وجد علماء علم النفس التجريبي أنه يمكن لساحرٍ ما أن يُقنع نسبة من الأشخاص (تُقدّر بشخص من بين ثلاثة أشخاص) برؤية أشياء تختفي، وذلك باستخدام خُدعة سحرية مطوّرة لغرض استكشاف الإدارك البشري، رغم أن هذه الأشياء غير موجودة بالأساس، ولقد قدموا بذلك دليلًا على أن قوة التوقع لدينا تتفوق على حواسنا.

إذ يستخدم السحرة خفة اليد كوسيلة لتشويش أفكارك بشأن مكان الشيء، ولكن، هل من الممكن أن يجعلوك تصدق باختفاء أشياء غير موجودة أصلًا؟

وصف المسؤول عن الدراسة ماثيو تومكنز (Matthew Tompkins) العلاقة بين السحر والعلم:

«في الواقع، لعب علمُ السحر دورًا هامًا في تطوير علم النفس التجريبي، فقد كان العلماء المؤسسون لهذا العلم مهتمين بشدة بمعرفة كيف يتلاعب السحرة بالإدراك البشري، على خلاف علماء النفس المعاصرين الذين تجاهلوا هذا المجال حتى السنوات الأخيرة نسبيًا.

وتقوم خفة اليد في كثيرٍ من الأحيان على حرف انتباه الشخص إلى مكان الشيء.

وهناكَ مجموعةٌ متزايدة من البحوث التي تتناول كيفية تلاعب السحرة بعقولنا بطريقةٍ تعجز فيها حواسنا عن استقبال المدخلات الحسية الخارجية».

ويضيف: «أردنا أن نذهب إلى ما هو أبعد من ذلك لنرى ما إذا كان استخدام الوسائل التي يلجأ إليها السحرة لتحريض الإدراك الخاطىء لأجسام شبحية ممكنًا.

هل يمكن لساحر أن يجعلنا نرى شيئا لم يكن موجودًا هناك فعلًا؟».

لذلك قام الباحثون بالطلب من 420 متطوعًا أن يشاهدوا سلسلة من خمسة مقاطع فيديو صامتة، ويعرض كل واحدٍ من هذه المقاطع خدعةً سحرية معينة، وبعد ذلك مباشرةً يُصار إلى سؤال المتطوعين لكي يصفوا ما شاهدوه ويقيموا إلى أي حد تعتبر الخدع التي شاهدوها مفاجئة وغير ممكنة.

وانقسم المتطوعون إلى خمس مجموعات، وطُلِب من كلِ واحدةٍ منها مشاهدة المقاطع الخمس مع اختلافٍ في المادة التي تجري عليها الخدعة السحرية، فالبعض كان يرى هذه الخدع تتم على عملة نقدية أو كرة، أو وشاح حريري أو قطعة طباشير…إلخ.

ويظهر في المقاطع الأربعة الأولى ساحرٌ يقوم بخدعة سحرية مستخدمًا أداةً ما، وتعمّد الباحثون ألّا يُدرجوا أي خدعة سحرية في الفيديو الثالث، وذلك لغرض استكشاف ما إذا تمكّن المشاهدون من الانتباه إلى وجود خدعة سحرية أو لا، لأنهم ببساطة قد توقعوا وجودها.

ويظهر الساحر في المقطع الخامس وهو يتظاهر بإخفاء شيءٍ ما غير موجود أصلًا في الفيديو، ولكن ليس هذا ما رآه 32% من المشاهدين الذين كانوا مقتنعين بأنهم قد رأوا شيئًا ما يختفي، حتى أن 11% منهم قد سمى هذا الشيء غير الموجود، وعندما طُلِبَ منهم تقييم هذه الخدعة، أعطَت المجموعة التي لم تتأثر بالخدعة (وهم 68%) هذا العمل السحري تقييمًا متدنيًا من المفاجأة أو الدهشة، بينما كان تقييم المجموعة التي اعتقدت بوجود شيء ما فعلًا تقييمًا أعلى، وبالتحديد الفئة الواقعة ضمن نسبة (11%) ممن قاموا بتسمية هذا الشيء غير الموجود.

ويعزو ماثيو السبب في ذلك إلى أن الأشخاص يُربكون توقعاتهم بشكلٍ فعال مع المعطيات الحسية التي يتلقونها، فهم يتوقعون أن يرَوا فيديو آخر تظهر فيه عملة معدنية أو قطعة طبشور، ويكون هذا التوقع حاضرًا بقوة لدرجة أن يخطئ الشخص في معرفة ماهيّة الشيء الحقيقي.

ويُعتبر هذا المجال العلمي مجالًا مثيرًا ذا تطبيقاتٍ عملية هامة.

فعلى سبيل المثال: يستند هذا العمل إلى عدة دراسات سابقة تُظهر أن مضمون شهادة شاهد العيان قد تختلف عن الوقائع الفعلية.