عادةً ما يُربط بين مشاهدة الأفلام الإباحية من قِبل المتزوجين بالإدمان على مشاهدتها؛ وتدمير العلاقة الزوجية.

الآن، تزعم دراسة جديدة بأن المتزوجين ممّن بدأوا بمشاهدة الأفلام الإباحية تزيد من فرص حدوث الطلاق لديهم.

ولكنّ باحثون آخرون ومعالجون جنسيّون ممّن استعرضوا الدراسة أثاروا شكوكًا حول صحّتها وتساؤلات حول منهجيتها، واقترح بعضهم نتائج تتناقض مع نتائج الدراسة المُقدَّمة.

هذه الدراسة لم تخضع لمراجعة الأقران (peer reviewed) بعد تم تقديمها لمؤسسة علم الاجتماع الأمريكية.

باحثون من جامعة اوكلاهوما (University Of Oklahoma) قاموا بتحليل بيانات على مدار السنوات بين 2006-2014 على أكثر من خمسة آلاف شخص بالغ، البيانات التي تضمنت الحالة الاجتماعية وإبلاغ عن مشاهدة الأفلام الإباحية تم أخذها من ثلاث إحصائيات، كل منها تضمنت ثلاثة أجزاء وكل إحصائية جمعت بيانات على مدار أربع سنوات.

المجموعة الرئيسية ذات الاهتمام هنا، هي 373 شخصًا من المتزوجين الذين أفادوا بأنهم لم يكونوا يشاهدون الأفلام الإباحية في بداية الدراسة، ولكنهم بدأوا في وقت لاحق بمشاهدتها.

وقد تم تحديد مشاهدي الأفلام الاباحية أنهم من الذين أجابوا ب “نعم” على السؤال “هل شاهدت أفلامًا اباحية خلال العام الماضي؟” صدق أو لا تصدق، 71% من إجمالي العينة أفادوا بأنهم لم يشاهدوا الإباحيات.

وفقط 15% كانو يشاهدون أفلامًا إباحية في جميع مراحل الدراسة. و 7% فقط بدأوا بمشاهدة الأفلام الإباحية خلال فترة الدراسة.

في محاولة لعزل الحالات واكتشاف العلاقة بين مشاهدة الإباحيات والطلاق فقط؛ أخذ الباحثون كثيرًا من المتغيرات في الحسبان، كالسعادة الزوجية مثلًا، من أجل خلق توازن في الحالات المشاركة سواءً ممن يشاهدون الإباحيات أم لا.

ما وجدوه هو أن البدء بمشاهدة الأفلام الاباحية خلال الدراسة (بعد عدم مشاهدتها عند بداية الدراسة) قد زادت احتمالات الطلاق، من 6%، من بين أولئك الذين لم يشاهدوا الإباحيات إطلاقًا، إلى 11%.

واحتمال حدوث الطلاق قد تضاعف ثلاث مرات تقريبًا لدى النساء اللاتي بدأن بمشاهدة الإباحيات، من 6% إلى 16%.

كانت احتمالية حدوث الطلاق أعلى لدى المتزوجين الأصغر سنًا.

وجدوا أيضًا بأن خطر حدوث الطلاق قد تراجع عند الأزواج الذين توقفوا عن مشاهدة الأفلام الإباحية بعد أن بدأوا بها خلال الدراسة.

وقد صرّح كبير محرّري الدراسة سامويل بيري (Samuel Perry) في لقاء صحفي: «تشير نتائجنا إلى أن مشاهدة المواد الإباحية، تحت ظروف اجتماعية معينة، قد يكون لها آثار سلبية على الاستقرار في العلاقةالزوجية».

نيكول براوس (Nicole Praus) عالمة الأعصاب التي درست تأثير استهلاك المواد الإباحية وتحدّت بنتائجها المفهوم السائد عن إدمان الأفلام الإباحية، قالت أن هناك عدة مشاكل في هذه الدراسة، أولها أن الدراسة لم تدرس تأثير ممارسة العادة السرّية على الزواج، وصرّحت أنه حتى مع ارتباط ممارسة العادة السرية بمشاهدة الإباحيات غالبًا؛ فإن ربط مشاهدتها بحدوث الطلاق هو تعميم خاطئ .

وتقترح براوس تبديل النتائج بربط حالات الطلاق بممارسة العدة السرية (أثناء مشاهدة الإباحيات أم لا) بدلًا من ربطها بالأفلام الإباحية.

وتقترح نيكول براوس أيضًا أن الوضع الوظيفي، أو أي شيء آخر يمكن أن يهيّئ للشخص وقت فارغ أكبر من شأنه السماح بممارسة العادة السرية، وبالتأكيد سيؤثر على هذه العلاقة.

على سبيل المثال، فقدان الوظيفة لفترة طويلة من الزمن تؤدي إلى كل من الطلاق وزيادة مشاهدة المواد الإباحية.

وبتجاهل الدراسة لهذه الأسباب، قد تبدو وكأنها تربط الطلاق بمشاهدة الإباحيات فقط وهذا خاطئ.

وحقيقةً فالدراسة لم تهتم بالمدة التي يقضيها الفرد وهو يشاهد الأفلام الإباحية، وأضافت نيكول عن هذا الأمر: «إن فرصة مشاهدة الإباحيات لمدة عشرين ساعة في الأسبوع مثلًا تختلف نتائجها بشكل كبير عن مشاهدتها لبضع ساعات، وعلى باحثي تلك الدراسة استيعاب هذا الأمر».

وردًا على كلام نيكول براوس قال سامويل بيري بأن هناك بعض من الدراسات التي بحثت تأثير العادة السرية وترك الوظيفة على احتمالية حدوث الطلاق، وأضاف بيري أنه وزملائه في فريق البحث لم يربطوا مشاهدة الإباحيات بممارسة العادة السرية فقط.

ومع ذلك، أشارت براوس أيضًا إلى أن البحث لم يهتم بموضوع أن الإشباع الجنسي والسعادة الزوجية تشكّل متغيرات مستقلة للنساء، وهذا يعني أن السعادة الزوجية (التي تم استخدامها كعامل لخلق نماذج متوازنة في الدراسة) قد لا تكون جيدة ومتكافئة أبدًا.

وبعبارة أخرى، يمكن أن النساء المتزوجات في الدراسة اللواتي بدأن فجأة بمشاهدة الأفلام الإباحية قد شعرن بعدم الرضا الجنسي في علاقاتهن الزوجية، الأمر الذي يرتبط بشكل أكبر بحالات الطلاق عن النسوة اللواتي كنّ يشاهدن الإباحيات سابقًا واستمررن بهذا.

دافيد لاي (David Ley) عالم النفس السريري والمختص في النشاط الجنسي ومؤلف كتاب “Ethical Porn for Dicks: A Man’s Guide to Responsible Viewing Pleasure,” لديه رأي مشابه لرأي نيكول براوس حيث يقول: «حقيقة أن النساء اللواتي يشاهدن أفلامًا إباحية تكون فرص طلاقهنّ أكبر تعود إلى أنهنّ غير راضيات عن العلاقة الجنسية التي تربطهن بشركائهن، والاستمرار بمشاهدة الأفلام الإباحية يزيد من التناقض الذي يقعنَ فيه ويزيد نفورهنّ من أزواجهن».

ويضيف: «يمكن للمرأة أن تستخدم الأفلام الإباحية باعتبارها وسيلة لتقول لزوجها هذا هو ما أريد، أو هيّا نفعل ذلك، ويمكن للمرأة أيضًا أن تتعلم من الإباحيات بأن رغباتها الجنسية هي أمر مهم بالنسبة لها، وليس شيئًا مخجلًا أبدًا».

صرّح المعالج الجنسي إيان كيرنر (Ian Kerner) بأن نتائج البحث تتعارض مع ما يشاهده من حالات في مكتبه، ففي السنوات الأخيرة؛ لاحظ أن الازواج -وخاصّةً النساء- شعرن براحةٍ أكبر مع الافلام الإباحية (في كلا الطريقتين لمشاهدتها أو بتخيّلها فقط)، حيث يعدّ ذلك من أشكال الترفيه القائمة على الخيال.

كوجه معاكس وثانٍ للترفيه في عالمنا الحقيقي.

وصرّح قائلًا: «في جميع الأحوال، فالأفلام الإباحية تقلل من مستوى التحفّز العالي لدى الأزواج، والتقليل من مستوى التحفّز يعني مستويات قلق وارتباك أقل».

وفي رأي كيرنر فإن الأفلام الإباحية تستخدم لتقليل الرغبات المتفاوتة في العلاقات الجنسية، وحتى أنها تقلل من فرص الخيانات الزوحية.

وقال: «برأيي، مشاهدة الإباحيات تساهم في تعزيز صحة الفرد وتعزيز العلاقة بشكل عام، والتخلي عن الأفلام الإباحية غالبًا ما يخلق تصدعات في الزواج والتي تزيد من فرص الطلاق».

اقترح كيرنر أيضًا أن وجهات النظر حول المواد الإباحية تتغير بسرعة، إذ أن الدراسة هذه قد لا تعكس المواقف الحقيقية الحالية.

أشار بيري سريعًا إلى أنه ليس ضد المواد الإباحية بسبب الأخلاقيات أو الدين.

ويقول أن نتائج الدراسة يمكن أن تساعد الأفراد على اتخاذ قرارات مدروسة حول أي نوع من وسائل الإعلام سيشاهدون، وأي نوع من العواقب التي يمكن أن تؤثر على علاقاتهم في ظل ظروف معينة، لكنه يؤكد أن هناك دائمًا فوارق بسيطة في تفسير النتائج.

يوافق لاي على هذه النقطة قائلًا: «إن الشيء الأكثر أهمية في هذا البحث مع ذلك، هو الدليل المستمر بأن تأثير المواد الإباحية ليس أسود أو أبيض فقط، وليس من السهل شرحه أو تحديده».

ويضيف بأنه لا ينبغي استخدام هذا البحث للقول بأن نتائج مشاهدة الإباحيات سيئة على العلاقة الزوجية، حيث قال: «بل بدلًا من ذلك نحن كمجتمع علمي يجب أن ننظر بعناية في كيفية مساعدة الناس على الاعتراف، وفهم وإدارة استخدامهم للمواد الإباحية في تحسين أنفسهم وعلاقاتهم الجنسية».


  • إعداد: ضياءعكيل
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر