بينما يكون التأمل الذاتيّ مفيدًا فإنّ اجترار هذه الذكريات سيكون ضارًّا، إذ أنّ الإبقاء على مشاكلك وتكبير مصائبك وإقامة حفلة الشفقة الخاصّة بك سيزيد من كآبتك فقط.

ربّما تعيد في عقلك مرارًا وتكرارًا محادثتك التي أجريتها مع مديرك، وفي كل مرةٍ تتخيل نقاشك فيها فإنّك تُعاقب نفسك على شيءٍ قلته، إذ أنّ تكرار المشهد ذاته لمراتٍ عديدةٍ سيزيد خوفك من أنّك قلت شيئًا خاطئًا.

أو ربّما لا يمكنك التوقف عن التفكير في الأسماء التي ناداك بها الآخرون عندما كنت طفلًا، فهذه التعليقات المُوجِعة ستجتاح عقلك كلّما قابلت أشخاصًا جدُدًا أو كلّما كان لديك القليل من الوقت لتستعيد ذكرياتك، فحينما تعيد تذكّر هذه الأوقات المؤلمة ستهبط ثقتك بنفسك وسيزداد يأسك.

المشكلة هي اجترار الذكريات

إذا كنت تميل إلى أن تكون كثير التأمل فلست الوحيد، إنّها مشكلة شائعة حتّى أنّ معظم الأشخاص يراودهم ذلك الأمر لمراتٍ عديدةٍ في اليوم الواحد، لكنّ الإبقاء على تلك الأحداث السيّئة والمشاعر الكئيبة ليس جيّدًا بالنسبة لك مطلقًا.

  • إنّ الإبقاء على ما هو سلبيّ وحزين سيؤدّي إلى بعض المشاكل في الصحة العقلية. يؤكّد بحثٌ علميٌّ أنّه كلّما ازداد تفكيرك بأوقاتك الصعبة وأخطائك ومشاكلك ازدادت احتمالية معاناتك من الكآبة والاضطرابات النفسية والقلق.
  • يُسبّب التركيز على المشاكل استمرار مشاكل الصحة العقلية الخاصّة بك لفترةٍ أطول، فكلّما ازداد تفكيرك بمشاكلك كان من الصعب استعادة صحتك النفسية.
  • يصعب علينا كسر دورة التفكير السلبي هذه، ولكن بمرور الوقت سيُصبح التفكير عادةً سيّئةً تترسّخ في عقلك لدرجة أنّك ستواجه صعوبةً في تغيير الطريقة التي تفكر بها.
  • يمكن أن تؤدّي إطالة التفكير إلى مهارات تعاملٍ غير صحيةٍ، إذ تُظهر الدراسات أنّ اجترار الأفكار يزيد من المعاناة النفسية التي تزيد بدورها من مخاطر تعاطي المخدرات واضطرابات الغذاء.

كيف توقفها؟

إذا كنت تركز دائمًا على أخطائك، فالتزم بتغيير الطريقة التي تفكر بها. يتطلّب الأمر القليل من الممارسة والتفاني لإيقاف اجترار الأفكار، ففعل ذلك سيجعلك تشعر بالراحة وستتصرف بطريقةٍ أكثر إنتاجيةً.

  • الاعتراف عندما يحدث هذا

كلّما تفكر أكثر فإنك ستصبح أقرب من الاحتجاز في دورةٍ سلبيةٍ من الصعب كسرها، فكن حذرًا من عادات التفكير تلك، وأعطِ اهتمامًا أكثر للأوقات التي تستعيد فيها الأحداث المؤلمة داخل رأسك، فكلّما لاحظتها بشكلٍ أسرع ستتمكّن من التغلّب عليها بشكلٍ أكبر.

  • البحث عن الحلول

التفكير في التغلب على المشاكل لن يُساعدك إلّا إذا كنت تبحث بنشاطٍ عن الحل، فاسأل نفسك عمّا إذا كان هنالك أيّ شيءٍ يمكنك فعله حيال هذا الوضع، والتزم بالتعلّم من أخطائك، وحاول حلّ المشكلات الخاصة بك لتتغلّب بسهولةٍ تامةٍ على الاجترار.

  • خصِّص وقتًا للتفكير

يحتاج عقلك إلى فرصةٍ لمعالجة الأحداث التي تجري في حياتك اليومية، لذا خصّص 20 دقيقةً للتفكير يوميًّا. ضع وقتًا للتفكير في جدولك اليومي، وحين تلاحظ أنّك تقلق أو تفكر بذكرياتك المؤلمة ذكّر نفسك بجملة (سأفكر بهذا لاحقًا).

معرفة أنّك ستحصل على فرصةٍ للتفكير في المواضيع الكئيبة في وقتٍ لاحقٍ قد تساعدك على إعاقتها؛ لأنّ التشبّث بوقتك المحدّد سيساعدك على التفكير بمشاكلك بطريقةٍ أكثر إنتاجيةً، بالإضافة إلى منعك من معاقبة نفسك من اجترار ذكرياتك المؤلمة مرارًا وتكرارًا.

  • شتّت نفسك

إنّ إخبار نفسك بأنّك لا تفكر في أيّ شيءٍ قد يعطيك نتائجًا عكسيةً وقد تفكر فيها أكثر مما سبق، فالطريقة الأفضل لتشتيت نفسك هي أن تجد مهمّةً تبقيك مشغولًا، فعلى سبيل المثال، اتّصل بصديقٍ ما للتحدث عن موضوعٍ مختلفٍ تمامًا أو قم بالمشاريع المنزلية، بالإضافة إلى أنّ التحرّك الكثير سيساعدك في تغيير المسار الذي تفكر فيه ويمنعك من عيش ذكرياتك المؤلمة.

  • الممارسة بوعيٍ تامٍّ

الوعي التام هو المفتاح لعيشٍ رغيدٍ، فحين تكون مدركًا ستصبح حاضرًا بالكامل في تلك اللحظة.

يحتاج الإدراك للتدريب كما في الأنواع الأخرى من التأمل، ولكن من المؤكد أنّه سيقلّل من تفكيرك.


  • ترجمة :محمد طارق منسي
  • تدقيق: رند عصام
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر