يُعد السفر إلى الفضاء حلمًا لكثير منا، لكنه هدف بعيد المنال بالنسبة إلى الجنس البشري. مع ذلك يجري التحقق من إمكانية استخدام التكنولوجيا لإرسال مسابر قد تقطع مسافات بين نجمية في غضون عشرات السنين بدلًا من آلاف السنين، وتقترح دراسة جديدة أنه قد يكون من المثير للاهتمام وجود مسافرين أحياء على متن هذه المركبات المميزة.

من المتوقع أن تزن كل مركبة من تلك المركبات غرامًا واحدًا بحد أقصى، وستتسارع بفعل الليزر القوي لتبلغ سرعتها خُمس سرعة الضوء. لم يوضع الركاب في الحسبان عند تصميمها، ومن المتوقع أن تصل إلى بروكسيما سينتوري -النجم الأقرب إلى الشمس- في أقل من ربع قرن.

لا يستطيع الركاب البشر السفر إلى الفضاء على متن مركبة دقيقة جدًا كهذه، إلا أن كائنات حية أُخرى قادرة على ذلك. وقد يكون إرسالها ذا أهمية علمية كبيرة، لدراسة تأثير السفر السريع بين النجوم على أشكال الحياة.

ستتطلب البعثات المحتملة كائنات حية تتحمل الإشعاع، وقادرة على الدخول في حالة سُبات. من هذه الحيوانات: حيوان دب الماء ودودة الربداء الرشيقة، نوع من ديدان يُستخدم عادةً في البحث العلمي. كلا المرشحين اختبر الفضاء سابقًا في تجارب داخل محطة الفضاء الدولية وخارجها.

يقول المؤلف المشارك في الدراسة جويل روثمان، الأستاذ بجامعة كاليفورنيا سانتا باربرا: «بوسعنا دراسة مدى تذكر تلك الحيوانات سلوكها الخاضع للتدريب عند السفر إلى الفضاء بعيدًا عن أصلها الأرضي بسرعة قريبة من سرعة الضوء، واختبار عمليات الاستقلاب ووظائف الأعضاء والوظائف العصبية والتكاثر والتقدم في العمر لديها. تُعد معظم التجارب التي يمكن إجراؤها على هذه الحيوانات في المختبر قابلةً للتنفيذ في أثناء السفر إلى الفضاء».

يمكن استنتاج الآثار المحتملة على البشر استنادًا إلى تأثير رحلات طويلة كهذه في بيولوجيا الحيوان. يقول روثمان: «يمكننا البدء بالتفكير في تصميم الناقلات بين النجوم -مهما كانت- بطريقة من شأنها تخفيف المشكلات التي ستعترض هذه الحيوانات الضئيلة».

يطرح البحث بعض الأسئلة الأخلاقية، إذ يناقش أحد الأسئلة خطر إرسال الحياة الأرضية إلى نظام نجمي آخر خوفًا من تلوثه. تؤخذ حماية الكواكب على محمل الجد، ونظرًا إلى الخطة وحجم المركبة، فليس من المتوقع أن يمثل الأمر خطورة. حتى وإن واجهت المركبة كوكبًا، فستحترق قبل هبوطها على سطحه.

هل ينبغي إرسال الحياة الأرضية إلى الكون عمدًا بهدف نشرها في عوالم أُخرى؟ سؤال فلسفي آخر. نوقش هذا المفهوم الذي يعرف بالتبذر الشامل الموجه بوصفه من التفسيرات المحتملة لأصل الحياة على الأرض، إذ بذرت حضارة ما بذورها في أنحاء المجرة.

يقول الأستاذ المشارك في الدراسة فيليب لوبين: «اقترح بعض الناس أفكارًا مثل أن الكون هو تجربة مخبرية لحضارة متطورة. من ثم فإن الكثير من الناس على استعداد لتقبل فكرة وجود حضارات متطورة. من الجيد وجود أسئلة، لكن وجود إجابات أفضل. نحن الآن ببساطة نفكر في الأسئلة دون توافر إجابات بعد».

لا تُعد الأجوبة ملحةً بعد، لكن ربما يجدر بنا البدء بالتفكير بها الآن، قبل توافر تكنولوجيا السفر إلى الفضاء وإرسال الحياة عبر النجوم.

اقرأ أيضًا:

السفر إلى الفضاء سيكون متاحًا للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة

هل تود السفر إلى الفضاء؟ أربعة بدائل موجودة على الأرض قد ترضي شغفك

ترجمة: ربيع شحود

تدقيق: أحمد فواز

المصدر