دراسة على نصف مليون شخص تفشل في إيجاد جين محدّد يسبب المثلية الجنسية – بعد دراسة جرت على نصف مليون شخص تقريبًا ومقارنة الاختلافات في الحمض النووي، تأكد الباحثون من عدم إمكانية التنبؤ بالتفضيلات الجنسية للأشخاص بناءً على الجينات، ولكن هذا بالتأكيد لا يدل على كونها لا تشارك في حياتنا الجنسية، فإذا كانت لديك رغبة في الحصول على شرح مبسط لانجذاب بعض البشر إلى الآخرين من الجنس نفسه، فهذا هو الوقت المناسب.

بحث العلماء لعقود من الزمن عن «جين المثلية الجنسية» والذي قد يساعدنا في شرح ميولنا الجنسية بشكل أفضل، ولا بد من الإشارة إلى أننا تخلينا عن فكرة كون جين واحد بإمكانه تحديد الميول/التوجهات الجنسية؛ ولكن وجدت الدراسات علامات مهمةً في كون حمضنا النووي وضع -على الأقل- الحجر الأساس في تحديد عملية الانجذاب.

ولسوء الحظ فالعديد من هذه الدراسات لم تستند على عدد وافٍ من الأشخاص أو لم تستوفِ معايير الدراسة، ولذلك جمع الباحثون العديد من البيانات من 47722 سجل من بنك Biobank البريطاني وشركة الإبلاغ الوراثي المعروفة باسم 23andMe لتحديد التسلسلات الوراثية الشائعة للأشخاص الذي ينجذبون للجنس الآخر heterosexual أو الذين ينجذبون لأشخاص من جنسهم نفسه non-heterosexual.

بنى الفريق النتائج على معرفة ما إذا كان الفرد قد مارس الجنس مع شخص من نفس جنسه أم لا، وفي هذه الحالة كان قد ذُكر في بنك Biobank البريطاني أن 4.1% من الذكور و 2.8% من الإناث قد سبق ومارسوا الجنس مع أشخاص من نفس الجنس، وكشف تحليل الجينات بين المجموعتين عن خمسة مواقع على الكروموسومات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالسلوكيات الجنسية تجاه الجنس نفسه، وتضمنت آلاف التسلسلات الأخرى مدىً أقل.

علم المثلية الجنسية

علم المثلية الجنسية

ورُبطت بعض هذه الجينومات المذكورة ببعض الوظائف البيولوجية مثل عمليات الإباضة والمسارات الهرمونية، ما يعطي الفرصة لكونها مسؤولة عن نشاط جنسي معين، ولكن عند الفحص الدقيق نستطيع القول أن هذه التسلسلات لم تشكل سوى 8% إلى 25% من التباين الجنسي، ولذلك لن نستطيع استخدام هذه التسلسلات للتنبؤ بالسلوك الجنسي للفرد.

غير أن ذلك لا يدل أن تلك الجينات لن تلعب دورًا أساسيًا في علم الأحياء، فمن المحتمل استخدام هذه التسلسلات في الأبحاث المستقبلية الخاصة بسلوكيات الفرد الجنسية، وذلك يعني أننا غير قادرين حاليًا على تحديد الاحتمالات الجنسية بناءً على مجموعة من الجينات الموجودة في الحمض النووي.

واستنادًا على نتائج البحث، فإن تلك التسلسلات تختلف بين الجنسين، إلا أن هنالك تشابهًا واضحًا فيما يتعلق بالهندسة الوراثية الجنسية، وقارن البحث أيضًا التسلسلات المرتبطة بالجنس مع 28 سلوكًا آخر مرتبطًا بالأشخاص المنجذبين لأشخاص من نفس الجنس، مثل الحالات النفسية ومنها القلق، وبعض الخصائص البدنية مثل الطول والوزن عند الولادة.

وفي النتيجة لم يلاحظ العلماء وجودة علاقة بين الميول المثلية مع الخصائص (السمات) البدنية، ولكنها أظهرت وجود علاقة وراثية صغيرة مع بعض الحالات النفسية مثل القلق والوحدة، وعلى الرغم من صغر الاحتمالية فإنها مهمة جدًا.

وقال الفريق: «أسباب هذه العلاقات الوراثية غير واضحة تمامًا، ويمكن أن تنشأ عن طريق البيئة المحيطة بالأفراد الذين ينجذبون لممارسة الجنس مع من هم من نفس جنسهم».

الزمن يتغير دائمًا وكذلك هو العلم، لذا فإن إيجاد الجينات التي تلعب دورًا مهمًا في رغباتنا الجنسية ليس وسيلةً لفهم السلوكيات المختلفة وحسب، بل لفهم كيفية تطور هذه المجموعة المعقدة من البشر، والتي تجعلنا جميعًا كاملي الإنسانية.

وأضاف الباحثون: «نود أن نوضح أن نتائجنا تُشير بشكل كبير إلى تنوع وثراء النشاط الجنسي لدى البشر».

المصدر

ترجمة: رند عصام – تدقيق علي قاسم

مقالات ذات صلة
هل تعدّ المثلية الجنسية خيارًا؟