استُخدمت العضيات المنتجة للخلايا البائية لفحص اللقاح المرشح لاستخدامه ضد التولاريميا، المعروفة أيضًا باسم «حمى الأرانب»، يُعد هذا العمل خطوة أولى نحو استبدال تطبيق اللقاحات على حيوانات الاختبار قبل التجارب السريرية.

مع أن الأسباب التي يذكرها الرافضون لتلقي اللقاحات أكثرها غير عقلاني، فإن بعضها يُعد مبررًا. مثلًا فإن النباتيين الملتزمين بدقة بمبادئهم قد يترددون في أخذ أي شيء اختُبر على الحيوانات. وحتى غير النباتيين يظلون غير شاعرين براحة تجاه المعاناة التي يتعرض لها حيوانات الاختبار.

لن ينفي التطور الجديد الذي يتضمن العُضيَّات الحاجة إلى إجراء الاختبارات على الحيوانات، على الأقل حتى الآن، لكنه قد يقلل أعداد حيوانات الاختبار المطلوبة، إضافةً إلى توفير المال والوقت.

العُضيَّات هي مجموعة من الخلايا التي تحاكي بعض سلوكيات الأعضاء الحقيقية، وتُزرع في المختبر، وتبقى حيةً في ظروف مشابهة لظروف الجسم. في النهاية، قد تُغني العُضيَّات الأكبر والأعقد عن الحاجة إلى عمليات الزرع، لكن في حالة معظم الأعضاء الحيوية في الجسم، ما زال الأمر بعيد المنال.

لكن في هذه الأثناء، يمكن صنع مئات العُضيَّات من طحال حيوان واحد. تمكن فريق بقيادة البروفيسور ماثيو ديليزا من جامعة كورنيل والدكتور أنكور سينغ من معهد جورجيا للتكنولوجيا، من صنع عُضيَّات من طحال الفئران، ولفها في مصفوفة هيدروجيل قبل حقنها بجزيئات مرشحة لاستخدامها في لقاح ضد التولاريميا. وأُعطيت الفئران الحية الحقن ذاتها.

أثبتت التجارب صحة الفكرة، إذ أظهرت أن استجابات الخلايا البائية للجزيئات كانت متشابهة في كل من العُضيَّات والفئران، مع أن بعض الاختلافات تتطلب مزيدًا من البحث.

إلى جانب الفوائد الأخلاقية، تسمح هذه الطريقة للباحثين باختبار أعداد كبيرة من المستضدات بالتوازي بتكلفة قليلة نسبيًا، لأن الاحتفاظ بأعداد كبيرة من الفئران في ظروف خاضعة للرقابة أمر مُكلف. أيضًا قد تكون تكلفة هذه التقنية الجديدة أقل مقارنةً بالتجارب التي تتطلب حيوانات اختبار أشبه بالبشر، مثل تطبيق التجارب على القرود عندما لا تكون الاستجابة المناعية لدى القوارض مفيدة. إضافةً إلى ذلك، يمكن للعُضيَّات تسريع العملية، نظرًا إلى أن الحيوانات تستغرق وقتًا أطول للاستجابة.

ما زال استبعاد حيوانات الاختبار من اختبارات اللقاح تمامًا أمرًا بعيد المنال، ليس فقط لأن البحث ما زال بحاجة إلى مزيد من التحقق، لكن أيضًا لأن حيوانات الاختبار الحية ما زالت الدليل الأفضل للآثار الجانبية المحتملة.

مع ذلك، تُعد التولاريميا مثالًا على مرض يتطلب اختبار العديد من الاختلافات في اللقاح المحتمل، لأن بكتيريا الفرنسيسيلة التولارية تتفادى الجهاز المناعي باستخدام طبقة من عديد السكاريد. وقد أدت اللقاحات المُصممة ضد طبقة عديد السكاريد وحدها إلى استجابات ضعيفة.

جرب الباحثون استخدام النهج المُستخدم في حالة عوامل ممرضة أخرى مثل البكتيريا العقدية، إذ تُربط قطعة من السكاريد ببروتين ناقل من المرجح أن يتعرف عليه الجهاز المناعي، مثل سموم الكزاز أو الدفتيريا. بتقديمها بهذه الطريقة المقترنة، ترى الخلايا البائية البكتيريا ذاتها بوصفها تهديدًا، لكن يجب فحص هذه التركيبات لتحديد ما يتطلب المزيد من البحث من بينها.

مع تقدم تكنولوجيا العُضيَّات، قد يصبح من الممكن استبدال هذه الطريقة بأعداد أكبر من الاختبارات التي تُجرى حاليًا على حيوانات الاختبار. من المحتمل أن تقلل العُضيَّات المصنوعة من الخلايا البشرية أيضًا من الحالات التي تعمل فيها اللقاحات ضد الأنواع الأخرى، لكنها تفشل عند استخدامها في الإنسان.

إلى جانب العثور على لقاحات مُرشحة ضد حمى الأرانب، وطريقة أفضل لدراسة الأمراض المستعصية، يعزز هذا البحث معرفتنا بردود فعل الخلايا البائية. في حيوانات الاختبار الحية، قد يكون من الصعب التمييز بين استجابة الخلايا البائية واستجابة الخلايا التائية، لكن العضيات المنتجة للخلايا البائية فقط تعطينا صورة أوضح.

اقرأ أيضًا:

هل يميل الناس إلى التعاطف مع الحيوانات أم البشر؟

إعادة نمو غضروف الركبة: دراسات واعدة على الحيوانات

ترجمة: جوليا كاملة

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر