إنّ عنصر الحديد عنصر جاف، صلب ومُصنّف كمعدن في المجموعة الثامنة من الجدول الدوري للعناصر وهو أكثر العناصر وفرةً، كما أنّ شكله النقي يتآكل بسرعة بسبب التعرّض للهواء الرطب والحرارة المرتفعة.

بالإضافة إلى ذلك، فالحديد هو رابع أكثر العناصر شيوعًا في القشرة الأرضية وزنًا، كما يُعتقد أنّ نواة الأرض هي خليط من الحديد. علاوة على كونه موجود في الأرض بشكل شائع فإنّه أيضًا موجود بوفرةٍ في الشمس والنجوم، وهذا وفقًا (لمختبر لوس ألاموس الوطني – Los Alamos National Laboratory).

يُعتبَر الحديد عنصر مصيري من أجل بقاء الكائنات الحيّة، وفقًا (لمختبر جيفرسون – Jefferson Lab). حيث يلعب الحديد دورًا في إنتاج الكلوروفيل، كما أنّه مُكوّن لخضاب الدم الهيموغلوبين – وهو بروتين موجود في الدم ويقوم بحمل الأوكسجين من الرئتين لأنسجة الجسم – في الحيوانات.

وفقًا (للجمعيّة الملكيّة للكيمياء – Royal Society of Chemistry) فإنّ 90 بالمئة من جميع المعادن المصقولة اليوم تتكوّن من الحديد. يُستخدم معظمها في صناعة الفولاذ – وهو خليط من الحديد والكربون – والذّي بدوره يُستخدم في الهندسة الصناعيّة والمدنيّة، لتعزيز الخرسانة مثلًا. كما يُعتبَر الفولاذ المقاوم للصدأ والذّي يحتوي على ما لا يقل عن 10.5 في المئة من الكروم مُقاوم بشدة للتآكل. يُستخدم الفولاذ في أدوات المائدة في المطبخ والأجهزة المنزليّة وتجهيزات المطابخ، مثل: مقالي الفولاذ غير القابلة للصدأ. كما أنّ إضافة العناصر الأخرى للفولاذ بإمكانها أن توفّر له مواصفات أخرى مفيدة، مثلًا: إضافة النيكل تزيد من متانته وتجعله أكثر مقاومةً للحرارة والأحماض، بينما إضافة المنغنيز تجعلهُ أكثر متانةً، وإضافة التنجستن تساعده في الحفاظ على الصلابة عند درجات الحرارة المرتفعة، هذا وفقًا (لمختبر جيفرسون – Jefferson Lab).

حقائق سريعة عن عنصر الحديد

– العدد الذريّ (عدد البروتونات في النواة): 26.

– الرمز الذريّ (على الجدول الدوري للعناصر): Fe.

– الوزن الذريّ (متوسط كتلة الذرة): 55.845.

– الكثافة: 7.874 غرام لكل سنتيمتر مكعب.

– الحالة في درجة حرارة الغرفة: صلب.

– نقطة الانصهار: 2,800.4 درجة فهرنهايت (1,538 درجة مئوية).

– نقطة الغليان: 5,181.8 فهرنهايت (2,861 درجة مئوية).

– عدد النظائر (النظائر هي ذرات من نفس العنصر مع عدد مختلف من النيوترونات): (يشمل عدد النظائر المستقرة): 33 نظير المستقرة: 4.

– النظائر الأكثر شيوعًا: الحديد 56 (الوفرة الطبيعيّة: 91.754 في المئة).

تاريخ وخصائص الحديد

يُقدّر علماء الآثار أنّ البشر استخدموا الحديد لأكثر من 5000 سنة وفقًا (لمختبر جيفرسون – Jefferson Lab). وفي الحقيقة اتضّح أنّ بعضًا من أقدم الحديد المعروف لدى البشر سقط حرفيًا من السماء.

حسب دراسة نُشِرت عام 2013 في مجلة (علوم الآثار – Journal of Archeological Science)، قام الباحثون بفحص خرز حديديّة مصريّة قديمة والتّي يعود تاريخها إلى حوالي 3200 قبل الميلاد، ووجدوا أنّها تكوّنت من نيازك حديديّة. كما ذُكرَ الحديد في العهد القديم من الكتاب المقدس عدّة مرات، وهذا وِفقًا (لمختبر لوس ألاموس الوطني –  Los Alamos National Laboratory).

نحصل على الحديد في الغالب من معدني هِيمَاتيت وأُكْسِيد الحديد المَغناطيسيّ (مغنيتيت). في درجاتٍ أصغر، يمكننا الحصول عليه من معادن التاكونيت ،الليمونيت وخام كربونات الحديد المتبلورة (سيدريت) أيضًا، هذا وِفقًا (لمختبر جيفرسون – Jefferson Lab). يمتلك الحديد أربعة أشكال بلّوريّة مختلفة، أيّ أنّه يمتلك أربعة أشكال هيكليّة ترتبط فيها الذرات بأنماط مختلفة، وفقاً (لمختبر لوس ألاموس الوطني – Los Alamos National Laboratory) وتُسمّى هذه الأشكال الفريّيت (مركبّات حديديّة) وتعرف باسم ألفا (وهي مغناطيسيّة)، بيتا، غاما وأوميغا.

يُعتبَر الحديد عنصرًا غذائيًا مُهمًا في نظامنا الغذائي، حيث أنّ نقص الحديد (والذي يُعتبَر أكثر العناصر الغذائيّة شيوعًا بالنقص) يمكن أن يّسبّب فقر الدم والإعياء ممّا يؤثّر على قدرة قيام البالغين بجهد جسماني. كما يمكنه أن يضعف الذاكرة والوظائف الذهنيّة الأخرى عند المراهقين، وفقًا (لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها – Centers for Disease Control and Prevention). بالإضافة إلى ذلك، وكما يحذّر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإنّ النساء اللواتي يعانين من نقص الحديد أثناء الحمل مُعرّضاتٍ لخطر إنجاب أطفال ضعاف بوقت مبكر.

يوجد نوعان من الحديد الغذائيّ وهما: الحديد الهيمي والحديد غير الهيمي. الحديد الهيمي هو نوع الحديد الذي يتمّ امتصاصه بشكلٍ أسرع، وهو يتواجد في اللحم والسمك والدجاج. بينما يتواجد الحديد غير الهيمي – الذي يتمّ امتصاصه أيضًا ولكنّ بدرجة أقلّ من الحديد الهيمي – في الأطعمة النباتيّة كالسبانخ والكرنب والقرنبيط واللحم، وفقًا (للصليب الأحمر الأمريكي – American Red Cross). يتمتع الأفراد بقدرة امتصاص حوالي 30 بالمئة من الحديد الهيمي، مقارنةً ب 2 إلى 10 بالمئة من الحديد غير الهيمي، كما أنّ الأطعمة الغنيّة بفيتامين (د) كالبندورة والحمضيات يمكنها مساعدة الأفراد على امتصاص الحديد غير الهيمي.

معلومات عامة عن عنصر الحديد

– لون الدم أحمر ينتج عن التفاعل بين الحديد والأكسجين وفقًا (لجامعة كاليفورنيا –  University of California Santa Barbara). حيث يبدو الدم باللون الأحمر نتيجة للطريقة والتّي تقوم فيها الروابط الكيميائيّة بين العنصرين بعكس هذا اللون.

– الحديد الصافي في الواقع ليّن ومرن، وفقًا (لجامعة دنفر – University of Denver).

– اكتشف الباحثون عام 2007 مجموعةً ضخمةً من المياه الغنيّة بالحديد، والتّي تنبع من الفتحات الحراريّة المائيّة في جنوب المحيط الأطلسي.

– الحديد ضروري لنمو العوالق النباتيّة (وهي بكتريا مائية تستهلك ثاني أوكسيد الكربون من الغلاف الجوي لتحفّز عمليّة التركيب الضوئي). لذلك، نشب جدال بين الباحثين حول فكرة القيام بتسميد المحيطات بكميّة إضافيّة من الحديد، ممّا قد يساعد في عمليّة امتصاص ثاني أوكسيد الكربون الزائد. ولكنّ وجدت دراسة والتّي تمّ نشرها على الإنترنت في تشرين الثاني 2010 على موقع (وقائع الأكاديميّة الوطنيّة للعلوم – Proceedings of the National Academy of Sciences) أنّ هذه الفكرة تُعتبَر غير صائبة وذلك يعود لإحتماليّة حثّ هذا الحديد الإضافي في الواقع لنمو الطحالب المنتجة للسموم والتّي ستُساهم في تلوّث الحياة البحريّة.

– حوالي 90 بالمئة من جميع المعادن المصقولة اليوم تتكوّن من الحديد، وفقًا (للجمعية الملكيّة للكيمياء – the Royal Society of Chemistry).

– يُعتبَر الحديد مكوّنًا أساسيًا في صنف من النيازك والتّي تُدعى (النيازك الحديديّة – Siderites)، وفقًا (لمختبر لوس ألاموس الوطني – Los Alamos National Laboratory).

– لايزال هناك عمود حديديّ يعود تاريخه إلى حوالي 400 عام، والقائم في مدينة دلهي في الهند، وفقًا (لمختبر لوس ألاموس الوطني – Los Alamos National Laboratory). يبلغ ارتفاع العمود حوالي 23.75 قدمًا (7.25 مترًا) ويبلغ قطره 15.75 بوصة (40 سم). على الرغم من تعرّضه للأحوال الجويّة فإنّ العمود لم يتآكل كثيرًا بسبب تركيبته الفريدة من المعادن.

– بعض الأمثلة على أطعمة غنية بالحديد: لحم البقر، الديك الرومي، الدجاج ولحم الخنزير. أمثلة من المأكولات البحريّة: الجمبري، المحار والتونة. ومن الخضروات: السبانخ، البازلاء، القرنبيط، البطاطا الحلوة والفاصولياء الخضراء. ومن الخبز والحبوب: حبوب النخالة، خبز القمح الكامل، الأرز المُدعّم وأطعمة أخرى مثل الفول، العدس، معجون الطماطم (دبس البندورة)، التوفو(من الصويا) ودبس السكّر، هذا وفقًا (للصليب الأحمر الأمريكي – American Red Cross).

– إنّ المُسبِب للّون الأحمر لسطح المريخ هو الكميّة الكبيرة لأوكسيد الحديد (الصدأ) على سطحه، وفقًا لموقع “Nature”. حيث يحتوي المريخ على أكسيد الحديد في الصدأ أكثر بمرتين من الأرض.

– تتكوّن الطبقات الداخليّة الصلبة والخارجيّة السائلة لنواة الأرض بشكل أساسيّ من الحديد (تقريباً 85 بالمئة و80 بالمئة وزنًا، على التوالي). كما أنّ التيار الكهربائيّ المتكوّن من الحديد السائل يخلق حقلًا مغناطيسيًا والذي يحمي الأرض، وفقًا لناسا. كما يتواجد الحديد في جوف جميع كواكب النظام الشمسيّ.

– الحديد هو أثقل العناصر التي تُشكّل نويّات النجوم وفقًا لموقع “JPL”. وبإمكان العناصر الأثقل من الحديد أن تتشكّل فقط عند انفجار النجوم ذات الكتلة الكبيرة (المستعر الأعظم).

– الاسم اللاتيني للحديد هو “Ferrum” وهو مصدر الرمز الذريّ للحديد في قائمة العناصر “Fe”.

– مصدر كلمة الحديد يأتي من (الانجلو ساكسوني – Anglo-Saxon) – وهم قبائل جرمانيّة غزت واستوطنت بريطانيا – وهي “iren”. يمكن أن تكون كلمة الحديد مُشتقّة من الكلمات الأولى والتّي تعني “المعدن المُقدّس” لأنّه كان يُستخدم في صناعة السيوف المُستخدمة في الحملات الصليبيّة، وفقًا لموقع “WebElements”.

الأبحاث الحاليّة حول عنصر الحديد

لقد اعتُبِرَ الحديد موضوع بحث لعددٍ هائلٍ من الدراسات الطبيّة والتّي أظهر بعضها إمكانيّة ربط المستويات المرتفعة من الحديد في الدم في الحقيقة، لخطر إصابة متزايد بمشاكل القلب والأوعية الدمويّة. وصرّحت جوديث ويلي روزيت وهي أستاذة في قسم علم الأوبئة والصحة السكانيّة وقسم الطب في كلية ألبرت أينشتاين للطب في (جامعة يشيفا – Yeshiva University) في نيويورك: «هناك بعض الأبحاث التّي تُشير إلى أنّ الأفراد صاحبي فيرِّيتين أكثر لديهم في جهاز النقل، ومؤشرات أعلى من الحديد في الجسد قد يكونوا مُعرّضين لخطر إصابة أكبر بالنسبة لبعض أمراض القلب والأوعية الدمويّة». كما صرّح “Wylie-Rosett” ل “Live Science” : «إنّه من غير الواضح إذا ما كان ذلك يُسبّب خطرًا أو أنّه علامة حيوية لشيءٍ آخر يحدث».

(الفيرِّيتين: نوع من البروتينات يُخزَّن في الدم، واختبار الفيرِّيتين يقيس كمية الحديد في دمك).

وفي دراسة شارك فيها أكثر من 1900 فنلندي بين عمر 42 و 60 سنة ونُشرت عام 1992 في مجلة “Circulation” وجد الباحثون رابطًا بين المستويات المرتفعة للحديد وخطر الإصابة المتزايد بالذبحة القلبيّة. وفي دراسة أحدث نُشرت على الإنترنت في كانون الثاني عام 2014 في مجلة “Journal of Nutrition” وجد الباحثون أنّ الحديد الهيمي الموجود في اللحم يرفع نسبة خطر الإصابة بأمراض القلب التاجيّة بنسبة 57 بالمئة، ولكنّ هذه العلاقة لم تكن موجودة بين الحديد غير الهيمي وأمراض القلب التاجيّة.

وبشكل مثيرر قام الباحث السابق بربط تراكم الحديد في الدماغ بمرض ألزهايمر. حيث وجد الباحثون في الدراسة المنشورة في آب عام 2013 في مجلة أنّ كمّية الحديد في الحُصَين – وهو منطقة من الدماغ لها علاقة بتشكيل الذكريات – كانت مرتفعة وارتبطت بضرر النسيج في منطقة الحُصَين عند الأشخاص المصابين بألزهايمر، لكنّها بالمقابل لم تكن موجودة عند كبار السنّ الأصحّاء.

وصرّح الدكتور جورج برتزوكيس أستاذ الطب النفسي في معهد (سيمل – Semel)  لعلم الأعصاب والسلوك البشريّ في جامعة كاليفورنيا في بيان: «إنّ تجمّع الحديد في الدماغ يمكن أن يتأثر بتغيير العوامل البيئيّة مثل كمية اللحم الأحمر ومكمّلات الحديد الغذائيّة التّي نتناولها، بالإضافة لعامل آخر عند النساء وهو استئصال الرّحم قبل انقطاع الطمث».

لقد تمّ أيضًا ربط نقص الحديد مع الاكتئاب حسب دراسة منشورة في مجلة “Journal of Psychiatric Research” عام 2017 من قِبَل مجموعة من الباحثين الأستراليين والذين حاولوا أن يجدوا رابطًا بين مستويات الحديد الوراثيّة وبين الاكتئاب، خاصةً عند المراهقين. كما وجدت الدراسة أنّه وعلى الرغم من وجود رابط بين مستويات الحديد في مجرى الدم وبين حجم الاكتئاب، فإنّه لا يوجد دليل على العلاقة الوراثيّة بين الاثنين.

كما استخدم الباحثون البيانات المتوفرة من دراسات التوائم وبحثوا في مجموعة من العوامل عند مقارنتهم للتوائم المراهقين بالتوائم البالغين منهم. من المرجّح بشكل كبير ملاحظة العلاقة بين مستويات الحديد والاكتئاب خلال الأوقات التّي يحتاج فيها الجسد كميات أعلى من الحديد، كفترات تدفق النمو.

بالإضافة إلى ذلك، وصف مجموعة من الباحثين الإيرانيين في مقالة نُشرت في (المجلة الأوروبية للتغذية – European Journal of Nutrition) عام 2017 دراسة والتّي تمّ  فيها منح الأمهات حديثات الولادة – وغير المصابات بفقر الدم بل باكتئاب مابعد الولادة (PPD) – مُكمّلات الحديد.

بعد أسبوع فقط من الولادة، بدأت مجموعة مكوّنة من 70 امرأة بتجربة التعمية المزدوجة – وهي التَجْرِبَة التي يتمّ إخفاء أهدافها عن المشاركين خشية تأثير هذه المعلومات وحدوث خطأ مقصود – وقورِنَت أعراض اكتئاب ما بعد الولادة بعد ستة أشهر. وكانت النتيجة أنّ المجموعة التّي تناولت مُكملات الحديد واجهت تقدُّم أعراض اكتئاب ما بعد الولادة بشكل أفضل من مواجهة المجموعة الأخرى لها بصورة ملحوظة، والتّي تناولت دواءً وهميًا.

المصدر

تدقيق آية فحماوي