الاندماج والاستحواذ – mergers and acquisitions (M&E)؛ مصطلحان عامان لوصف دمج الشركات أو الأصول من طريق الأنواع المختلفة من التعاملات المالية، متضمنةً الاندماج والاستحواذ وعروض الشراء وشراء الأصول والاستحواذ على حق الإدارة، ويدل الرمز (M&E) أيضًا على مكاتب الكيانات المالية التي تدير مثل هذه العمليات.

أولًا: مفهوم الاندماج والاستحواذ

قد يستخدم مصطلح الاندماج بدل الاستحواذ أو العكس، ولكنهما يختلفان قليلًا في المعنى.

عندما تسيطر شركة أ على شركة ب وتُعرّف نفسها مالكًا للشركة ب، تسمى العملية استحواذًا، وأما اتحاد شركتين من الحجم نفسه ليصبحا كيانًا واحدًا بدل عملهما باستقلالية، فتسمى هذه العملية اندماجًا متساويًا، ونذكر -مثلًا- اتحاد شركتي دايملر بنز وكرايسلر وتكوينهما شركة جديدة تحت اسم «دايملر – كرايسلر» ليوقف التداول على أسهم الشركتين وتصدر أسهم باسم الشركة الجديدة.

يمكن أن يطلق اسم «صفقة شراء» على عملية الاندماج عندما يتفق مديرا تنفيذ الشركتين على أن الاندماج فيه مصلحة متبادلة للشركتين.

ويطلق مصطلح «الصفقات غير الودية» أو «صفقات الاستيلاء» عندما تكون الشركة المستهدفة أو الشركة قيد الشراء غير راغبة في الانضمام إلى شركة أخرى، ويُعد هذا استحواذًا. إذن، تُصَنف الصفقة اندماجًا أو استحواذًا بناءً على طريقة الشراء أو دمج الشركة المستهدفة وكيفية الإعلان عنها لأعضاء مجلس الإدارة والموظفين ومالكي أسهم الشركة.

ثانيًا: أنواع الاندماج والاستحواذ

 الاندماج

في حالة الاندماج، يصادق أعضاء مجلس إدارة كلتا الشركتين على ذلك، ليوافق بعدها أصحاب الأسهم. مثلًا، في عام 1998، حدثت صفقة اندماج بين شركة «ديجيتال ايكويبمينت كوربوريشن» وشركة «كومباك»، إذ استحوذت شركة «كومباك» على شركة «ديجيتال ايكويبمينت كوربوريشن»، وفيما بعد في عام 2002، اندمجت شركة «كومباك» مع شركة «اتش بي»، وكان رمز التداول في البورصة لشركة «كومباك» قبل الاندماج هو CPQ، وHWP لشركة «اتش بي»، وبعد الاندماج أصبح الرمز الجديد للتداول لشركة «اتش بي» هو HPQ.

 الاستحواذ

يحدث الاستحواذ في أبسط صوره من طريق شراء غالبية أسهم الشركة المستهدفة دون تغيير الاسم أو البناء الهيكلي للشركة، نجد مثالًا لهذه العملية في عام 2004 عندما استحوذت مؤسسة «مانولايف للأوراق المالية» على شركة «جون هانكوك» للخدمات المالية ولم تغير أي شركة اسمها أو هيكلها الإداري.

 التوحيد

تخلق عملية التوحيد شركة جديدة نتاج عملية دمج شركتين معًا وإلغاء الهيكل الإداري القديم، ولا بد من موافقة مالكي الأسهم من الشركتين لإتمام العملية، وبعد الموافقة يتلقون أسهم الشركة الجديدة، ففي العام 1998، أعلنت شركتا «سيتي كورب» و«جموعة ترافيلر للتأمين» اندماجهما كليًا، ونتج عن ذلك شركة جديدة تسمى «سيتى جروب».

 عروض الشراء

في عرض الشراء، تعرض شركة ما شراء المتاح من الأسهم بناءً على سعر محدد على خلاف السعر المدرج للتداول، تتواصل الشركة مع مالكي الأسهم مباشرة متخطية بذلك مجلس إدارة الشركة والإدارة التنفيذية، مثل ما حدث في العام 2008 عندما عرضت شركة «جونسون أند جونسون» شراءً بهدف الاستحواذ على شركة «أومريكس بايوفارماسوتيكس» للمستحضرات الطبية الحيوية مقابل 438 مليون دولار أمريكي، قد تستمر الشركة المباعة في عملها كما هي خاصةً عندما يعارض بعض مالكي الأسهم عرض الشراء، ولكن معظم عروض الشراء تنتهي بصفتها عملية اندماج.

 الاستحواذ على الأصول

عند الاستحواذ على الأصول، تستحوذ شركة ما مباشرة على أصول الشركة قيد الاستحواذ، فيما يجب على مالكي الأسهم الموافقة على التنازل عن أصول الشركة.

تتم عملية الاستحواذ على الأصول عادةً خلال إجراءات إشهار إفلاس الشركة قيد الاستحواذ، ويُجرى مزاد علني لبيع أصول الشركة المفلسة وتصفيتها، وتنتهي عملية الاستحواذ رسميًا عندما تنقل ملكية جميع الأصول لشركة أو شركات أخرى.

الاستحواذ على الإدارة

يحدث ذلك عندما يشتري المديرون التنفيذيون حصة من الشركة تضمن لهم السيطرة على إدارة شركة ما وجعلها شركة خاصة عوضًا عن شركة مساهمة، فيتحالف فريق الإدارة عادة مع ممول أو مسؤولين سابقين للشركة في محاولة لتأمين عملية الشراء.

عادةً، يكون هذا النوع من الاستحواذ ممولًا بصورة غير متناسبة مع الدين، ولإتمام العملية يجب أن يوافق غالبية مالكي الأسهم على العملية، مثال على ذلك ما حدث في العام 2013 عندما أعلنت شركة «ديل» أن مؤسسها مايكل ديل استحوذ عليها وحولها لشركة خاصة.

ثالثًا: البناء الهيكلي للاندماج

يصنف الاندماج بعدة طرق، تبعًا للعلاقة بين الشركات المندمجة في الصفقة، كما يلي:

  •  اندماج أفقي: عندما تندمج شركتان متنافستان للمشاركة في خطوط الإنتاج نفسها ومشاركة الأسواق.
  •  اندماج رأسي: عندما تندمج شركة ما مع شركة موردة للشركة الأولى، مثال على ذلك اندماج شركة لصناعة المثلجات مع شركة تصنيع بسكويت المثلجات.
  •  اندماج متجانس: شركتان تقدمان سلعًا أو خدمات مختلفة لكنهما تخدمان العميل نفسه، مثل شركة لصناعة التلفزيونات وشركة أخرى تقدم خدمات البث التليفزيوني.
  •  اندماج لتوسيع السوق: شركتان تقدمان المنتج نفسه ولكن في أسواق مختلفة.
  •  اندماج للتوسع في المنتجات: شركتان تقدمان منتجات مختلفة لكنهما متصلان في السوق نفسها.
  •  اندماج مختلط أو غير متجانس: اندماج شركتين لا يوجد بينهما شيء مشترك.

ويمكن أن يُصَنف الاندماج حسب طرق التمويل كل منها حسب تداعياتها على المستثمرين:

 الاندماج بالشراء

كما يتضح من الاسم، يتم هذا النوع من الاندماج عندما تشتري شركة ما شركة أخرى مقابل أموال أو مقابل إحدى أدوات الدين.

هذا النوع من الشراء خاضع للخصم الضريبي، وهو ما يجذب الشركة المُستحوِذة التي تستفيد من الخصم الضريبي، إذ يمكن تدوينها بصفتها أصولًا -جزئيًا أو كليًا- من المبلغ الكلي للاستحواذ، ويمكن أن ينخفض الفارق بين الأصول وسعر الشراء سنويًا في السجلات الضريبية، ما يساهم في تخفيض مبلغ الضرائب الواجب دفعه.

 الاندماج بالتوحيد

في هذا النوع من الاندماج تنشأ شركة جديدة كليًا، وتباع كلتا الشركتين وتوحدان في الشركة الجديدة التي تجمع بينهما، ويمكن أن تستفيد الشركة الجديدة أيضًا من الخصم الضريبي المذكور في الاندماج بالشراء.

رابعًا: كيف يُموّل الاستحواذ؟

يمكن أن تشترى شركة شركةً أخرى بالمال أو الأسهم أو بالديون المستحقة أو خليط كل ذلك.

من المعتاد في الصفقات الصغيرة أن تستحوذ شركة ما على كل أصول الشركة المباعة، أي تشتري الشركة أ كل أصول الشركة ب مقابل المال أو الديون إن وُجدت، وتصبح الشركة ب هيكل شكلي فقط، وتُصفّى لاحقًا أو يُغيّر نشاطها.

هناك نوع آخر من الاستحواذ يعرف بالاندماج العكسي، ويعني تحويل الشركات الخاصة إلى شركات عامة مساهمة خلال فترة قصيرة نسبيًا، يحدث هذا عندما تكون هناك شركة خاصة لها آفاق واعدة وتحتاج إلى بعض التمويل، فتشتري شركة عامة مساهمة بدون أنشطة معروفة وأصول محدودة، نرى هنا أن الشركة الخاصة اندمجت عكسيًا مع الشركة العامة المساهمة وأصبحتا شركة واحدة عامة مع أسهم قابلة للتداول.

خامسًا: طريقة تقييم الشركات عند الاندماج أو الاستحواذ

تقيم كل من الشركتين -المشتراة والشارية في الصفقة- الشركة المشتراة كل على طريقته، فتحاول الشركة المشتراة تقييم الشركة بأعلى سعر ممكن، بينما تقيمها الشركة الشارية بأقل سعر ممكن.

يمكن -لحسن الحظ- تقييم الشركة موضوعيًا عبر دراسة الشركات المماثلة العاملة في الصناعة نفسها، ويسري التقييم اعتمادًا على المعايير التالية:

 نسبة سعر السهم إلى الأرباح

تستخدم الشركة الشارية نسبة السعر إلى الأرباح لتقديم عرض شراء يمثل أضعاف أرباح الشركة المشتراة، مقارنة هذه النسبة بنسب الشركات الأخرى في الصناعة نفسها يعطى إرشادًا جيدًا لقيمتها.

 نسبة قيمة الشركة إلى المبيعات/الإيرادات

باستخدام هذه النسبة، تعطي الشركة الشارية عرضًا للشراء قيمته أضعاف إيرادات الشركة، مع الأخذ في الحسبان النسبة نفسها للشركات الأخرى في الصناعة نفسها.

 التدفقات النقدية المخصومة DCF

هي إحدى الأدوات الرئيسية في عمليات التقييم، تحدد تحليل التدفقات النقدية المخصومة القيمة الحالية للشركة تبعًا للتقديرات المستقبلية للتدفق النقدي، هذه التقديرات للتدفقات النقدية تحتسب كما يلي: (الدخل الصافي + الإهلاك – النفقات من رأس المال – التغير في رأس المال العامل) وتخصم من القيمة الحالية للشركة باستخدام تكلفة رأس المال المرجح للشركة WACC، ومن المسلم به أن هذا صعب، ولكن من الصعب إيجاد طريقة أخرى تنافسها.

 تكلفة الاستبدال

في بعض الحالات، تحدث عمليات الاستحواذ بناءً على تكلفة استبدال الشركة المستهدفة بالشراء، لتبسيط الأمر، لنفترض أن قيمة شركة ما هي مجموع قيمة المعدات والقوى العاملة، تعرض الشركة المستحوذة شراء بقيمة تكلفة الاستبدال أو قد تؤسس شركة أخرى بقيمة العرض نفسها، طبعًا تأخذ الشركة الجديدة وقتًا أطول لتأسيس هيكل الإدارة وشراء المباني وكذلك شراء المعدات وتركيبها، ليس لطريقة التقييم هذه قيمة في قطاع الخدمات لأنه من الصعب تقييم الأفكار ومهارات الأشخاص.

سادسًا: الفروق بين الاندماج والاستحواذ

الاستحواذ عملية تمتص فيها شركة شركة أخرى بداخلها، ويستخدم مصطلح الاندماج عندما تتحد الشركتان لتكوين كيان جديد كليًا، ولأن كل عملية استحواذ أو اندماج تختلف تفاصيلها في كل صفقة، فقد نرى بعض العوامل المشتركة بين العمليتين.

سابعًا: لماذا الاندماج والاستحواذ بين الشركات؟

تعد المنافسة والنمو أهم محركات الرأسمالية، عندما تواجه إحدى الشركات بعض المنافسة، يجب أن تخفض التكاليف وتعمل على الابتكار في الوقت نفسه، وأحد الحلول هو الاستحواذ على الشركات المنافسة حتى لا تشكل تهديدا لها، تستحوذ الشركات أو تندمج أيضًا من أجل النمو، فتمتلك خطوط الإنتاج وحقوق الملكية الفكرية ورأس المال البشري وقاعدة العملاء.

تميل الشركات أيضًا إلى تظافر الجهود من طريق دمج الأنشطة التجارية لتحسين كفاءة الأداء الجمعي وتقليل التكاليف الإجمالية، إذ تستفيد كل شركة من نقاط قوة الشركة الأخرى.

ثامنًا: الاستحواذ غير الودي

الاستحواذ الودي هو الغالب في معظم الصفقات، و يحدث عندما توافق الشركة المباعة على الصفقة وكذلك مجلس الإدارة، وتكون الصفقة في مصلحة الطرفين. أما الاستحواذ غير الودي فيسمى عادة الاستيلاء أو الاستحواذ القسري، ويحدث عندما لا توافق الشركة المستهدفة بالشراء على الصفقة، فتستحوذ الشركة الأخرى عليها عبر السعي لشراء أكبر عدد ممكن من الأسهم حتى تحصل على حصة تضمن لها السيطرة على الإدارة، ما يعني فعليا الاستحواذ على الشركة.

تاسعًا: كيف يتأثر أصحاب الأسهم عند الاندماج أو الاستحواذ؟

في الأيام الأخيرة قبل إنهاء مثل هذه الصفقات، تتأثر أسهم الشركة الشارية سلبًا مؤقتًا، وفي الوقت نفسه، تشهد أسهم الشركة المباعة ارتفاعًا، يحدث هذا عادة لأن الشركة الشارية تنفق من رأسمالها لإتمام عملية الشراء بسعر أعلى من سعر السهم للشركة المباعة قبل الاستحواذ، بعد إتمام الاستحواذ أو الاندماج رسميًا، عادة يتجاوز السعر الجديد للسهم السعر القديم قبل عملية الاستحواذ في كلتا الشركتين، وفي غياب أي صعوبات اقتصادية يتمتع أصحاب الأسهم بأداء أفضل للشركة عوضا عن أرباح الأسهم.

يجب أن نلاحظ هنا أن وزن أصوات المساهمين في كلتا الشركتين قد يقل بسبب زيادة عدد الأسهم والمساهمين بعد عملية الاندماج، تبرز هذه الظاهرة في عمليات الاندماج عن طريق الأسهم مقابل الأسهم عندما تدفع الشركات ثمن الصفقة على صورة أسهم في الشركة الأولى مقابل الاستحواذ على أسهم مقابلها في الشركة الأخرى، مع الأخذ في الحسبان تقييم نسبة سعر سهم الشركة الأولى مقابل سهم الشركة الأخرى، فتتأثر القوة التصويتية لأصحاب أسهم الشركة الأولى قليلًا سلبًا، بينما تتأثر القوة التصويتية سلبًا أكثر لأصحاب أسهم الشركة المباعة بسبب عددهم الصغير مقابل أصحاب أسهم الشركة الأكبر.

عاشرًا: ما الفرق بين الاندماج الأفقي والرأسي أو الاستحواذ؟

التكامل الرأسي والأفقي هي استراتيجيات متنافسة تستخدمها الشركات لتوحيد وضعهم في مواجهة المنافسين، التكامل الأفقي هو الاستحواذ على شركة لها نشاط مشابه، حين تجري شركة ما عملية التكامل الأفقي، فإنها تستحوذ على شركة تمارس النشاط نفسه في سلسلة التوريد، ومثال ذلك استحواذ شركة «ماريوت العالمية» على شركة «ستاروود للفنادق والمنتجعات».

يرجع التكامل الرأسي إلى عملية الاستحواذ على نشاط تجاري يتخذ موقعًا رأسيًا في سلسلة التوريد لنشاط الشركة، الشركة التي تجري عملية التكامل الرأسي تسعى إلى السيطرة على مرحلة أو أكثر من مراحل الإنتاج أو التوزيع لأحد المنتجات، فشركة «أبل» -مثلًا- استحوذت على شركة «أوثين تيك»، التي تصنع حساسات بصمة الإصبع، التي تزود بها الشركة هواتف أيفون.

اقرأ أيضًا:

الاستحواذ على الأسهم

أشهر أربع كوارث من الاندماج والاستحواذ

ترجمة: محمد علي

تدقيق: سمية بن لكحل

مراجعة: حسين جرود

المصدر