التقطت طائرة أبحاث فوق جزر أليوتيان في 3 أغسطس 2016 بقعة واحدة من اليورانيوم المخصب تحوم فوق حوالي 4.3 أميال (7 كيلومترات) من جزر آلاسكا الغربية، حسب ورقة بحث نُشرت مؤخرًا.

كانت عينة اليورانيوم ضئيلة وغير ضارة، جزء صغير من الغبار لا يفوق حجمه الـ 580 نانومتر (حوالي نصف حجم خلية دم حمراء).

وكانت بمفردها بشكلٍ كامل؛ لا مواد مشعة ظهرت أيضًا في تلك البقعة من السماء.

لكن، وحسب الباحثين “لم تكن أبدًا هناك لأسباب طبيعية”.

ولم يتمكن العلماء من تفسير وصولها إلى ذلك المكان.

تحمل الطائرة على متنها مطيافًا للكتلة، تم جلبه لتحليل التلوث، حيث التقط جسيمًا وحيدًا من اليورانيوم، ممزوجًا بآثار لمواد كيميائية من حرق الوقود، يقول أصحاب البحث. بمفرده، لن يكون ذلك مثيرًا للاهتمام حقًا ــ اليورانيوم هو أكثر العناصر الثقيلة وفرة على الأرض.

الشيء الذي يجعل هذا الجسيم استثنائيًا هو كونه غنيًا في نظير يُطلق عليه اسم يورانيوم-235 أو U-235، الذي يشكل حوالي 3.6% من كتلته، حسب ورقة البحث. اليورانيوم الناشىء طبيعيًا يحتوي على 0.7% من نظير الـ U-235 فحسب، مع تشكيل اليورانيوم-238 لبقية الكتلة.

كما يشرح ريشارد رودس (Richard Rhodes) في كتابه “صُنع القنبلة الذرية”، الصادر عن Simon and Schuster في سنة 1987، تتكون ذرة اليورانيوم-235 من 92 بروتون و143 نيوترون، وهذا يجعلها مميزة لسهولة حفاظها على سلسلة تفاعل نووي.

هذه هي عملية تقسيم الذرة، بقذف النيوترونات خارجًا نحو الفراغ، هذه النيوترونات تصطدم بالذرات المجاورة فتتسبب بانقسامها، وهكذا.

أما اليورانيوم-238، مع نيوتروناته الثلاثة الإضافية، فليس لديه تلك القابلية للحفاظ على سلسلة التفاعلات اللازمة في الطاقة النووية، أو الأسلحة النووية.

يكتب رودس كذلك أن تنقية اليورانيوم-235 من بين العينات الطبيعية الكبيرة من اليورانيوم-238 كان من بين أكبر التحديات السابقة أثناء بناء أول قنبلة نووية في القرن العشرين. وتلك العملية لا تزال تُعتبر تحديًا حتى اليوم.

عينة جزر إليوتيان كانت تحمل نسبة عالية نسبيًا من اليورانيوم-235، لقد تمت تنقيتها بشكلٍ كافٍ لاستخدامها في مفاعل نووي، بحسب قَول الباحثين.

(تتطلب القنبلة الحصول على 90% من نظير اليورانيوم-235).

إيجاد عينة من يورانيوم منقَّى في الهواء الطلق هو أمرٌ غريب وجدير بالملاحظة، لكنه ليس بالأمر الخطير إذا كانت بمفردها، بحسب قَول الخبراء.

حيث يقول دان مورفي (Dan Murphy) عالم الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي ومشارك في ورقة البحث : “ليست بالكمية الهامة من النفايات المشعة بمفردها.

لكن ما يتضمنه الإكتشاف أن هنالك مصدر صغير للغاية من اليورانيوم لم نفهمه بعد”.

الجدير بالذكر أن ورقة البحث قد شددت على أن حجم الجسيم صغير للغاية مقارنةً بجسيمات غبار اليورانيوم الصادرة عن المنشآت النووية النموذجية.

من الممكن حسب البحث، أن يكون السبب حريق غابات قد أطلق نوعًا مشابهًا من الجسيمات القديمة من حدثٍ مثل انهيار تشرنوبيل ــ لكن لم يتم ملاحظة أية حوادث مشابهة من قبل.

بعيدًا عن جسيم اليورانيوم ذاته، كانت عينة الهواء الملتقطة من طرف الطائرة طبيعية، حيث وُجدت آثار تلوث لوقود محترق، بحسب قول الباحثين.

بالعودة إلى تيارات الهواء السائدة، يُعتقد مجيء ذلك الجسيم إلى آلاسكا من أماكن في آسيا، بما في ذلك الصين، واليابان والجزيرة الكورية.

أخيرًا، أشار الباحثون إلى أن معرفة كيفية وصول الجسيمات المنفردة في مجال معين من الهواء، هو أمر غير دقيق بشكلٍ كبير، بما يكفي للتيقن من مصدر اليورانيوم الغريب بشكلٍ صارم.


  • إعداد: وليد سايس.
  • تدقيق: حسام التهامي.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر