في الرابع عشر من سبتمبر الماضي قام مرصد الموجات الثقالية المعروف إختصارًا بإسم لايجو LIGO برصد موجات ثقالية ناتجة عن اندماج ثقبين أسودين بكتل تقدر بـ 29 وحتى 36 مرة أكبر من كتلة الشمس، من المفترض لمثل هذا الحدث أن يكون مظلمًا غير مرئيًا، ولكن تلسكوب (مرصد) فيرمي Fermi استطاع رصد انفجار لأشعة جاما بعد التقاط الإشارة الخاصة بمرصد ليجو بأجزاء من الثانية، وتقترح دراسة جديدة أن الثقبين الأسودين قد ولدا داخل نجم واحد ضخم والذي أثناء موته استطاع توليد دفقة من أشعة جاما.

عادةً عندما يصل نجم ضخم إلى نهاية حياته، فإن نواته الداخلية تنكمش إلى ثقب أسود واحد، ولكن لو كان هذا النجم يدور حول نفسه بسرعة كبيرة فإن نواته تنكمش إلى شكل أقرب لثمرة الفول السوداني قبل انفصالها إلى كتلتين تكون كل منهما ثقب أسود منفصل عن الآخر. مثل تلك النجوم الضخمة عادةً ما تتكون نتيجة اندماج نجمين أصغر حجمًا، ولأن النجمين عادةً ما يدوران حول بعضهما البعض قبل الاندماج بسرعة كبيرة، بالتالي فإن ذلك يسبب للنجم المتكوّن بأن يدور حول نفسه بسرعة كبيرة.

بعد تكوّن الثقبين الأسودين، فإن الجزء الخارجي من النجم ينكمش نحو الثقبين، ولكي يتسبب الثقبين بطاقة كافية لتكوين الموجات الثقالية وإطلاق أشعة جاما فلا بد من أن الثقبين الأسودين قد وُلِدا قريبين جدًا من بعضهما البعض بمسافة تفصلهما تعادل قطر كوكب الأرض، ومن ثم اندمجا خلال دقائق من ميلادهما، وقام الثقب الأسود الناتج عن الاندماج بالتهام المادة المنكمشة مستهلكًا ما مقداره شمس واحدة كل ثانية، ومطلقًا للخارج كميات كبيرة من نفاثات المادة التي انفجرت خارجًا لتشكل تلك الدفقات.

وقام مرصد فيرمي بكشف ذلك الانفجار بعد رصد الإشارة في مرصد لايجو بـ 0.4 ثانية في نفس المنطقة من السماء، وعلى الرغم من ذلك، لم يؤكد مرصد أشعة جاما الفضائي الأوروبي تلك الإشارة.

ويقول عالم الفيزياء الفضائية من جامعة هارفرد أفي لويب: “حتى وإن كانت كشوفات فيرمي هي عبارة عن إنذار خاطئ، فإن أحداث لايجو المستقبلية يجب أن تتم مراقبتها للكشف عن انبعاثات الضوء المرافقة لهذه الأحداث، وذلك بغض النظر عما إن كانت نتيجة اندماجات لثقوب سوداء، تستطيع الطبيعة مفاجأتنا دائمًا”.

إذا تم رصد المزيد من انفجارات أشعة جاما من أحداث مسببة للموجات الثقالية فإن ذلك سيوفر لنا طريقة واعدة لقياس المسافات الفلكية وقياس معدل تمدد الكون عبر رصد شفق انفجار أشعة جاما وقياس انزياحه الأحمر redshift، ومن ثم مقارنته مع قياسات المسافة المستقلة لمرصد لايجو، حينها يستطيع الفلكيون توثيق الثوابت والعوامل الكونية، فيقول لويب: “إن الثقوب السوداء أبسط من مؤشرات تحديد المسافات الكونية الأخرى، مثل انفجارات المستعرات العظمى Supernovae كونها محددة الكتلة والدوران”.

يمكننا اليوم عبر استخدام أدوات الرصد الكهرومغناطيسية تعميق فهمنا لتلك الإشارات التي يتم التقاطها عبر مرصد لايجو، الأمر الذي يعطينا فهمًا أعمق للكون.


 

المصدر