموز 2016 كأكثر الأشهر حرارة التي تمَّ تسجيلها حتى الآن منذ أن بدأت تسجيلات الأرصاد الجويَّة عام ١٨٨٠.

لذا، أحسنتم أيها البشر، لقد صمدنا بما يبدو أنَّهما أكثر شهرين حرارة في تاريخ البشريَّة.

وإن كنت تشعر بأنك سمعت هذا سابقًا فأنت لست بمخطئ. فالشهر الماضي تمَّ إعلان يوليو/تموز 2016 الشهر الأكثر حرارة على الإطلاق بـفارق 0.84 درجة مئويَّة أكثر من المعدل العالمي لارتفاع الحرارة بين عامي 1950 و1980.

وحصل أيضًا أنَّ كان يوليو/تموز 2016 عاشر شهر متتالي يكسر الرقم القياسي في ارتفاع درجة حرارته على الكوكب، فكان يونيو/حزيران 2016 كأعلى أشهر يونيو/حزيران حرارة من التي تم تسجيلها، وهكذا ورجوعًا لشهر تشرين الثاني 2015، وفقًا لـ ناسا.

وتستخدم الإدارة الوطنيَّة للطقس والمحيطات في الولايات المُتَّحدة «National Oceanic and Atmospheric Administration NOAA» قياسات مختلفة قليلًا لمعرفة معدلات الحرارة العالميَّة، وقامت قبل شهر يوليو/تموز 2016 بتسجيل 14 شهرًا متتاليًا حطَّم رقمًا قياسيًا. فبحسب تسجيلات «NOAA» بدأ هذا الارتفاع منذ مايو/أيار 2015.

ويقول (كريس فيلد- Chris Field) عالِم المناخ في مؤسسة كارينجي وجامعة ستانفورد: «الأمر المخيف هو أنَّنا نتجه نحو عصر سيكون فيه أمرًا مفاجئًا إن لم يكن كُلُّ شهر أو سنة جديدة الأشد حرارة على الإطلاق». ويبدو أن كلامه صحيح، فقد أتى شهر أغسطس/آب ورحل وكان الأشد حرارة بعد إحدى عشر شهرًا متتاليًا.

والفرق هنا أنَّنا عندما نتكلم عن يوليو/تموز 2016، فالرقم القياسي السابق لأشد الشهور حرارة كان يوليو/تموز 2015 ويوليو/تموز 2011. وهذه المرة، لم يكن الرقم القياسي سابقًا بسنة أو بخمس سنوات، بل كان شهرًا واحدًا فقط!!

ووفقًا لناسا: «بالرغم من أنَّ دورة الحرارة الفصليَّة تصل لذروتها في شهر يوليو/تموز، إلَّا أنَّ شهر أغسطس/آب 2016 كان الشهر الأشد حرارة على الإطلاق بعد يوليو/تموز 2016، وبنسبة 0.16 درجة مئويَّة أعلى من أكثر شهور أغسطس/آب السابقة حرارة في 2014.

إنَّ أكثر ما يُقلق حول هذا كله، أنَّنا شهِدنا أشد شهرين متتالين حرارةً وهو عكس ما كان يتوقَّعه الخبراء من انخفاض لدرجات الحرارة في شهر أغسطس/آب.

وأشارت (آندريا تومسون- Andrea Thompson) لـ «The Guardian»، لقد كان متوقعًا بأن يكون شهر يوليو/تموز 2016 آخر شهر حار يُسجِّل في السنة رقمًا قياسيًا نظرًا لانحسار «El Nino» (وهي دورة مناخيَّة في المحيط الهادئ)، وما يُصاحبها من حرارة في وسط وشرق مياه المحيط الهادئ الاستوائيَّة.

كما وتنوِّه ناسا إلى أهمية النظر إلى هذه الأرقام القياسيَّة في سياقها، لأنَّ شهرًا واحدًا أو اثنين أو حتى إحدى عشر شهرًا حارًا متتاليًا لا يُعطينا حتى كمية كافية من المعلومات لنبدأ بوضع افتراضات عن التوجهات العالميَّة لكوكب عمره 4.5 مليار عام، وكذلك التوجهات التي تستمر على المدى الطويل تحمل إلى حد كبير نفس الرسالة.

وبحسب (غايفن شميدت- Gavin Schmidt)، مدير معهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لناسا «NASA’s Goddard Institute of Space Studies»: «إنَّ الأمر لا يعني الكثير حتى لو كانت سنة كاملة أشد حرارة من أي سنة سابقة بـ 0.1 درجة مئويَّة، فالقضية الأساسيَّة هي أن الإحصاء الطويل الأمد يُظهر أنَّ الكوكب هو أكثر حرارةً بدرجة مئويَّة كاملة مما كان عليه في القرن التاسع عشر. وهذا الأمر له أثر كبير على الجليد القطبي والزراعة وتعرية الشواطئ وسلامة المياه. وإن كان لديك أصدقاء ما زالوا غير مُصدقين بأنَّ شيئًا سيئًا مرتبط بالنشاط الإنساني يحدث لأنَّ المناخ كان يتغير خلال 4.5 مليار سنة من تاريخ الأرض، فهذا رسم بياني من « xkcd» يوضِّح الحقيقة.

الرسم البياني

«وخلاصة القول هي أنَّ أكثر الشهور حرارة على الاطلاق لا يمكن أن يُعطي الصورة الكاملة، لكنه ما زال يعكس حقيقة أكبر ومقلقة أكثر، وهي أنَّ الأرض لم تشهد احتباسًا حراريًا كهذا من قبل، ولا زلنا حتى الآن نقوم بعمل سيء جدًا لتخفيفه».
وأضاف شميدت: «نحب الأعياد السنويَّة والأرقام القياسيَّة، ولكن التغير في العالم يحصل بينما نحن نتكلم، وهذه هي الحقيقة الأساسية».


إعداد: لمى عنداني
تدقيق: هبة فارس
المصدر