حتى العام 1900، كانت معظم الأعمال في أمريكا تتعلق بالزراعة، وذلك لإنتاج ما يكفي من الغذاء لإطعام أمة ذات تعداد سكاني أقل بكثير من غيرها. الآن، أقل من 2 في المئة من الأميركيين يعملون في المزارع، لأن التكنولوجيا قد أحدثت ثورة في القطاع الزراعي وأصبح أكثر أتمتة (أداء الأعمال بالاعتماد على الآلات).

ينطبق الأمر نفسه على الكثير من القطاعات الأخرى في هذه الأيام، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالعمالة اليدوية، حيث وضعت دراسة جديدة هذا الواقع تحت المجهر. ووفقًا لدراسة أجرتها شركة الاستشارات الإدارية ماكينزي (McKinsey) فإن ما يصل إلى ثلث القوة العاملة الأمريكية (73 مليون شخص) قد يفقدون وظائفهم لصالح الآلات بحلول عام 2030.

وإجمالًا، فإن ما يصل إلى 800 مليون شخص من أنحاء العالم سوف يجد نفسه بلا عمل بسبب التقدم المحرَز في مجال الروبوتات. وإن أغنى الدول في العالم هي الأكثر عرضة للخطر هنا.

سوف تتمكّن معظم البلدان المتضرِّرة من الاستعاضة عن الوظائف التي فُقدت مع الأخذ بعين الاعتبار الجهد المبذول. وسوف يحتاج ما لا يقل عن 375 مليون من المتضررين – أي نحو 14 في المئة من القوى العاملة في العالم – إلى البحث عن عمل في قطاعات أخرى تمامًا.

يشير الباحثون إلى أن البطالة ليست مصدر القلق الوحيد هنا. أولئك المحظوظون بما فيه الكفاية الذين ما زالوا يعملون سوف يضطرّون إلى التكيّف والتطوّر للتأكد من أنهم ما زالوا فعالّين عمليًا جنبًا إلى جنب مع الآلات التي تزداد كفاءتها بوتيرة سريعة.

يقول التقرير: “يتطلّب بعض هذا التكيّف تحقيق مستوىً تعليمي أعلى، أو قضاء المزيد من الوقت في الأنشطة التي تتطلب مهارات اجتماعية وعاطفية، وإبداع، وقدرات معرفية رفيعة المستوى، ومهارات أخرى يصعب على الآلات القيام بها”.

هذه الدراسة، إن وجدت، فإنها تشير إلى حتميّة التقدم المجتمعي.

كلما تطوّر العلم والتكنولوجيا، أصبحا أكثر توفّرًا وإتاحة مع تغيّر الطريقة التي يمضي بها المجتمع. مجرد نظرة سريعة على تاريخ الطب، والفيزياء، والهندسة سوف تظهر بوضوح أنه، لو لم تحصل كارثة مستقبلًا، فإننا نسير نحو المستقبل حتى لو كان ذلك بوتيرة مختلفة.

يوضح واضعو الدراسة أن انتشار الأتمتة سوف “يولّد فوائد كبيرة للمستخدمين والشركات والاقتصادات ورفع الإنتاجية والنمو الاقتصادي مع خلق مهن جديدة لا وجود لها اليوم، كما فعلت التكنولوجيا سابقًا.

ليس هناك ما يمكن فعله لمكافحة هذا التغيير الإيجابي، إلا أن البحث يشير إلى أن هذه المسألة الخلافية تحتاج إلى إعادة نظر وفي الحال.

وبنفس الطريقة التي ينال فيها أولئك الذين يعملون في صناعة الفحم التدريبَ على العمل في مجال الطاقة النظيفة، ينبغي تدريب أولئك الذين يفقدون وظائفهم على الآلات لكي يكونوا مسؤولين عن التشغيل الآلي إلى حد ما – أو على الأقل إعطاؤهم فرصة لائقة لتغيير وظائفهم.

وفي كلا الحالتين فإنهم سوف يحتاجون إلى المساعدة في هذا الموضوع والذي يعد هو بالأساس مشكلة.

ينجم عن البطالة استياء شديد، وغالبًا ما يتم توجيهها والتلاعب بها، فإذا لم ينل هذا الموضوع المزيد من الاهتمام فإننا سنشهد مستقبلًا ينذر بالغضب
والامتعاض.


  • ترجمة: مصطفى المالكي
  • تدقيق: رزان حميدة
  • المحرر: عامر السبيعي
  • المصدر