قد يكون هذا العنوان غريبًا بعض الشيء! أليس كذلك؟ لكن ومع غرابته فإنه أقرب لكونه حقيقيًا، وقد أُثبت ذلك في العديد من الأبحاث والدراسات التي أجراها العديد من الباحثين والعلماء. في الواقع، فإن كمية البيانات التي تُرفع على مواقع التواصل الاجتماعي لا يمكن تخيلها، ففي اليوم الواحد يرفع روّاد التواصل الاجتماعي ما يقارب 720.000 ساعة على يوتيوب، إضافةً إلى ما يقارب نصف مليار تغريدة على تويتر، نصوص لا تحصى على فيسبوك ومليارات الرسائل على واتساب وغيرها من البيانات. وفقًا لحسابات أجراها عالم الفيزياء ميلفن ڤوبسون فإن هذه الكتلة من الصور البصرية إضافةً لكل بت وبايت من البيانات التي أنشأناها قد تجعل كوكبنا أثقل.

اعتُبرت هذه الحسابات لهذه البيانات معقدةً ومثيرةً للجدل، وتحتاج إلى الكثير من الأدلة لتُقبل في المجتمع العلمي. من هذه الأدلة تجربة اقترحها ڤوبسون اعتمدت على انفجارات المادة المضادة مع نظيرتها غير المضادة، التي قد تساعد على إقناع المجتمع العلمي بخطورة هذه الفرضية، إذ إن المعلومات قد لا تكون مجرد كتلة فقط بل يمكن أن تكون حالةً جديدةً وغريبةً من المادة.

نظرية المعلومات أو البيانات ليست مفهومًا سهل الاستيعاب، بوسعنا أن نتخيل بسهولة تحميل شيفرة من الواحد والأصفار بطريقة تخبر أجهزة الكمبيوتر لدينا بماهية الأصوات والصور التي يتعين عليه أن يعرضها، لكن المعلومات قد تنطبق أيضًا على أشياء غير رقمية كالخصائص التي تحدد كيفية تصرف الجسيمات.

في أوائل الستينيات من القرن الماضي، توقع الفيزيائي الألماني الأمريكي رولف لانداور حدوث الحد الأدنى من التغير في الطاقة لمسح البيانات من أي نوع من الأنظمة. ومع أن هذا قد يبدو إدراكًا بسيطًا فإن العواقب كانت عميقةً، إذ يرتبط فقدان البيانات بانبعاث الإشعاع الحراري على مستوى جوهري.

وقد دعمت التجارب على مر السنين منطق لاندور، وصولًا إلى مستوى الكم، ما يشير إلى وجود شيء ما على الأقل للكمية الأساسية من الطاقة المرتبطة بتغير المعلومات أو البيانات.

إذا أخذنا بعين الاعتبار أيضًا حسابات آينشتاين كما يفعل ڤوبسون، فإن التغير الجوهري في الطاقة لا بد أن يكون مساويًا للتغير في الكتلة، وهذا يعني أن كل البيانات التي نخلقها يوميًا تساهم في كتلة ضئيلة جدًا غير صفرية للكوكب.

وإذا أخذنا الحد الأقصى من تراكم البيانات، فإن التراكم الأسّي لمقاطع الفيديو وبيانات ويكيبيديا وتويتر وأغاني تيك توك قد يؤدي إلى بعض الكوارث الصادمة في المستقبل البعيد، إذ إننا لن نفقد المواد اللازمة للاحتفاظ بكل هذه البيانات فقط، بل إن النمو الرقمي غير المقيد يعني أيضًا أن جزءًا كبيرًا من كتلة الأرض سيتحول إلى بيانات رقمية.

وفي توقع صادم للغاية، فإن بعض الخبراء يقولون إنه وفي غضون 350 سنةً قد يفوق وزن البتات الرقمية وزن كل الذرات على الأرض.

الجدير بالذكر، أن نظرية البيانات هذه قد تغير كيفية حساب الكتلة في ظل ظروف معينة، ما يؤدي إلى نظريات جديدة قد تعطينا فكرةً أفضل عن طبيعة المادة المظلمة.

إن اكتشاف التحولات الدقيقة إلى حد لا يصدق في الكتلة في أنظمة التخزين الكثيفة بالبيانات اليوم لا يزال أبعد من قدراتنا كثيرًا، على الأقل في الوقت الحالي، الأمر الذي يجعل من التفكير في الفرضية أمرًا ممتعًا. لكن التجربة الجديدة التي اقترحها الفيزيائي ڤوبسون قد تغير كل ذلك، فقد طبّق تنبؤات لانداور على الجسيمات الأولية.

بفرض أن الكتلة الكلية للإلكترون تتكون من طاقته الكامنة الداخلية والقليل من المعلومات عن نفسه، فإنه نظريًا سيبعث طيفًا من الطاقة يمكن التنبؤ به، وذلك في رذاذ الفوتونات التي تُطلق عند مقابلة نظيره المضاد للمادة الذي يسمى بدوره بالبوزيترون.

يقول الفيزيائي ڤوبسون: «إن البيانات في الإلكترون أصغر بـ 22 مليون مرة من كتلته، ولكننا نستطيع قياس محتوى البيانات بمحوها، نعلم أن تصادم جزيء من المادة بجزيء من المادة المضادة يؤدي إلى إبادة بعضها بعضًا، وأن البيانات من الجسيم يجب أن تذهب إلى مكان ما عندما تمحى أو تُباد».

وأن البحث عن أطوال موجية محددة للغاية للإشعاع في الإلكترون المحمل بالبيانات من شأنه أن يضيق الروابط بين البيانات بصفتها شكلًا من أشكال الطاقة داخل الجسيمات، وليست ميزةً أخرى من ميزات الديناميكا الحرارية داخل نظام أوسع.

عدا عن قدرة الذرات على الاتحاد على شكل مواد صلبة والتدفق على شكل سوائل وغازات والتفرق كالبلازما والانسجام كتكاثف بوز-آينشتاين، فيمكنها أيضًا أن تقلل من الفوضى بصفتها حاملات للبيانات.

وإلى حين إجراء التجربة، ستظل الفرضية مثيرةً للجدل ولكن إذا تبين أن هذه الفرضية صحيحة حقًا، فإن العواقب قد تكون وخيمة.

اقرأ أيضًا:

ما هو الفرق بين السرعة الأرضية و السرعة الجوية ؟

هل يمكن محاربة النار بالنار؟

ترجمة: يزن دريوس

تدقيق: باسل حميدي

مراجعة: نغم رابي

المصدر