وفقًا لدراسة جديدة، فقد وجد علماء مؤخرًا ثقب أسود كبير لدرجة استعصاء النظريات على شرحه. اكتشف فريق يقوده صينيون ثقبًا أسود ذا كتلة نجمية، ويبدو أنه أثقل بمقدار 68 مرة من شمسنا؛ ووفقًا للرأي الحالي فهو أكبر بثلاثة أضعاف تقريبًا من أثقل تلك الأجسام.

وقال الباحثون إن الحسابات تشير إلى أن الثقوب السوداء ذات الكتلة النجمية في مجرة درب التبانة تتشكل بعد الردى المحتد للنجوم العملاقة، ويجب أن تصل إلى قيمة حدية تعادل 25 كتلة شمسية فقط. الثقوب السوداء الهائلة والمتوارية في مراكز المجرات أكبر بكثير وتحتوي قطعيًا على ملايين أو مليارات الكتل الشمسية.

إضافةً إلى أن ذلك الثقب الأسود الضخم هو أيضًا قريب نسبيًا من الأرض بالمعنى الكوني؛ فهو على بعد 13800 سنة ضوئية من كوكبنا؛ أي أنه يعادل جزءًا صغيرًا من قطر درب التبانة الذي يقدر بـمئتي ألف (200,000) سنة ضوئية.

تصوّر فني للثقب الأسود العملاق ذو الكتلة النجمية LB1 الذي يجمع الغاز من نجم مصاحب أزرق قريب (حقوق الصورة: © YU Jingchuan, Beijing Planetarium, 2019)

تصوّر فني للثقب الأسود العملاق ذو الكتلة النجمية LB1 الذي يجمع الغاز من نجم مصاحب أزرق قريب (حقوق الصورة: © YU Jingchuan, Beijing Planetarium, 2019)

قال الكاتب الرئيسي جيفنغ ليو Jifeng Liu وهو نائب المدير العام للمرصد الفلكي الوطني للصين National Astronomical Observatories of China في الأكاديمية الصينية للعلوم Chinese Academy of Sciences في تصريح: «لا ينبغي أن توجد حتى ثقوب سوداء بهذه الكتلة في مجرتنا وفقًا لمعظم النماذج الحالية للتطور النجمي».

وأضاف ليو: «اعتقدنا أن النجوم الهائلة للغاية ذات التركيب الكيميائي القياسي في مجرتنا يجب أن تتخلص من معظم غازها بشكل رياح نجمية قوية؛ عندما تقترب من نهاية دورة حياتها. لذلك، يجب ألا تترك وراءها مثل هذه الدمنة الضخمة. في الوقت الحاضر، سيتعين على العلماء النظريين مواجهة التحدي المتمثل في شرح تشكل ذلك الثقب الأسود».

اكتشف فريق ليو الثقب الأسود باستخدام عمليات رصد الجاذبية من تلسكوب الألياف الضوئية الطيفي متعدد الأجسام Large Sky Area Multi-Object Fiber Spectroscopic Telescope LAMOST في الصين.

يعثر هذا التلسكوب على معظم الثقوب السوداء من خلال نشاطها الملحوظ بالأشعة السينية أو أشعة جاما؛ والتي تنبعث بينما تلتهم الثقوب السوداء الغاز والغبار القريبين.

سعى فريق ليو إلى البحث عن النجوم التي تدور حول الثقوب السوداء غير النشطة؛ والتي لا تظهر إلا من خلال شد جاذبيتها. اكتشفوا نجمًا يدعى LB-1، وتعادل كتلته ثمانية أضعاف كتلة الشمس، ويبدو أنه في مدار حول ثقب أسود كل 79 يومًا، على الرغم من أن ذلك الثقب الأسود غير مرئي. دعم العلماء رصدهم بواسطة بيانات من تلسكوبين آخرين.

وأضاف ممثلو الأكاديمية ضمن التصريح ذاته: « يتناسب اكتشاف LB-1 بشكل جيد مع تقدم علمي آخر في الفيزياء الفلكية. ففي الآونة الأخيرة، بدأ مرصد موجات الجاذبية للتداخل بالليزر Laser Interferometer Gravitational-Wave Observatory LIGO ومرصد فيرجو Virgo لموجات الجاذبية بالتقاط تموجات الزمكان التي تسببها تصادمات الثقوب السوداء في المجرات البعيدة. ومن المثير للاهتمام أن الثقوب السوداء المعنية بمثل هذه التصادمات هي أيضًا أكبر كثيرًا مما كان يعتبر قياسيًا سابقًا».

وفقًا لمجلة Science News يعترف الباحثون ببعض التحفظات فيما يخص هذه الدراسة. على سبيل المثال، تعتمد كتلة أي ثقب أسود على المسافة المحسوبة.

أشارت معطيات تلسكوب غايا Gaia الفضائي في أوروبا، والذي يقيس بدقة تحركات مليار نجم، أن المسافة إلى هذا الثقب الأسود قد تكون حوالي 7000 سنة ضوئية فقط، أو ما يقرب من نصف المسافة التي حسبها الفريق الصيني. إذا كان هذا صحيحًا، فإن كتلة الثقب الأسود ستعادل 10 أضعاف كتلة الشمس فقط.

أما بعد، أشار الفريق الذي يقوده صينيون أنه إذا كان LB-1 أقرب، فسيكون أقل لمعانًا وأقل كتلة ولا يمكن تفسير درجة حرارته المرصودة بدرجة أقل من اللمعان. وأشارت مجلة Science News إلى أن التناقض مع بيانات غايا يمكن تفسيره إذا كان النجم يتذبذب بشكل مفرط حول الثقب الأسود.

اقرأ أيضًا:

ربما تقترب ملايين الثقوب السوداء بسرعة كبيرة من درب التبانة

كيف يمكن الهروب من جاذبية الثقب الأسود ؟

ترجمة: رولان جعفر

تدقيق: حسام التهامي

المصدر