طريقةٌ جديدةٌ للتصوير الشعاعيّ تكشف أمراضَ اللثّة باستخدام حبر الحبّار


قد يكون حبر الحبّار عنصرًا مهمًّا لتحضير المعكرونة السوداء، ولكن يمكنه أيضّا أن يجعلَ الفحص في عيادة طبيب الأسنان من أجل الكشف عن أمراض اللثّة أقلَّ مللًا وغيرَ مؤلمٍ حتّى. ومن خلال الجمع بين حبر الحبّار مع الضوء والموجات فوق الصوتيّة، ابتكر فريقٌ بقيادة المهندسين في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو طريقةً جديدةً للتصوير الشعاعيّ للأسنان ولفحص لثّة المريض وهي طريقةٌ غيرُ باضعةٍ وأكثرُ شمولًا ودقّةً.

يقول جيسي جوكرست Jesse Jokerst، وهو الأستاذ في الهندسة النانويّة في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، وكاتبٌ أوّلُ للدراسة: «في المرّة الأخيرة التي كنت فيها في عيادة طبيب الأسنان، أدركت أنّ الأدواتِ التي تُستخدم حاليًّا في تصوير الأسنان واللثّة يمكن أن تشهدَ تحديثًا كبيرًا».

إنّ الطريقةَ التقليديّةَ لأطبّاء الأسنان لتقييم صحّة اللثّة هي استخدام أداةٍ تُسمّى مسبارَ اللثّة-Periodontal Probe ؛ وهو أداةٌ معدنيّةٌ رقيقةٌ تشبه الخطّافَ وتكون مدرّجةً مثلَ عصا قياسٍ صغيرةٍ تُدخَل بينَ الأسنان واللثة لمعرفة ما إذا انفصلت اللثة عن الأسنان ومقدار الانفصال، وما إذا تكوّن جيبٌ بين اللثّة والأسنان. وهذه الطريقة لقياس عمق الجيب هي من المعايير الذهبيّة المستخدمة في طبّ الأسنان. يشير عمق الجيب الذي يتراوح بينَ 1-2 ملم إلى اللثّة السليمة في حين أنّ عمقَ الجيب الذي يبلغ ثلاثة ميليمتراتٍ أو أكثرَ هو من علامات أمراض اللثّة. وكلّما كان الجيب أعمقَ كانت شدّة المرض – مرض اللثّة- أكبرَ.

ومع ذلك، فإنّ الطريقةَ التقليديّةَ لفحص اللثّة باستخدام مسبار اللثّة هي طريقةٌ باضعةٌ وغيرُ مريحةٍ، وأحيانًا مؤلمةٌ للمريض. ويمكن أن تختلفَ القياسات أيضًا اختلافًا كبيرًا بينَ أطبّاء الأسنان، والمسبار قادرٌ فقط على قياس عمق الجيب من نقطةٍ واحدةٍ في المرّة الواحدة.

وفي ورقةٍ نُشرَت في السابع من أيلول في مجلّة أبحاث الأسنان، قدم جوكرست وفريقُه في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو طريقةً مبتكرةً يمكن أن ترسمَ عمقَ الجيب بأكمله حولَ الأسنان باستمرارٍ ودقّةٍ، دونَ الحاجة إلى أيّ وخزٍ مؤلمٍ.

ويضيف جوكرست : «إنّ استخدامَ مسبار اللثّة هو أمرٌ مشابهٌ لفحص غرفةٍ مظلمةٍ باستخدام مصباحٍ يدويٍّ، يمكنك فقط أن ترى منطقةً واحدةً في وقتٍ واحدٍ. مع طريقتنا، يشبه الأمر التقليبَ على جميع مفاتيح الإضاءة حتّى تتمكّنَ من رؤية الغرفة بأكملها في كلّ مرّةٍ».

تبدأ الطريقة بمضمضة الفم باستخدام معجونٍ مصنوعٍ من حبر الحبّار ومخلوطٍ مع الماء ونشاء الذرَة. تعمل المضمضة بحبر الحبّار كعامل تباينٍ لتقنيّة التصوير المسمّاة «الموجات فوق الصوتيّة الضوئيّة-Photoacoustic Ultrasound». وهذا يتضمّن تسليطَ الضوء – نبضة ليزرٍ قصيرةٌ عادةً – على العيّنة، والتي تسخن وتتوسّع، وتولّد إشارةً صوتيّةً يمكن للباحثين تحليلُها. يقول جوكرست: «الضوء يدخل والصوت يخرج».

يحتوي حبر الحبّار بشكلٍ طبيعيٍّ على جسيماتٍ نانويّةٍ من الميلانين، والتي تمتصُّ الضوءَ. أثناءَ مضمضة الفم، تدخل جسيماتُ الميلانين النانويّة في الجيوب بين الأسنان واللثّة. وعندما يسلِّط الباحثون ضوءَ الليزر على المنطقة، يسخن حبر الحبّار ويتضخّم بسرعةٍ مولّدًا اختلافاتٍ في الضغط في جيوب اللثّة، والتي يمكن الكشف عنها باستخدام الموجات فوق الصوتيّة. تتيح هذه الطريقةُ للباحثين إنشاءَ خريطةٍ كاملةٍ عن عمق الجيوب حولَ كلّ الأسنان، ويعدُّ هذا تحسّنًا كبيرًا عن الطريقة التقليديّة.

اختبر الباحثون طريقةَ التصوير الضوئيّ على نموذجِ خنزيرٍ يحتوي على خليطٍ من الجيوب السطحيّة والعميقة في اللثّة. وكانت نتائجُها مطابقةً بشكلٍ كبيرٍ جدًا للقياسات التي أُخِذت باستخدام مسبار اللثّة، وأيضًا كانت ثابتةً تقريبًا بعد اختباراتٍ متعدّدةٍ. ومن ناحيةٍ أخرى، تختلف القياسات مع مسبار اللثّة بشكلٍ كبيرٍ من اختبارٍ إلى آخرَ.

يقول جوكرست: «إنَّه لمن الرائع أن تُقارنَ هذه التقنيّة مع المعيار الذهبيّ».

ومن أجل المضيّ قُدمًا، سيتعاون الفريق مع أطبّاء الأسنان ويختبر هذه الطريقةَ على البشر. ويشمل العمل في المستقبل أيضًا التقليلَ من طعم حبر الحبّار في المضمضة الفمويّة – فهو مالحٌ ومرٌّ بعضَ الشيء – واستبدال الليزر مع أنظمة إضاءةٍ غيرِ مكلفةٍ ومحمولةٍ مثلَ المصابيح (LEDs). والهدف النهائيُّ للفريق هو خلقُ واقعِ حالٍ يستخدم هذه التقنيّةَ لفحص صحّة اللثّة.


  • ترجمة: بشار الجميلي
  • تدقيق: اسماعيل اليازجي
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر