ضربت صخرة كبيرة تائهة العملاق الغازي الكبير، وهذا بحد ذاته ليس شيئًا غريبًا بالنسبة لكوكب المشتري. في الواقع، الشيء غير العادي هو أن شخصًا ما كان يشاهد ويصور في الوقت المناسب تمامًا.

التقط مراقبو السماء حول العالم ذلك الانفجار في الغلاف الجوي العلوي للكوكب، فقد سجل علماء الفلك وميضًا ساطعًا لما يبدو أنه ارتطام بالمشتري في 13 أيلول 2021، في الساعة 22:39 حسب التوقيت العالمي. وهم هارالد باليسكي من ألمانيا، الذي كان يسجل ظل آيو في أثناء مروره أمام كوكب الأرض، وخوسيه لويس بيريرا من البرازيل. وتمكن آخرون (سيمون غاليلي في إيطاليا، وجان بول أرنولد وميشيل جاكيسون في فرنسا، وكل من تيبوت همبرت وستيفان باريه وألكسيس ديسموغين وديدييه واليانغ من جمعية لورين للفلك في فرنسا) من تصوير التأثير.

هذا هو الحدث الثامن من الارتطام الذي لوحظ على كوكب المشتري، منذ ارتطام المذنب Shoemaker-Levy 9 في عام 1994، الذي تفكك بسبب قوى المد والجزر للمشتري منتجًا سلسلة من التأثيرات.

وقع هذا الحدث على الجانب البعيد من الكوكب، لكن تلسكوبًا يبلغ طوله 2.2 م في هاواي صوّر الإشارات الحرارية لمواقع التصادم هذه في أثناء دورانها في المدار، والتقط هابل اللطخات الداكنة التي خلفتها الغيوم، تُعرف هذه اللطخات الداكنة باسم الندبة.

لم يُعرف بالتحديد عدد المرات التي اصطدم فيها المشتري بشيء كبير أو سريع بما يكفي لإحداث وميض تصادم مرئي من الأرض، ولكن يُعتقد أنها كثيرة إلى حد ما، وتُقدر بنحو 20 إلى 60 مرة في السنة.

يملك كوكب المشتري الكبير مجال جاذبية ضخم، ما يسرع النيازك لتوليد أحداث أكثر نشاطًا بكثير مما نشهده على الأرض. ولكن لا نرى هذه التصادمات كثيرًا كما هو متوقع لأسباب متعددة، إذ كان آخر التقاط لحدث اصطدام على كوكب المشتري منذ أكثر من عامين.

قال عالم الفلك جونتي هورنر -من جامعة جنوب كوينزلاند في أستراليا- معلقًا على هذا الحدث: «إنه حدث عابر للغاية، لم يستغرق سوى بضع ثوانٍ». وأضاف: «لن يكون هذا الحدث واضحًا جدًا، إذا كنت تنظر بعدسة تلسكوب؛ تمر هذه الأشياء دون ملاحظة في كثير من الأوقات، فنصف هذه الأحداث يحدث على الجانب البعيد من الكوكب، لذلك هناك الكثير من الأشياء التي تمنع الرؤية».

ومع ذلك، فإن معدل اكتشافها يتزايد، وهذا أمر مبشر، إذ إنه مهم جدًا لعلماء الفلك الذين يدرسون دور المشتري -كمكنسة كهربائية كونية- في حماية الأرض من الصخور التي ربما كانت ستسلك الطريق إلينا. فيما تشير بعض التحليلات إلى أن هذا مبالغ فيه. ولكن، في كلتا الحالتين، قد يساعدنا الفهم الدقيق على وضع نموذج لفرص الحياة في الأنظمة الكوكبية الأخرى التي تملك أو لا تملك عمالقة غاز شبيهة بالمشتري.

تبين أن الجسم الذي ضرب كوكب المشتري في عام 2019 يتراوح قطره بين 12-16 مترًا، وتبلغ كتلته نحو 450 طنًا، وهو مكون من الحديد الصخري.

لكي نعرف المزيد عن هذا الحدث، ينبغي لنا انتظار تحليل متعمق للوميض، ومتابعة الملاحظات اللاحقة الباحثة عن الندبة. والمبشّر هو تطور الأدوات المستعملة لدى علماء الفلك، لذا فلنتابع بحماس.

اقرأ أيضًا:

هل تستطيع سفن الفضاء اختراق عملاق غازي مثل المشتري؟

حل لغز الشفق القطبي المستمر في كوكب المشتري بعد 40 عامًا

ترجمة: عمرو أحمد حمدان

تدقيق: تسنيم الطيبي

مراجعة: حسين جرود

المصدر